بقلم&&نايلة ناصر


في "ضوء آخر" يكتب الصديق شوقي مسلماني رعب العالم شعراً، يغضب، يصرخ، يئنّ، يتألّم، راوياً أوجاعنا وعاهاتنا وخيباتنا، أو يطوّقنا بالصمت، بالأحرى يطوّقنا بفضاء مرسوم عبر كلمات قد لا تصل أحياناً الى جملة، وإن وصلت فلكي يدفع بنا دفعاً ملحّاً للتفكير، وإكمال ما بدأه هو في أوّل الصفحة. "ماذا تفعل يا سليل الفراغ"؟، يسأل شوقي ص12، ويترك لنا صفحة بيضاء لعلّنا نكمل ما بدأه، أو لعلّنا نضيف الى السؤال سؤالاً، أو نحاول أن نجد، أقول نحاول، لأنّ الأجوبة المحتملة تبدو لنا، في كلّ مرّة، عصيّة في الغالب أمام خواء العالم وسواده الرهيب الذي يرسم تضاريسه شوقي مسلماني. تذكّرت منذ بداية العدوان الجديد على غزّة "ضوء آخر"، ورحت أبحث عنه بين رفوف الشعراء لأستعيد قصيدة عن غزّة. وجدته اليوم في سلّة أحملها كلّما ذهبت الى البحر أو المسبح. كان ديوان شوقي يرتاح في قعر السلّة منذ شهر حزيران الماضي، لأنّني حملته حتماً معي في آخر فسحة صيفيّة قبل قِعْدَتي المؤلمة. يكتب ص19: "أليس هذا ما جرى مع فلسطينيي غيتو غزّة \ أيّامَ أعياد الميلاد ورأس السنة 2008 ـ 2009؟ \ ما هو الفارق بين الموت بالغاز \ والموت بالفسفور الأبيض"؟. وهكذا دواليك، يمرّ شاعرنا على الجنح والجنايات، على العنصريّة، على الحروب، وعلى "العين الثالثة \ المقتلة عن سابق إصرار"، يمرّ على الدمّ والشظيّة، على الأوبئة، وعلى كأس محطّم، "وفي النفق \ ليل طويل \ ينام". ولكن رغم كلّ هذه القَتامة والقلق الوجودي البليغ هناك دائماً، بين صفحة وأخرى، ضوء آخر عند شوقي: "راشيل كوري"، "جورج حبش"، أسماء مضيئة، وأيضاً حقوق العمّال، و"حقوق المرأة \ التي على ظهرها مجرة"، و"أنامل رقيقة \ وعيون طفلة \ وضوء آخر ينبض". ديوان مليء بالحبّ للإنسان، كلّ إنسان . شكراً شوقي.