حَالَفَنِي الْحَظُّ وَاضِعًا الْكَأْسَ الْمُقَدَّسَةَ فِي طَرِيقِي؛ فَأَخَذْتُ بِضْعَ رَشَفَاتٍ، كُلُّ رَشْفَةٍ مَسْبُوقَةٍ بِصَلَاةٍ: صَلَّيْتُ قَبْلَ الرَّشْفَةِ الْأُولَى لِلنِّسْيَانِ؛ كَيْ يَضَعَ عَنْ كَاهِلِي أَوْزَارَ عُمْرٍ يَدْنُو مِنَ الْخَمْسِين، صَلَّيْتُ قَبْلَ الثَّانِيَةِ لِلْحُبِّ الَّذِي طَالَمَا خَذَلَنِي وَطَالَمَا سَامَحْتُهُ، صَلَّيْتُ قَبْلَ الثَّالِثَةِ لِكُلِّ مَهْجُورٍ، وَقَبْلَ الرَّابِعَةِ لِكُلِّ الْأَشْيَاءِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي - فِي غَفْلَةٍ مِنَّا - تَمْلَؤُنَا بِالْحَنِينِ، صَلَّيْتُ قَبْلَ الْخَامِسَةِ لِفَرْجِ اِمْرَأَةٍ - مِنْ غَرْبِ آَسْيَا - أَرَتْنِي كَيْفَ يَضْحَكُ فِي تَمَامِ الْبَدْرِ، وَكَيْفَ يَبْكِي فِي الْمُحَاقِ، وَكَيْفَ يَقْنِطُ فِي الْخُسُوفِ! بَيْنَمَا أُفَكِّرُ فِي صَلَاةٍ قَبْلَ الرَّشْفَةِ السَّادِسَةِ، دَهَمَتْنِي أَنْفَاسُ بَرِئٍ أُدِينَ وُعُذِّبَ؛ فَتَقَيَّأْتُ مُفْرِغًا دَاخِلِي لِمَا تَرْعُدُ بِهِ سَمَاءٌ أَفْقَدَهَا الْغَضَبُ صَوَابَهَا: اِخْسَأْ يَا هَذَا، مَالَكَ وَأَسَاطِير الْأَوَّلِين؟!