تحذير


عزيزتي القارئة، عزيزي القارئ

لا أريد تعكير صفو يومكما

بما سيلي من بحر آلام

فإن حصل وأقدمتما..

فالتمسا لصديقنا، نحن الثلاثة،

العذر

وارجوَا له من ربه عظيم الغفران

مع التأكيد على أن القصيدة هذه

لا تناسب أبدا

الجمهور الناشئ

***

حسنا، لنقرأ:

وفق سنن الطبيعة في الحياة

رزقت بعد تسعة أشهر من يومها

بقصيدة

لم تقو قريحتي

على حملها

أكثر

وهذا ما كنت أخشاه أكثر

أن يجيئني المخاض

إلى جذع نخلة ذكرى

أضأت المصابيح قلقا مضطربا

ونزلت الدرج سريعا

قاصدا المشفى

فلم أجد وقودا في السيارة تقلني

لا، ولم أجد سيارات أجرة ليلية

ولما وصلنا سبقتنا ابنتي

تطل برأسها من عنق الرحم

فقال الطبيب: لا حاجة بعد تدعو

إلى عملية قيصرية

***

رن المنبه قبل اليوم بيوم

فعقدت العزم

غاديا إلى مصيري

عاري اليدين والصدر

مفرطا في جرعات

من عقار الأمل

إلى أن وقفت على حلمي

مشنوقا رأيته على شباك روحي

فقلت: .. الآن ما العمل؟

***

قلت: أقطع البلاد

من جنوبها إلى شمالها

فأضع استقالتي من الحياة هناك

حتى أبلغ "وطني" طول جراحي

.. لا، بل أمضي إلى جوار مدينتي

وألقي بنفسي

بين فكي ماكنة إتلاف النفايات

أو أهدي جسدي

لصديقي البحر

شريك الذكريات

أو أطوق عنقه بحبل

ثم أزيح بقدمي الكرسي

توأما لحلمي

مشنوقا، كما رأيت،

على الدفة الأخرى للنافذة

أو أبتلع ربع كيلوغرام من الأدوية

فأهنأ بنومة

أخيرة بلا تالية...

***

في نهاية المطاف،

وأيا كان عليه،

وجدوا جسدي

لملموه بعد الدمع

وأودعوه لحدي

والبعض، مثلي،

لم يفق بعد من هول النبإ

والبعض إلى اليوم

يعيش على الأمل أن في الغد يلقاني

.. وبعد أيام وشهور

صرت شاهدا صامتا

على صنيع من دفنوا رفاتي

لألحظ أن الحياة استمرت

عادية بعد حياتي!

فلا الشمس غضبت لمصرعي

ولا السماء بكت لوفاتي

وأني كلما ذكرت

قال القوم: ويا للعجب!

دون أن يكلفوا أنفسهم عناء السؤال

عن: ما كان السبب؟!

وأن من وضعت استقالتي على مكتبهم

أهملوها

وبعد أن ألقوا نظرة أخيرة عليها،

دون أن يقرأوها،

إلى جانب المهملات ألقوها،

تماما كما فعلوا بجثتي،

فيا حسرتي

للمرة الثانية..

ماذا فعلت؟!

وكم فرحة كانت

لقلوب من صانوا ذكراي،

لغيابي،

حسرة في صدورهم إلى الأبد

حبست...

***

على هامش شهادتي

أخط ما لم تضمه ورقتي:

قراري لم يكن أبدا جبنا

على ما فيه من أنانية.. نعم، أقر

لكني ببساطة لم أُخير!

أفليس الاختيار روح المسؤولية؟!

لذا اخترت طريقة أخرى

لأسمع الصوت

وإن عدت، لا تقلقوا، لن أعيد الكرة

فحلوة هي الحقيقة المرة

حين لم تسلم الجرة

وغريبة هي الحياة

لكن منها هو أغرب

هذا الموت