عبد المجيد آيت مينة من الرباط: أعلن "بيت الشعر في المغرب" عن فوز الشاعر اللبناني وديع سعادة بــ"جائزة الأركانة العالمية للشعر" لسنة 2018، في دورتها الثالثة عشرة.

وتكونت لجْنَة تحْكيم الجائزة، في دورة هذه السنة، من الناقدين عبد الرحمن طنكول (رئيسا) وخالد بلقاسم، والشعراء رشيد المومني، نجيب خداري، مراد القادري، رشيد خالص وحسن نجمي، الأمين العام للجائزة.

وستُمْنحُ الجائزة مصحُوبة بدِرع الجائزة وشهادتِها إلى الشّاعر الفائز في حفلٍ ثقافي كبير، ينظم في 6 فبراير المقبل بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، بالرباط، عِلاوة على إحْياء الشّاعر المتوّج لأمسية شعرية يوم السبت 9 من ذات الشهر، ضمن فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب بمدينة الدار البيضاء.

جمالية عالية

وقال "بيت الشعر في المغرب" إن الجائزة قد آلت، في دورة هذه السنة، لوديع سعادة لأنه "قدّم، طِيلة نِصف قرنٍ، مُنجزاً شِعريّا متفرّداً أسْهم، بجماليتِه العالية، في إحْداث انْعطافةٍ في مسار قصِيدة النّثر العربيّة وفتْحِها على أفقٍ كوني يحْتفي بالشّخصي والإنساني والحياتي".

وزاد "بيت الشعر في المغرب" في بسط حيثيات الفوز: "في مزيجٍ مكثّفٍ، مدْهِشٍ، من البلاغة الرومنطيقية المُتأخرة، ومن الفانتازيا، ومن الشّذرية، ومن السّردي والسير ذاتي، يُقطّرُ وديع سعادة نصُوصَه بلغةٍ شديدة الصّفاء، مُحاولا إعادة ترْكيب الحياة، مُمجّدًا الغِياب والعابرين، في قلقٍ وجُودي عمِيق، آسر، يُضيءُ العدَم ويُعانِقه، ويُؤنْسِنُ الطبيعة والأشياء".

نثر الحياة

وأبرز "بيت الشعر في المغرب" أن وديع سعادة "أعْـلن مبكّراً، في مجمُوعته الأولى "ليس للمساء إخوة" انْكسار زجاجة العالم في يَده، دأبَ على بِناء عوالِمه، وشُرُوخ ذاته، داخل الهشاشة، والحلم، والوهم، والنّبرة الخافتة، والحِكمة، والجنُون، وضجِيج الصّمت، وحَطب الذكرى، ملاحِقـا الأثر الذي يـذوبُ ويزُول. هو الذي انتمى إلى عديدِ الأمكنة، وإلى اللاّمكان، ليكتبَ أسْطورة المَنافي ويمْحُوها، ليكتب أسْرار الماء والغابة، ليتذكّر الشّجر والحَجر والريحَ والذّئب الذي يُطاردُ الخرُوف في قـلب الشّاعر. قصيدتُه انفلتت، باكراً أيضاً، من إسَار عمُود الشعر، لتُلامِس رحَابة الشّعر في نثْر الحياة وتَحرّرها وتمرّدها. وتعلّم أنّ ماءَ الشّعر لن ينْساب فِي أعْطاف القصيدة إلاّ حين يقُولُ ذاتَه. وهكذا كانت سِيرته هي شِعْره، لا شيء خارجَها، حيث يرتَطِمُ الشّعْر، دومًا، بالشّاعر، في جدلٍ حميم، تتعدّدُ ألوانُه وظِلاله وأضْواؤُه، وتتحوّل، وتتباعد لتتلاحم وتتناغم أكثر فأكثر... فتصير نبْعًا، منه تنْبجِسُ قطرةُ الشّعر وإليه تعُود".

هواء مستعمل

ولد الشاعر وديع سعادة، يوم 6 يوليو 1948 في قرية شبطين، شمال لبنان. عمِل في الصحافة العربية في بيْروت ولندن وباريس وأثينا ونيقوسيا، قبل أنْ يُهاجر مع أسرته إلى استراليا أواخر العام 1988. ومازال يُمارس الصحافة في العاصمة الأسترالية سيدني، ويكتب في عددٍ من صُحف ومجلات الوطن العربي.

وصدرت للشاعر مجاميع شعرية، بينها "ليس للمساء أخوة" (1981) و"المياه المياه" (1983) و"رجل في هواء مستعمل يقعد ويفكر في الحيوانات" (1985 و"مقعد راكب غادر الباص" (1987) و"بسبب غيمة على الأرجح"(1992) و"محاولة وصل ضفتين بصوت" (1997) و"نص الغياب" (1999) و"غبار" (2001) و"رتق الهواء" (2006) و"تركيب آخر لحياة وديع سعادة" (2006) و"من أخذ النظرة التي تركتُها أمام الباب؟" (2011) و"قل للعابر أن يعود، نسيَ هنا ظلَّه" (2012).

وقد منح الشاعر وديع سعادة، سنة 2011، "جائزة ماكس جاكوب" الفرنسية الشهيرة عن الأنطولوجيا التي أعدّها له وترجم نصوصها أنطوان جوكي، وصدرت عن دار "أكت سيد" الباريسية (سلسلة "سندباد") بعُـنوان "نصُّ الغياب وقصائد أخرى"، وضمّت مُختاراتٍ من مجاميع وديع سعادة الشّعرية بمقدمة للشاعر صلاح ستيتية.

عن "الأركانة"

سبق أن فاز بهذه الجائزة، التي تبلغ قيمتها المادية اثني عشر ألف دولار ، والتي أحدثها "بيت الشعر في المغرب" عام 2002، ويمنحها بشراكة مع مؤسّسة الرّعاية لصندوق الإيداع والتدبير وتعاوُن مع وزارة الثقافة والاتصال، شعراء مغاربة وعرب، ومن خارج الجغرافية العربية، نذكر منهم المغاربة محمد السرغيني (2005) والطاهر بن جلون (2010) ومحمد بنطلحة (2016)، والفلسطيني محمود درويش (2008)، والعراقي سعدي يوسف (2009)، والصيني بي داو (2003)، والأميركية مارلين هاكر (2011)، والإسباني أنطونيو غامونيدا (2012)، والفرنسي إيف بونفوا (2013)، والبرتغالي نونو جوديس (2014)، والألماني فولكر براون (2015)، وشاعر الطوارق محمدين خواد (2017).