يقدم هنري لويس غيتس &في كتابه "الطريق الوعرة" درسًا في التاريخ عن التغاضي أو التواطؤ. وذلك من خلال توثيق كل ما يدل على درجاتٍ عاليةٍ من الفوقية لدى العرق الأبيض في السياسة الأميركية.

إيلاف من بيروت: يتطرّق كتاب "الطريق الوعرة" Stony the Road للكاتب هنري لويس غيتس إلى موضوعٍ ما زال راسخًا في الذاكرة الجماعية لدى الأميركيين، ويضع العنصرية العرقية في الواجهة من جديد.

فاستنادًا إلى الكتاب، ما زالت هذه المعضلة تؤدي دورًا في اختيار طبيعة الحكم الملائم للبلاد في الوقت الحالي، حتى لو لم يتم التطرّق اليها بشكلٍ واضحٍ.&

يبني الكتاب مقاربةً بين عهد باراك أوباما وعهد دونالد ترمب بالنسبة إلى مفهومهما للحكم في الولايات المتحدة. فعهد أوباما هو عهد إعادة الإعمار، وعهد ترمب هو عهد انتصار عنصرية العرق الأبيض على العرق الأسود المتمثل بحركة النيو نيغرو.&

يبرز في الكتاب الجهد الذي قام به الأفارقة الأميركيين ابتداءً من القرن العشرين، والذين حبكوا من خلاله عدًا عكسيًا للعنصرية والفوقية لدى العرق الأبيض. وانطلاقًا من هذا التحليل، يعرض "الطريق الوعرة" بديلًا منطقيًا للقومية البيضاء التي تسيطر خلال عهد ترمب.

سنوات أخيرة&

أخذ الكاتب غيتس عنوان كتابه من واحدة من الآثار الثقافية الأكثر رسوخًا واستمرارية لحركة النيو نيغرو، وهي اغنية "ليفت إفري فويس أند سنغ" التي تم تأليفها في عام 1900، وما زالت معروفة حتى اليوم بوصفها النشيد الوطني للنيغرو.&

ما زال استعمال كلمة "نيغرو" هنا قائمًا، لأن الكلمة كانت مقبولةً في فترة تأليف الأغنية وانتشارها. وتعود الأغنية إلى تاريخ العبودية والإقصاء - الماضي المظلم والطريق المتعرّج، وتحث الأميركيين السود إلى البقاء في المسار نفسه الذي يقودهم إلى التحرير، وتشجعهم على التشبث بايمانهم بالله والأرض.&

خلال سرد غيتس للفترة التي امتدت على عقدين من الزمن، يثبت أن عام 2017 هو أسوأ عام شهدته هذه الحركة.

كراهية مستترة

يمنح الكتاب درسًا في التاريخ عن التغاضي أو في اللغة الحالية، التواطؤ. وذلك من خلال توثيق، بالصور والنصوص، كل ما يدل على درجاتٍ عاليةٍ من الفوقية لدى العرق الأبيض في السياسة الأميركية.

مثال على هذه الفوقية، المدح الذي قام به الرئيس وودرو ويلسون لفيلم "ولادة أمة" الذي تم عرضه في البيت الأبيض في عام 1915، والذي يعبّر عن الفوقية لدى العرق الأبيض والخوف من السود، ويتماشى مع أفكار منظمة كلو كلكس كلان السرية.&

عند استذكار هذه المشاهد القوية، يشرح غيتس ما عانى منه السود في بداية القرن العشرين. ويبدو أن كتاب "الطريق الوعرة" يشجعهم على التمسك مجددًا بالأمل. وجردة الصور النمطية البشعة والقاسية المعروضة في الكتاب، إضافة إلى الإعدامات والتعذيب، تضع عصرنا الحالي مباشرةً تحت المجهر.&

محاولة فاشلة&

يضع غيتس صورة رهاب السود في المواجهة مع الثقافة التي انتجتها النيو نيغرو نفسها، ويتكلّم عن صور فوتوغرافية لعائلات وصور لوجوه نساء ورجال من المزيج الأفريقي - الأميركي، يتميزون طبعًا ببشرةٍ فاتحة اللون نسبيًا ويطلون بملابس أنيقةٍ على صفحات المجلات الدورية المخصصة للسود.

يقول غيتس إن فوقية العرق الأبيض انتصرت هنا أمام المحاولات الفاشلة لتحسين صورة السود من خلال ربطها بالشخصيات التي نجحت في الحصول على النبل والسلطة والمال في المجتمع وبالتالي تغيير الصورة التي كانت قد رسّختها مخيّلة فوقية العرق الأبيض في الأذهان.&

يشرح غيتس السبب: الهوّة التي تفصل بين السود والبيض هي أبعد من الشكل الأنيق، والشعر الأملس، والملابس، والبشرة الفاتحة أو أعلى الشهادات والدرجات العلميّة. وكل ما تم ذكره لا يشكّل منافسةً مع فوقية العرق الأبيض.&

المشكلة الأكبر هي أن عددًا كبيرًا من النساء والرجال السود لم يحق لهم بالتصويت بعد الحرب الأهلية، بينما كانت السلطة السياسية معطاةً للبيض على الصعيد المحلي، كما على نطاق الولاية والأمة.
ففيما قد يرى البعض في النيو نيغرو لغة أمل جميلة، يقول غيتس إن التعبير الثقافي الذي تقوم به لا يمكنه أن يمحو الحرمان. لذلك، حتى الآن، تميل الدفة نحو اختيار إعادة الإعمار. & &&

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "نيويورك تايمز". الأصل منشور على الرابط:

https://www.nytimes.com/2019/04/18/books/review/stony-the-road-henry-louis-gates.html