&

عُثر مؤخراً على نصٍ لم ينشر سابقاً للكاتب المكسيكي كارلوس فوينتس يتحدث فيه عن صديقه الحميم السينمائي لويس بونويل.
&
كان الذهول قد أصاب كارلوس فوينتس وهو يشاهد "المنسيون"، فيلم المخرج السينمائي لويس بونويل (1900، كالاندا/ إسبانيا –& 1983 مدينة مكسيكو)، فلم يتوان حينها في نشر إعجابه بالفيلم في أول نقدٍ له في مجلة الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك. كان ذلك في العام 1952، عندما بدأ يتابع أعمال بونويل السينمائية بشغف، وليزداد إعجابه به في الأعوام اللاحقة، حتى تمكن الروائي الأزتيكي (1928، بنما – 2012 مدينة مكسيكو) ومعه خوان غويتيسيلو من إقناع لجنة تحكيم مهرجان فينيسيا السينمائي، عام 1967، لأن تمنح للمخرج السينمائي جائزة الأسد الذهبي عن فيلمه "جمال اليوم".& & &&
ومن بين الكتب التي تتناول السيرة الذاتية للمخرج الإسباني، أو التي تتضمن اللقاءات التي أُجريت معه، تبرز أهمية البعض منها بسبب من محاولتها التقرب من فكر صاحب أشهر الأشرطة الفلمية، مثل "فيريديانا"، "يوميات خادمة"، و"سحر البورجوازية الخفي". واليوم، يضاف إلى هذه القائمة عنوان كتاب لم ينشر من قبل، كان قد عثر عليه خافيير إيريرا، المتخصص والباحث الأول في أعمال المخرج الإسباني. ويحمل الكتاب عنوان "لويس بونويل أو نظرة ميدوسا"، وهو من تأليف كارلوس فونتس، الكاتب المكسيكي الشهير والذي تحوّل إلى أقرب المقربين من بونويل وأكثر إحاطة بتفاصيل حياته. وإكتشف إيريرا الكتاب بين أرشيف الروائي المكسيكي الذي تشرف عليه جامعة برنستون، والتي تحتفظ أيضاً بالمراسلات المتبادلة بين لويس وفوينتس. ومن خلال هذه الأوراق المنسية سوف نقف أمام لويس بونويل الذي يعبّر عن موقفه حول كل شئ، وبلا حدود، بينما تستعد باريس لشهر مايو/ آيار الذي غيّر كل شئ. ويتابع فوينتس خطواته من المكسيك وباريس وإسبانيا والبندقية، من أجل كتاب لم يكتمل.

مراسلات حميمة
وفي حيثيات النص الذي تمّ العثور عليه، يتحدث بونويل عن نفسه، ويكشف لنا عن أقنعته، المعروفة منها والمخفية. على سبيل المثال، يكتب السينمائي لفوينتس معترفاً: "أنا روائي فاشل إنتهى به الأمر لأن يكون مخرجاً سينمائياً. الإخراج ينهكني تماماً، وفوضى العمل تخنقني هي الأخرى: رجال الكهرباء، وطاقم التمثيل، والمصورين، والملقنين، والمشرفين على المكياج، ومصففي الشعر، وفريق الإضاءة. كان حلمي أن أنغلق على نفسي وأكتب مثل راهب. لكنني لا أملك الموهبة اللازمة. ولا حتى لكتابة الرسائل، حيث تأخذ مني كتابة رسالة بسيطة عدة أيام، ومن ثم تنتهي على هذه الشاكلة: "صديقي العزيز، أكتب إليك لأن والدتي كتبت تقول لي أنها لا تستطيع مكاتبتك، وتطلب مني أن أكتب إليك لأنه ليس بمقدورها الكتابة إليك".
وقد عرف فوينتس كيف يكسب ود بونويل، لذلك تراه يتحدث بكامل حريته، وبصراحة تؤكد على أنه في أعوام الستينات، وفي الوقت الذي كان بونويل محور كتاب فوينتس، كان لا يزال ذلك المتمرد، وذات المخرج الذي ولج باب السوريالية في عام 1929 مع سلفادور دالي من خلال شريطه الفيلمي القصير "كلب أندلسي". وخير مثال على ذلك، عندما يشير الروائي إلى الديناميت، "قلت أنه لمن المفرح لك إحراق اللوفر". كان ردّ السينمائي قد جاء واضحاً "بلى، عندما يقول أحدهم أن حياة إنسان لا تعني شيئاً على الإطلاق، وأنها كمثل نملة أمام كنوز المتحف. لكنني في ذات الوقت، كنت سأطلق النار على من يقول أن حياته أهم بكثير من اللوفر".
ويتذكر بونويل مرحلة شبابه، سنوات التألق تلك في قسم الطلبة والصداقة التي كانت تربطه بفيديريكو غارسيّا لوركا وسلفادور دالي. وفيما يتعلق بالشاعر الغرناطي يتذكر بونويل اللحظات التي كانوا يتنكرون فيها بملابس الراهبات. وأما دالي فيحمّله بونويل مسؤولية طرده من متحف الفن الحديث بنيويورك، عقب إتهامه في الصحافة الأمريكية بالعداء لرجال الدين.
في هذا الكتاب، يسجل فوينتس كل شئ ويتحول إلى متخصص في عالم بونويل. وبفضل تدقيقه الشديد في كل ما يتعلق بصديقه الحميم، نعثر بين صفحات البحث وصفة بونويل، وهي عبارة عن كوكتيل يتكون من مزج مشروب الجن مع كاربانو ومارتيني، الذي غالباً ما كان يعجب أصدقاء السينمائي الذين كانوا يزورونه في مكان إقامته في المكسيك. ونكتشف أيضاً، بين صفحات الكتاب، أن بونويل كان يهوى جمع للأسلحة، وكان صاحب ترسانة تحتوي على بنادق قديمة تعود إلى القرن السادس عشر، إضافة إلى أسلحة من الطراز الحديث.& & & & & & &&
&