يفشي كريس كريستي الكثير من الأسرار في كتابه الأخير، خصوصًا كل ما يتعلق بجاريد كوشنير وستيف بانون وغيرهم ممن مرّوا في البيت الأبيض، وغادروا إدارة دونالد ترمب.

إيلاف: حين التقى كريس كريستي ودونالد ترمب للمرة الأولى على عشاء في أحد مطاعم مانهاتن. بادر رجل الأعمال العقاري وقتذاك إلى طلب الوجبة التي سيتناولها كريستي بالنيابة عنه.&

طلب ترمب من النادل أن يقدم إلى كريستي صحن "إسكالوب" بحري محروق مع شرائح الضأن المحمّرة. فقال لترمب إن لديه حساسية من الإسكالوب البحري، كما يكتب كريستي، الذي أصبح حاكم ولاية نيو جيرسي، في مذكراته الصادرة حديثًا بعنوان "دعني أنتهي: ترمب وآل كوشنر وبانون ونيو جيرسي وقوة سياسة المواجهة" Let Me Finish: Trump, the Kushners, Bannon, New Jersey and the Power In-Your-Face Politics.

يضيف كريستي: "كنتُ دائمًا أكره لحم الضأن". وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، فمذكرات كريستي كتاب سطحي وثقيل، يحاول أن يغطي أشياء كثيرة في وقت واحد، وهو سلسلة من الهجمات والتبريرات، وقراءته كمن يراقب أخطبوطًا يحاول أن يعزف على آلة القربة الإسكتلندية.

لدينا مشكلة!
الكتاب تذكير بأن كريستي كان المرعب السياسي المفضل لكثير من الأميركيين قبل فضيحة الجسر في نيو جيرسي، التي سُمّيت بريدج غيت، وقبل الانتخابات الرئاسية في عام 2016، وقبل أن تُنشر صوره وهو يستمتع بحمّام شمس على شاطئ خاص خلال غلق إدارات في ولايته في عام 2017. &

ولأن كريستي كان أعلى المرشحين صوتًا، وأقواهم سلاطة لسان، كان أكبر الخاسرين من صعود ترمب. إنتبه كريستي إلى الخطر على الفور. تقول "نيويورك تايمز" إنه أخبر زوجته بعد المناظرة الأولى بين المرشحين الجمهوريين: "لدينا مشكلة". وبعد انسحاب كريستي من السباق، أصبح أول حاكم ولاية يؤيّد ترشيح ترمب.

حافظ كريستي على صداقته القديمة مع ترمب، وأصبح أحد مستشاريه المقرّبين. وبحسب تقديره، كان في أحيان كثيرة الراشد الوحيد في الغرفة، وكاد يُرشح لمنصب نائب ترمب. تصدى له جاريد كوشنر صهر ترمب مرات عدة. فعقد كريستي العزم على الانتقام منه، حتى إنه ساعد على إرسال والد كوشنر، رجل الأعمال العقاري في نيو جيرسي، تشارلز كوشنر، إلى السجن، في قضية تهرّب من الضرائب والتلاعب بإفادات شهود.&

يكتب كريستي في مذكراته، مستندًا إلى ستيف بانون، أن جاريد كوشنر كان "مهووسًا بتدميري". وكل كرسي يجلس عليه كريستي كان مفخخًا بمصيدة تحته.

قال الأكاذيب عني
لكن كريستي يركز سهامه في هذه المذكرات - تقول "نيويورك تايمز" إنها من تأليف كاتب شبحي اسمه أليس هنيكان - يركز سهامه على بانون، الذي مر وقت تولى فيه إدارة حملة ترمب. فهو يسمّي بانون شخصًا "معجبًا بنفسه" "والوحيد بين من إلتقيتهم الذي يستطيع أن يبدو دعيَّا وفِراشًا غير مرتَّب في آن واحد".

يتهم كريستي غريمه بانون بقول أكاذيب عنه إلى الصحافي بوب وودوارد وإعلاميين آخرين. والأهم أنه ما زال يشعر بالغضب الشديد من رفض بانون ومستشارين آخرين خطة كريستي لنقل مقاليد الإدارة إلى ترمب.

تضمنت الخطة قائمة بالمرشحين لكل وزارة، بعد تدقيق سيرهم الذاتية والمرشحين للعديد من المناصب الحساسة الأخرى، كما يقول كريستي في مذكراته عن خطة الانتقال التي أعدّها في 30 جزءًا. وأن يتوقع أحد من مستشاري ترمب الآخرين قراءة 30 جزءًا، خصوصًا من إعداد كريستي، كمن ينتظر من القرود أن تبدأ بطباعة أعمال شكسبير، على حد تعبير "نيويورك تايمز".

أسوأ خطأ
يكتب كريستي عن خطة الانتقال: "كانت لدينا خطة ليوم واحد، وخطة لمدة 100 يوم، حين تباشر الإدارة مهام عملها، وكانت لدينا خطة لمدة 200 يوم بعد ذلك". لكن ترمب كان لا يريد الحديث عن مرحلة نقل الإدارة. قال لكريستي: "أنا وأنت أذكياء، ويعرف أحدنا الآخر منذ زمن طويل، ونستطيع إنجاز الانتقال كله معًا، إذا غادرنا حفلة النصر قبل ساعتين من انتهائها". يرى كريستي أن الاستهانة بخطته كانت خطيئة إدارة ترمب الأصلية. في النهاية، لم يكن ترمب موفقًا في اختياراته حين شكل طاقمه، بحسب كريستي.

يكتب كريستي: "لو أن ترمب استمع إليه، لأقال جيمس كومي الذي كان وقتذاك مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي في الأيام الأولى من إدارته، وليس لاحقًا". وبحسب بانون، فإن إقالة كومي كانت أسوأ خطأ في التاريخ السياسي الحديث.

تلاحظ "نيويورك تايمز" أن كل ما يراه من يقلب صفحات المذكرات هو كريستي مرددًا "هذا ما قلته لك". فهو قال لترمب إن الجنرال مايكل فلين مصدر متاعب، وقال لترمب أن يكفّ عن التهجّم على خضر خان، النجم الذهبي المسلم في أميركا، وكريستي الوحيد الذي كان يستطيع أن يقول لترمب إن أداءه كان هزيلًا في تلك المناظرة أو تلك. يكتب كريستي أن ترمب "كان يحتاج شخصًا من عالم السياسة يستطيع أن يتحدث إليه، وكوني صنوًا له كان جزءًا أساسيًا من الدور الذي قمتُ به".

ليس صوفًا أو حريرًا
تقول "نيويورك تايمز" إن شعور كريستي بأنه مصيب في كل لحظة شعور متعب للقارئ. وكعمل أدبي، هذا الكتاب "نايلون وليس صوفًا أو حريرًا"، على حد وصف الصحيفة، ناقلة ما يقوله كريستي عن علاقته بشقيقه خلال نشأتهما: "كنا نتعارك. كنا نضحك. كنا نلعب".

ترمب يسلم من سهام كريستي، الذي يمدحه بوصفه أبًا، ويكتب: "إنه يعرف من هو وبماذا يؤمن. وله فهم ثاقب لما يشعر به المواطن البسيط، ويتمتع بولاء استثنائي من مؤيديه، ولديه مهارات فريدة في التواصل". ويعتقد كريستي أن الوقت لم يفت على ترمب لتصويب الأمور.

تتساءل "نيويورك تايمز" إن كانت مذكرات كريستي مناشدة للعودة إلى إدارة ترمب على مستوى رفيع أم منطلقًا للترشح على الرئاسة في عام 2020 إذا انسحب ترمب، وإن كان الناخبون يريدون عودته. وتقول الصحيفة إن الكتاب الذي يروّج فيه كريستي نفسه لا يقدّم حجة مقنعة.
&
&
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "نيويورك تايمز". الأصل منشور على الرابط:
https://www.nytimes.com/2019/01/28/books/review-let-me-finish-chris-christie.html