هذا الكتاب تذكير مؤثر بأن الحب يمكن أن يتواجد حتى وسط المأساة، أو في وسط المحرقة، كما تروي هيذر موريس في كتابها "موشّم أوشفيتز".
&
إيلاف: "موشّم أوشفيتز" أول كتاب لهيذر موريس، كتبت فيه عن أحد أكثر الموضوعات إثارة للجدل في التاريخ: الهولوكوست أو محرقة اليهود.&

ومن أجل أبحاثها، ولأكثر من ثلاث سنوات، أجرت مقابلة مع لالي سوكولوف، عندما كان عمره بين 87 و90 سنة، وهو يهودي سلوفاكي، أُطلق عليه اسم لودفيج أيزنبرغ عند ولادته. صيغت القصة بشكل مثير، لسرد تجارب سوكولوف الذي سُجن في "أوشفيتز" في عام 1942 حين كان في الخامسة والعشرين من عمره.

تم تقسيم الناس إلى صفّين بمجرد وصولهم إلى أوشفيتز: أولئك الذين يعتبرون مناسبين للعمل، وأولئك الذين ينبغي قتلهم على الفور. ووُضع سوكولوف في الصف الأول، فقد أوكلت إليه مهمة وضع أرقام الوشم على أذرع السجناء القادمين.

التقى سوكولوف للمرة الأولى بغيتا فورمان، زميلة سلوفاكية، عندما شرع نحو مقدمة الصف الذي وقفت فيه لتحصل على وشمها. حاولت أن تتكلم، لكن سوكولوف أسكتها، ووضع عليها 3 ثم 4 - 9 - 0 - 2. ثم رفع عينيه، وعندما اجتمعت عيونهما، طوّر سوكولوف شعورًا شديدًا بالعطف العميق عليها. وتزوج الثنائي في ما بعد، وانتقلا إلى ملبورن، في أستراليا، حيث ربّيا ابنهما معًا.

قصة سوكولوف
من المثير للاهتمام، أن الحقائق تتناغم مع الخيال في مشاهد، مثل مباراة كرة القدم بين السجناء، وحراس القوات الخاصة. من الصعب بعض الشيء الاعتقاد أن حراس القوات الخاصة، الذين كانوا يفكرون في أن السجناء هم دون البشر، يرغبون في لعب مباراة لكرة القدم معهم!.

تقول موريس إن الكتاب ليس قطعة تاريخية أكاديمية غير واقعية. إنها قصة سوكولوف. وفي حين أنها توافق على أن الآخرين قد يملكون فهمًا مختلفًا للوقت الذي تم فيه تأليف الكتاب، إلا أن منظور سوكولوف هو المهم في نهاية المطاف. يمكن أن يكون أحد الأسباب الرئيسة لنجاح موشم أوشفيتز هو حقيقة أن هذه الحكاية "الخيالية" تقوم على التاريخ والأشخاص الحقيقيين.

على الرغم من أنه في بداية الكتاب، قيل لسوكولوف إن "جريمتك هي أن تكون يهوديًا"، فعندما أصبح موشمًا، اكتسب حرية الحركة لأنه أصبح رسميًا جزءًا من الذراع السياسية لحرّاس القوات الخاصة.

ساعدت هذه القوة الظاهرة سوكولوف على دعم أشخاص آخرين، بمن فيهم حبه غيتا ومساعده ليون، الذي قطعت أعضاؤه التناسلية من قبل السادي جوزيف منغيله، النازي السيئ السمعة، الذي تمادى بشدّة في التجارب على البشر، والذي غالبًا ما كان يخيف سوكولوف، ويهدد بأخذه، لكنّه لم يتمكّن من ذلك، لأن قائد المعسكر لم يعطه الإذن.

عندما يصل القراء إلى نهاية الكتاب، سيجدون معلومات إضافية وتفاصيل أساسية حول القصة الحقيقية. هذا القسم بالتحديد يعطي الكتاب عمقًا أكبر.
&
أزعجها الوشم
يثير الكتاب أسئلة مهمة، مثلًا: إلى أي درجة يُعتبر إخبار الحقائق الأساسية بدقة وبشكل صحيح مسألة ملحّّّّة بالنسبة إلى الروايات التي تدور حول حادثة كارثية مثل الهولوكوست.

من جهة، العدد غير الصحيح لأوشام فورمان لا يفسد قصتها بأي شكل من الأشكال، لأنها كانت مسجونة فعلًا في أوشفيتز لثلاث سنوات، حيث التقت بزوجها المستقبلي.

من جهة أخرى، قد يستخفّ القراء الذين كانوا متواجدين هناك بالكتاب، لأنه سيجعلهم يشكّكون في ذاكرتهم وقصتهم. غاري سوكولوف، ابن لالي وغيتا، اعترف بنفسه بأن الكتابة الإملائية الخاطئة لـ "لالي" في الرواية قد أربكه. يتذكّر غاري أيضًا كيف أن الوشم أزعج والدته كثيرًا، حتى إنّه حرمها من النوم، وأخيرًا أزالته في في العقد السادس من عمرها.

يعود إلى القارئ اختيار الطريقة التي تناسبه لتفسير الكتاب. سوف يراه البعض مذكرات، والبعض الآخر قصة حب، وآخرون خيالًا تاريخيًا، لكنّ الجميع سيوافقون على أن السياسة والدين يؤدّيان دورًا كبيرًا في القصّة.

وكما يقول بيبان، فنّان الأوشام السابق، لسوكولوف: "إنّ السياسة سوف تساعدك على فهم العالم لدرجة عدم فهمه، وبعد ذلك ستجعلك مرميًا في معسكر السجن. السياسة والدين على حد سواء".
&
&
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع "فايننشيال إكسبرس". الأصل منشور على الرابط:
https://www.financialexpress.com/lifestyle/book-review-the-tattooist-of-auschwitz-by-heather-morris-zaffre/1456033/