السيد الموت،
الليلة أهجسُ بكَ. وغداً يأتي العيد، ولا حاجة لجرس المنبه كي يوقظني.
زجاج البيت يلمع رغم العتمة
لاغبار على رفوف المكتبة وشاشة التلفزيون. البيت أنيق، لن يربكني قدومك ضيفاً على غفلة

لا بدّ أن تصل جائعاً. قد تنصرف إلى الثلاجة، منشغلاً عن جسدي النّاضج
الأدراج مليئة بخضار طازجة، بطيخ ودجاج. قد يروقكَ مذاق اللبن المخلوط بالكرز. ربما تلطّخ أصابعكَ بقالب الكعك المعجون بالجبنة الحلوة، الأطباق الخالية من الكوليسترول والشّحوم. قطرميز العسل على الرّف الثاني، بجواره زجاجة نبيذ معّتق، وشوكولاته سوداء...
باب غرفة النوم مفتوح. الخزانة بلا أقفال. تصرّفْ كما لو أنّك في بيتك.
وفيما أنت هناك أسترقُ النظر إليك، أراكَ. أراك تجرّب قمصاني، بيجامتي، وبنطال الجينز الجديد؟ تلبس أحذيتي، وتختال أمام المرآة . انتبه، الحذاء ذو الكعب المسمار لن يريح أصابع قدميك في رحلتك الطويلة.
تفتح زجاجة عطر مختومة اشتريتها لحبيبي حين يصل ذات شتاء. لتذهب زجاجات العطر كلها إلى الجحيم. رائحة جسمه أطيب من كلّ العطور المحلية والمستوردة
أراك تفرد شّراشفي البيضاء التي لم أنم فيها. تغفو أيها الموت السيد، وكأنكَ بلا سرير منذ الأزل
هدير يلف أعماق القلب. أهي قصيدة تحاول النجاة من الموت ريثما أعيد النّظر في هذه الدنيا والتالية.
أكتب مساراً جديداً لحياة قد أمضيها برفقة زائر غريب، وأشد غرابة من مخيّلة شاعر حاز على نوبل أو ما زال يحلم بها
السيد الموت،
كأنك شاعر لا يعبأ بالجوائز التي حصدها، هل سأتعرف عليك اليوم أكثر؟
أتراكَ أشقر الشعر، أخضر أم أحمر العينين، محروق البشرة، على وجهك خدوش قديمة وجديدة. أصابعكَ هشّة كأصابع الكتّاب الذين يحصدون شهرة من الكتابة عن الحياة وعنكَ، إلى أن تقتطفهم على غفلة!

وعلى الأرجح أنكَ أعمى أيها الموت، فقير في مهارات التواصل مع الآخرين، معبأ بالشكوك حول جنسكَ، هويتكَ
لاهوية لكَ.
أميٌ ولا تقرأ القصيدة.

السيد الموت،
أعرف أنك ستقطف وردتي اللامرئية
أضعُ نقطة في آخر السّطر. أطفىء الأضواء والكمبيوتر
لا أنتَ الآن هنا، ولا حبيبي!
*
النص من مجموعة شعرية بعنوان: جسد واحد وألف حافة.
جاكلين سلام، شاعرة وكاتبة ومترجمة سورية كندية. صدر لها خمس مجموعات شعرية. ولها كتابات متفرقة في أهم الصحف والمجلات العربية وفي المهجر الكندي. تعمل في حقل الترجمة.

[email protected]
Facebook page: Jackleen Salam Hanna