صدرت للشاعر العراقي مهدي القريشي مجموعته الشعرية التي تحمل عنوان (تجاعيد الماء) عن دار الروسم للصحافة والنشر والتوزيع بغداد/ شارع المتنبي، وهي المجموعة الخامسة للشاعر .

يقع الكتاب في 126 صفحة من القطع المتوسط ، وتضمنت (33) قصيدة ، ضمنها ما يشبه الملفين ، الاول تحت عنوان (كتاب السيرة) والثاني (كتاب الحرب) ،تزين الغلاف الاخير للمجموعة الشعرية لكلمات للناقد فاضل ثامر حيث قال : (لست معتادا على كتابة مقدمات لدواوين اصدقائي الادباء ومؤلفاتهم، لاني افضل التعامل مع النص المطبوع او المنشور الذي اصبح ملكية مشاعة للقارئ. لكن (اعترف لكم) باني لم استطع مقاومة اغراء كتابة بضعة اسطر وانا اقلب صفحات ديوان الشاعر مهدي القريشي الموسوم (تجاعيد الماء) , وهو ديوانه الرابع. لقد وجدت ان الديوان يتفجر بالشعر والسخط والسخرية معا, بدءا بالعنوان وانتهاء بالنصوص التي حاولت ان تنزل (قصيدة النثر) من عليائها ولا اقول من (برجها العاجي) الى الدهاليز السفلى للحياة اليومية, والى تفاصيل الوجع العراقي الذي لا ينتهي)، واضاف (الشاعر يفاجئك بانزياحات اسلوبية وبلاغية واستعمارية تجعلك تشعر بصدمة التلقي الوامضة, لكنك في النهاية تشعر بالامتلاء الروحي حيث ثمة فيض شعري ورؤيوي يرحل بك من قاع الطين الدبق الى فضاءات التخيل والحلم والامل معا)، واسم المجموعة مأخوذ من اح نصوصها الذي يحمل (تجاعيد الماء) لكنه في النص كان يشير الى عنوان فرعي بعنوان (نزهة فوق نهر الغراف) وهو نص طويل يتكون من ستة مقاطع ، فيه اشراقات ذلك المكان الجميل :

(الغراف يقسم المدينة كالفسطاط ويحضنها كفم يرضع ثدياً!

سمّي غرافاً لأنه يغرف من بطنه ماء للعطشى لحظة يجف التين

ويخرس البلبل وتميل المآذن نحو وصايا الأزمنة الجافة

ذاك الصوب ممتلئ بالنخل والقرويات وهذا الصوب متخم

بالشعر وأغصان الزيتون ).

لم تتضمن المجموعة اهداء ، بل ان الشاعر افتتحها بما اطلق عليه (بدلاً من الإهداء) قال فيه :

(لعنة ...

على اللاهثين صوب اغواءات الفرجة

على مروجي ( حكمة ) نهاية سعادتنا : الموت

على جذور تلبط في نفايات مقدسة

على الواقفين بظل حائط آيل على ظل الله

على خمر لا يسكر

على نساء متشحات بفتاوٍ تتكسر عطشاً

على إحلام تتشبث بصفاتها

اللعنة ...

عليَّ لعدم إجادتي أبجدية هذا الزمن

فاندحاري كحماقاتي بليغ ..)

هذا المفتتح يؤكد ان الشاعر انه يعلن احتجاجاته الصارخة التي تشير الى غضبه مما يحدث على ارض الواقع العراقي المتخم بالاحزان المنهك بالخطايا ، يرسم علامات ترتجف من عناء القلق الذي ينتابه وهو يرى الاشياء تتداعى لاسباب يعلمها جيدا .

في نصوصه يستعرض الكثير من الالام ، ابتداء من (لطفاً أيها القلقُ، ماذا دهاكَ، تسيرُ في شوارعِنا ،بخشوع ناسكٍ،وتشرب من ينبوعِ اللذة،وتشيرُ إلى جثثِنا المعلقة،وهي تتصبب خجلاً)، مرورا بـ (الطرقاتُ التي تناسلَتْ خديعةً، لَوتْ أقدامنا باتجاهِ المقابِرِ ..، الطرقاتُ التي في أسفلِ الدمعِ ..،طرقات أطراف المدينة..،الطرقاتُ الموحشةِ لقلةِ سالكيها..خجولةٌ) مثلُ أشرعةٍ خانتها الريحُ) ، ذهابا الى (ايها الواقفون بانتظار الرصاص... المطرِ، الى متى تنتظرون على التل؟، الى المساء؟،أنا الذي رآه يتقيأ مسلته،وينحني الدخان خجالً من اخضرار شفتيه، هو سيد كل شيء،هو مجبر على ارتداء نصف غيمة،احتفاءً بشمس تموز..)، وصولا الى ( البلاد التي تلعب في حضن الموت ،عاريةٌ، تنام بعين واحدة، تتحشرج في حنجرتها نفايات الموسيقى،خوفاً من يقين الظلام...هي بلادي) عبر العديد من النصوص التي تنثال برقتها وعنفوانها وهي تحلق بايقاعات هادئة حتى وان كانت عصارتها الوجع ،حيث لا بد من التأمل للصور التي يرسمها بكلماتها بعناية (أحدهم أقسم بسليمان القانوني.. لما تعلن صلاة الفجر يهتز الزورق في الماء ويتعرى الماء في النهر وتحمر شفاه النهر من مضغ كلمات الليل ونلتصق كسكارى بقش فحولتنا ويتجمد اللحم الطازج بين أيادينا).

هذه هموم حياتية ، ينسجها الشاعر بمنواله ، نصوص تتدفق بالسلاسة ، تحكي قصصا عاشها الشاعر في مختلف يومياته يكثف فيها سرده ليعلن حالة التأمل والمتعة في القراءة ،، اما في ما عنونه بـ (كتاب السيرة) الذي يضم اربعة نصوص منها فهناك جماليات تتدفق ، وفي (كتاب الحرب) الذي يضم ثمانية نصوص نقتطف منها نص سيطرات :

(ممالك،

أمراء

توّجتهم الحروب خوذها

يشيعون الكسل في قطار الوقت

ليسرتقوا الصمت لانفجار

الشك في ساحة اليقين)

صدر للشاعر المجاميع التالية

1. اليد الحافية 1995

2. اخطاء / دار الورقاء للطباعة والنشر/ بغداد 1997

3. انا واحد وانت تتكرر / دار الشؤون الثقافية/ وزارة الثقافة العراقية / بغداد/ 2005.

4. الشعر العراقي الان/ مجموعة شعراء.