لندن: زيّن الكاتب أوليفر ناشتوي غلاف كتابه الجديد "أزمة ألمانيا الخفية" Germany’s Hidden Crisis (منشورات فيرسو، 15 جنيهًا استرلينيًا) بصورة لسيارة فولكس فاغن بيتل التي تعد شعارًا لمهارة التصنيع التيوتونية منذ حقبة هتلر، وهي تسقط من فوق منحدر صخري. فهل قصد أوليفر من وراء ذلك أن يبين أن الدولة التي اعتادت فرض قيمها على عملائها من الدول الضعيفة تمر بأزمة؟

قال &ناشتوي في كتابه إنه وعلى الرغم من أن ألمانيا أغنى دول القارة العجوز، ففيها أكبر عدد من الفقراء العاملين مقارنة بأي دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي، موضحًا أن عاملًا من بين كل 4 عمال هناك يتقاضى أقل من 9.30 يورو كحد أدنى للأجور، وأن كثيرين منهم يطلبون دعم الدولة ليتمكنوا من تلبية متطلبات المعيشة المتزايدة.

مصطلح جديد

في سياق الحديث، تابع ناشتوي تأكيده أن ألمانيا التي كانت تتباهى بما يميزها على صعيد الحراك الاجتماعي، صارت متصلبة مثلها مثل بريطانيا، وهو ما دعا ناشتوي إلى نحت مصطلح جديد يوضح هذه الوضعية، وهو مصطلح "التماثل"، الذي لا يمكن اعتباره ردًا من الجانب الألماني على احتفالات العام الجديد في اسكتلندا، وإنما الظاهرة التي يتزوج فيها الأزواج من غيرهم من ذوي الوضع الاقتصادي المتماثل. &&

كما تطرق ناشتوي إلى فكرة أن الخوف يحدد الطموحات المهنية، مشيرًا في أجزاء من الكتاب إلى أن ثلث الطلاب الجامعيين في ألمانيا تنتابهم مخاوف كبرى في واقع الأمر من الانضمام إلى "مفهوم البريكاريا" المتعلق بتطلعهم لشغل وظائف حكومية.

لفت ناشتوي إلى أن بداية تدهور الأمور ترجع إلى تاريخ 15 أغسطس 1971، حين دفن الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون نظام ما بعد الحرب بإيقافه التزام بلاده تحويل احتياطات الدولار إلى ذهب، حيث اعتبر أن ذلك اليوم هو الذي ولدت فيه النيوليبرالية، واصفًا صدمة نيكسون بثورة رأس المال، بدلًا من الثورات الطلابية التي وقعت قبلها بثلاثة أعوام، لكن كانت أكثر نجاحًا بشكل كبير.

الأزمة نفسها

أضاف ناشتوي أن ثورة رأس المال استدعت حتى المستشار الديمقراطي الاجتماعي غيرهارد شرودر أن يتحول إلى شرير بإطلاقه بيان السياسة الخاصة بجدول أعماله في عام 2010، والذي أفضى إلى حدوث أكبر تخفيض في ألمانيا بفترة ما بعد الحرب في ما يتعلق بخدمات الرعاية الاجتماعية. لفت إلى أن العولمة ورفع الضوابط التنظيمية عن الأسواق في أعقاب صدمة نيكسون كان لها دور في مساعدة دول منها بريطانيا، التي ازدهرت في الغرب المتوحش بسبب التحرر المالي، وفتحت أسواقًا جديدة للصادرات الألمانية.

لكن الكاتب نوه في الوقت نفسه بأنها تسببت كذلك في تدمير ألمانيا الديمقراطية القائمة على المساواة الاجتماعية، والتي تتسم بالمفاوضة الجماعية واسعة النطاق، وتوفير الرعاية الاجتماعية التي تحظي بتقدير مثقفين من ذوي الميول اليسارية، مثل يورغن هبرماس.

كما لفت ناشتوي إلى مفارقة أخرى ذات صلة، وهي أن الرفاهية في مرحلة ما بعد الحرب كانت شرطًا مسبقًا ضروريًا لتحقيق حسن عيش الفرد، لكن هذا الفرد نفسه، في ظل النيوليبرالية، هو من أوقف نمو دولة الرفاهية. وخلص ناشتوي إلى أن ألمانيا تمر حاليًا بأزمة مشابهة تمامًا للأزمة التي تمر بها بريطانيا، وأنها لا تتفوق عليها إلا في تصنيع السيارات.

&أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "غارديان". الأصل منشور على الرابط:

https://www.theguardian.com/books/2018/dec/21/germanys-hidden-crisis-social-decline-heart-europe-oliver-nachtwey