تحاول سارة تشيرشويل تتبعها استخدام مصطلحي "أميركا أولًا" و"الحلم الأميركي" في الصحف والكتب وخطابات السياسيين، وهدفها إلقاء الضوء، ليس على ماضي البلاد فحسب، وإنما على واقعها السياسي اليوم.

إيلاف: بينما يميل معظم المؤرخين إلى الحديث عن أفعال العظماء وتصرفاتهم، فإن سارة تشيرشويل، أستاذة الأدب الأميركي في جامعة لندن، تتعامل مع الأمر وفق منظور مختلف. فأبطال كتبها ليسوا أشخاصًا، وإنما تعبيري "أميركا أولًا" و"الحلم الأميركي".

شعار سياسي
من خلال تتبعها استخدام هذين المصطلحين على مر السنين في الصحف والكتب وخطابات السياسيين، أوضحت أن هدفها إلقاء الضوء، ليس على ماضي البلاد فحسب، وإنما على واقعها السياسي اليوم. يكفي معرفة أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أطلق حملة ترشحه للبيت الأبيض من خلال إعلانه أن "الحلم الأميركي مات"، فضلًا عن استخدامه مصطلح "أميركا أولًا" بمنزلة صيحة أراد بها حشد الأنصار.

في كتابها "ها، أميركا: التاريخ المتشابك لأميركا أولًا والحلم الأميركي" Behold, America: A History of America First and the American Dream (المؤلف من 384 صفحة، منشورات بلومسبوري، 21 جنيهًا إسترلينيًا)، نوهت تشيرشويل بأن التعبيرين يتم استخدامهما على مدار ما يقرب من قرن، ويحظيان بتنوع أكبر مما هو شائع، مضيفة أن الحلم الأميركي يميل هذه الأيام إلى استحضار سعي الأفراد وراء الثروات، لكن المصطلح برز في العصر التقدمي بمعنى معاكس تمامًا، وهو "حلم العدالة الاجتماعية والمساواة في مواجهة الأحلام الفردية للطموح والنجاح الشخصي".

ثم قامت بعد ذلك كل فترة تالية باختراع الحلم الأميركي الخاص بها وفقًا للظروف والمتغيرات السائدة. ولطالما استخدم تعبير "أميركا أولًا" في غضون ذلك شعارًا سياسيًا في كثير من التطبيقات.

إحياء الحلم
في محاولتها نسج خيوط العلاقة بين التعبيرين، بتنقلهما في ما بينهما خلال فصول الكتاب المختلفة، بدا من الواضح أن تشيرشويل اعتمدت في بعض الأحيان على وصلات هشة بين الخيوط التي نسجتها، وفق ما ذكرته مجلة إكونوميست.

ورغم نشر كتب أخرى تحاول استدراك تلك العلاقة وتسليط الضوء عليها، لكن كتاب تشيرشويل جاء بطابع تعليمي وصدر في توقيت ملائم.

ختمت تشيرشويل بقولها إنه يمكن طمأنة منتقدي ترمب إلى حد ما بأن الضجيج المثار حول تعبير "أميركا أولًا" سبق أن حدث من قبل مرارًا وتكرارًا، وإن كانوا سينزعجون أيضًا بقبح بعض من ذلك التاريخ.&

أما بالنسبة إلى الحلم الأميركي، فقد رثته تشيرشويل، بعدما رأت أنه أصبح متحجرًا وتافهًا، موضحة أن الأميركيين كانوا يحلمون في السابق على نطاق واسع، مستحضرة أفكار الديمقراطية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية. وفي مقابل استيائها الواضح من ترمب، ربما توافقه تشيرشويل في فكرة أن إحياء الحلم قد يساعد على جعل أميركا رائعة من جديد.
&
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "إكونوميست"، الأصل منشور على الرابط:
https://www.economist.com/books-and-arts/2018/10/13/america-has-often-come-first-but-its-dream-has-shrunk
&
&
&