عاين الباحث الدكتور حامد أحمد الدبابسة فكر الحب والاخلاق في فكر إبن حزم الاندلسي، في محاضرة له بمقر الجمعية الفلسفية الاردنية بعمان مساء امس الثلاثاء.
وقال الدبابسة؛ إن ابن حزم شكل حالة متفردة في الثقافة العربية، فقد كان فقيهاً ظاهرياً يرفض كل المناهج التي تتجاوز المصادر الأساسية للشريعة الإسلامية، ومع ذلك تبنى عدداً من الآراء والمفاهيم والمواقف الفلسفية التي تتسق مع المفهوم الفلسفي اليوناني وخاصة ما قبل سقراط وبعض الآراء الأفلاطونية والرواقية، والتي شكلت مع فهمه الديني نظرته الفلسفية تجاه النفس وطبيعتها وقواها، كما شكلت أساساً لنظرته في الحب والأخلاق.
وأضاف، ان إبن حزم أثبت أن النفس موجودة من خلال عدد من الأدلة العقلية والنقلية، ومما تميز به في نظرته للنفس قوله إن "النفس جسمية، وقد أورد على قوله عددأ من الأدلة العقلية والشرعية"، مضيفا، إن "هذه النفس هي نفس واحدة بقوى متعددة أبرزها قوة الغضب والشهوة، وقوة الجهل، وقوة العدل، وقوة الفهم، وقوة العقل والتمييز، ومما تتميز به النفس أنها سابقة على الجسد، ومع ذلك فهي حادثة وليست قديمة".
وقال، إن ابن حزم ناقش التجربة الإنسانية في الحب والاخلاق في كتابيه طوق الحمامة في الألفة وفي كتاب الأخلاق والسير على ما بينهما من فوارق زمنية وشخصية في التأليف، مبينا أن تجربة الحب هي في جوهرها ذاتية تتفاعل مع المفاهيم والسلوكات الفردية القائمة أساساً على النفس الإنسانية وما تتميز به من قوى، وعلى تفاعلها ضمن النسق الاجتماعي بكل ما فيه من تنوع وغنى وفروقات.
وبين إبن حزم بحسب الدبابسة، أن تجربة الحب تتكون في ماهيتها من عالمين متوازيين هما عالم الروح وعالم الواقع، عالم الفردية الذاتية وعالم المجتمع بكل عاداته وتقاليده وسلوكاته التي تنعكس على التجربة إيجابياً وسلبياً، فتحدد بالتالي إطار هذه التجربة نحو الغنى والازدهار أو نحو الذبول والموت، وتنعكس من ثم على فهم الفرد المحب بالخضوع لكل المحددات الاجتماعية من العذال والمراقبين والوشاة والنمامين والمساعدين والرسل.
وأوضح أن إبن حزم رأى أن فعالية الحب تجربة إنسانية اجتماعية في واقعها ضمن سياق الفردية التي تشكل في النهاية التجربة الإنسانية المتكاملة، وبالتالي تحدد أخلاقيات الحب وما ينبغي أن تكون عليه هذه التجربة قبل الخوض فيها وخلال معاناتها وبعد الخوض فيها سواء أكانت ناجحة أم فاشلة، مشيرا إلى أنها تعيش حالة من الجدل مع الواقع تؤثر فيه وتتأثر به. (بترا)