في مدينتي الحبيبة

مدخل شارع السدر

نقطة حراسة

متر مربع مؤطر بألواح الخشب،

وحارس

و"بطلنا": الكلب

كل مساء، ثمة وردية

يقدم الحارس إلى مقره،

صحبة الكلب،

قبيل الغروب

يتوكل فيجلب ما تيسر من شاي أو قهوة

بعد أن يحكم عقال الكلب

بسلسلة

فيبسط الأخير ذراعيه في كسل

وعيناه تسبحان في وسن

فيحسبه المارة جهلا

أن قد هلك من وهن

.. هيهات !

"بطلنا" مقتدر في تقسيم الجهد

فالجهد في بلادنا الربح ورأس المال

إذن، فهو ثروة كما يقال

وما إن يخفت ضوء الشمس

حتى ينتفض "بطلنا" الصنديد

باسما في وجوه العابرين

صدقات من وعيد

"بطلنا" معجز في تشخيص دور المطيع

يري سيده في رقي

أرقى سمت العبيد

فيعلو نباحه صوت محركات السيارات

والحافلات والشاحنات

وعلى صوت المعلق الرياضي في المقهى المجاور يعلو

وعلى صخب التشجيعات

يدخل في معركة ضارية من المراءاة

فيندفع، على مرأى من السيد،

نحو قدم كل من تجرأ الخطو القريب

يكاد يقتلع معه جذر السلسلة الحديد

ولسان حاله اللاهث يقول:

"أن يطعمني ربي العظمة،

هذا أقصى ما أتمنى"

والسيد غير عابئ

كأن لا كلب له

وعلى يقين هو الكلب

أن السيد لا قلب له !

لكن، دون السيد

الكلب لا عيش له

قال لي بعد أن صرخ في يوما

أنت تفك لكل واقع رمزا كان له

أنا يا سيدي- نعم هكذا قال-

كما أنتم، أؤدي دورا في المسرحية

كلنا، ههنا، دواب

نرعى الكلأ

ننتظر الملك

لكن، ثمة شيء تسمونه: المكانة الاجتماعية

فأنا كلب شريف

أكسب لقمة عيشي

بلعابي المنساب

أزرع خوفا.. أزرع رعبا

في نفس اللص

وفي قلب القس

وفي روع المرأة والطفل

فأنا المهاب

ليعم الأمن الآفاق

هذه عقيدتي الحياتية

أنا الحيوان العاقل

أنا الذراع الأيمن لسيدي

وإن كان أعيا من باقل !

أنا رمز الاستقرار

يا شاعر ستائر الظل المنسية !

وحين عدت إلى مدينتي الحبيبة، ولم أجده،

سألت عنه

فوجدته

كأي موظف محترم،

وجدت الكلب،

في إجازة صيفية !