في سابقة فريدة من نوعها وتعد الاولى في العراق، ازيح الستار عن تمثال للممثل الفنان سليم البصري في حدائق القشلة ضمن شارع المتنبي ببغداد،نفذه النحات فاضل مسير، بحضور اسرة الفنان الراحل وعدد كبير من المثقفين والادباء والفنانين ووسائل الاعلام،حيث يعد الفنان البصري (ملك الكوميديا العراقية) واطلق عليه لقب (فنان الشعب)، وهو اول تمثال لممثل عراقي !!.

واعرب العديد من الفنانين والادباء عن ارتياحهم لهذه المبادرة التي تؤكد قيمة الفنان – الممثل في المجتمع العراقي بعد ان كانت التماثيل لا تقام الا للسياسيين ، واشاروا الى ان هذه المبادرة هي التفاتة نبيلة لفنّان كبير، معتبرين هذا العمل راقيا لان مصممه ومنفذه عراقي ، ولكون العمل يرمز لشخصية عراقية عاشت في وجدان العراقيين نحو نصف قرن وما زالت حاضرة في واقعه على الرغم من رحيله عن الدنيا لاكثر من عشرين عاما كونه ممثلا عفويا وتناول الهموم العراقية بشكل ممتع، وكونه يمثل رمزا من رموز الفن العراقي، بعدما كسب حب واحترام الجمهور لموهبته وعطائه، حتى طبع ابداعه في ذاكرة الشعب العراقي.

تجربة كبيرة

وأكد المدير العام لدائرة الفنون العامة في وزارة الثقافة والسياحة والاثار الدكتور علي عويّد دعمه لأي فكرة أو مبادرة تصب في تخليد أشهر الفنانين والمثقفين والمبدعين، ممن اسهموا في إثراء الحركة الثقافية والفنية في العراق، بأعمال نحتية تتماهى مع منجزهم الفني والابداعي.

وقال : أن النصب يحمل الكثير من الدلالات التي تشير الى اهمية ورقي الفن التشكيلي العراقي، إذ كان الفنان المبدع فاضل مسير مميزاً جداً بان يضيف الملامح، وحتى الحركات التي كان يعتمدها الفنان الراحل سليم البصري في التمثيل.

واضاف: نحن امام تجربة كبيرة، فالعمل هو تجربة كبيرة للفن التشكيلي العراقي، داعياً الفنانين التشكيليين العراقيين الى التوجه لدائرة الفنون في وزارة الثقافة والسياحة والاثار، فالأبواب مفتوحة للتواصل مع الجميع، واذا كانت هناك بعض الملاحظات ؛ سيجلسون لإزالتها. وأشار بالقول الى: أن هناك فكرة من عائلة الراحل سليم البصري ونقابة الفنانين، وبدعم من دائرة الفنون، لإقامة أكثر من نصب وبنفس النسخة أو مصغرة في شبكة الاعلام العراقي ونقابة الفنانين العراقيين.

ارتفاعه 275 سم

التمثال انجزه النحات العراقي، المغترب في بلجيكا، فاضل مسير ، حيث بدأت الحكاية اتفاق بين النحات ونجل الفنان الراحل (عقيل) المقيم في لندن، الذي طلب منه أن يعمل (ماكيتا) لوالده بشخصية (غفوري) التي جسدها في مسلسل (النسر وعيون المدينة) ، وبالفعل قام بانجاز الماكيت اعجب فيه ابن الفنان الراحل ، وشرعت مجموعة من العراقيين المقيمين في الخارج بالتبرع بتكاليف هذا العمل، وقام النحات مسير في اول الامر بنحت التمثال من مادة الطين ثم ذهب الى الصين لصبه من البرونز، ويبلغ ارتفاع التمثال 275سم ما عدا قاعدته وهو من مادة البرونز .

تحية واستغراب

الى ذلك استغرب الكاتب والمخرج السينمائي علي حنون ان تفرض الحكومة العراقية ضريبة على دخول التمثال الى العراق، وقال : المبادرة رشت علينا مياه الغبطة البارد في قيظ هذا القحط الثقافي.. فالبصري والجيل الذي عاصره هم الذين وضعوا أبجدية الدراما التلفزيونية العراقية وهم الذي بذروا بذرتها الأولى فأصبحت غابة وارفة عشنا وما زلنا نعيش تحت ظلالها.

واضاف : ما هذا النصب الا نزرا يسيرا من دينا لهذا الرجل في أعناقنا..، فقد أجاد النحات الفنان فاضل مسير أيما اجادة في هذا التمثال شبه كامل ونسب متناسقة وحركة توحي بديناميكية بينة، اما كلفة التمثال تحملها ابن اخ الفنان سليم البصري اضافة إلى بعض محبي هذا الفنان كما أن النحات قدمه عمله مجانا.

تابع: ساهمت الحكومة العراقية مشكورة بانها منعت دخول التمثال الذي تم صبه في الصين بحجة الكمرك أو غيرها من الحجج غير البرىئة ولم تنته القصة إلى بعد دفع ثلاثة آلاف دولار ، لا ندري بأية صيغة دفعت، فدخل التمثال إلى العراق !!.

بادرة ايجابية مهمة

من جهته قال الفنان والاكاديمي في كلية الفنون الجميلة محمود موسى : اعتبر بادرة اقامة تمثال للفنان والممثل الكبير الراحل سليم البصري هي بادرة ايجابية مهمة تؤسس لتقاليد مؤسساتية تتمثل باحترام الفنان وتخليد دوره الابداعي وهي أشبه بصحوة ضمير لرد اعتبار الفنان بشكل عام ولسليم البصري هذا الممثل العملاق والاستثنائي في الذاكرة الجمعية للشعب العراقي .

واضاف: وتكمن أهمية التمثال بكونه التمثال الأول لممثل عراقي ، نتمنى أن تتبع هذه البادرة مشاريع أخرى لفنانين كبار مثل ناظم الغزالي أو طالب القرغولي ورياض أحمد كي نصدق بأن حكومتنا تحترم الفن ولا تحرّمه .

يذكر ان الفنان سليم البصري ،وهو ممثل وكاتب سيناريو ولد في بغداد عام 1926 وتوفي في عام 1997، كتب العديد من المسرحيات والاعمال التلفزيونية والسينمائية وابرز اعماله مسلسل (تحت موس الحلاق)، و(النسر وعيون المدينة)، و(الذئب وعيون المدينة) .. احب

الجمهور طريقة ادائه ومازال يتفاعل مع اعماله رغم مرور عشرات السنين. يلقبه المشاهدون بـ (حجي راضي) لدوره المتميز في المسلسل الاكثر شهرة (تحت موس الحلاق)، ويلقبه النقاد بملك الكوميديا التلقائية وفي آخر سنوات حياته انزوى في بيته بعيداً عن الأضواء احتجاجا على تردي الواقع الفني حتى رحيله .