نورة البدوي/ تونس


أعادتنا جائحة كورونا اليوم بشكل أوبآخر إلى ما يطلق عليه بأدب الأوبئة الذي يذكرنا برواية مثل: "الحب في زمن الكوليرا" لغابريال غارسيا ماركيز"، لتتفجّر جمالية الحب في بؤرة «الكوليرا» و ما سببته من فناء، أو رواية "الطاعون"للكاتب "ألبير كامو"،إضافة إلى رواية «عيون الظلام» لمؤلفها "دين كونتز"، و التي كانت بما يُشبه النبوءة إلى زمنٍ مُحدّد (2020) ومكانٍ مُعيّن (يوهان)، وهما زمكان ظهور الكورونا، والرواية كُتبتْ عام1981، ولا يمكن أن نغفل الشِّعر، كقصيدة «معسكر الكوليرا» للصحفي والشاعر الإنجليزي روديارد كيبلنج و غيرها من الكتابات العالمية التي تناولت الوباء كموضوع قائم الذات بين الحديث عن تجربة إنسانيةأو كتابتها بلغة استشرافية لمستقبل وبائي تتخبط فيه البشرية اليوم كحديقة للكلام.
كما أن السينما العالمية لم تخفي تناولها و تنبوئها إلى مواضيع الفيروسات و كأن الرواية تتفاعل و السينما من أجل تكاملهما في الطرح و المخيلة، حيث قرابة الاثنى عشر فيلماً تناول مواضيع الفيروسات و تهديدها للعالم.
في المقابل نجد أن الأدب العربي و إن وجدت تجارب للحديث عن الطاعون فإنه تم تطرق له في ثنايا الكتابة و كأنه توثيق لمشهدية تاريخية شاهدتها بلدانهم انذاك و ليس كجائحة قائمة الذات في التناول و الكتابة، و كأننا ازاء نسق روائي عربي مهمته التفاعل سياسيا و اجتماعيا مع رقعته الجغرافية لانتاج الرواية، و هذا بدوره ما نلاحظه سينمائيا إذ ليس هناك تناول للكوارث البيئية و الفيروسات التي يمكن للمخيلة ان تفرزه في شكل ثيمات إبداعية جامعة بين الرواية و السينما العربية .
في إطار ملفنا الثقافي عن الأدب و الأوبئة، توجهت "إيلاف" لمجموعة من الكتاب، وهم: لسعد بن حسين تونس، الحبيب السائح الجزائر ، محمد الاصفر ليبيا، و"محمد جميل أحمد السودان –بأسئلة من شاكلة:
1- أيمكن لأزمة الكورونا أن تفتح المجال أمام أدب عربي جديد يعرف بأدب الأوبئة أو الكوارث؟
2- هل يمكن القول إن ما نعيشه اليوم أبرز بطريقة مباشرة أو غير مباشرة علاقة الكاتب العربي بالطبيعة فلا يوجد رواية تناولت البيئة كموضوع قائم الذات روائيا؟
3- المتمعن جيدا في الرواية العربية يجدها مرتبطة ارتباطا كليا بالمشكلات الاجتماعية و السياسية لرقعة الكاتب الجغرافية أو أنه ينتظر متغيرا ما كالثورات العربية أو الاغتيالات السياسية ليكتب و هنا نتساءل أية علاقة بين مخيلة الكاتب العربي و المستقبل في الرواية؟
4- هل من الممكن أن تحدث الكورونا متغيرا في علاقة الرواية و السينما العربية في طرح المواضيع الفنية كالكوارث و الأوبئة ..كما يحدث في الغرب؟
5- هل يعكس عدم تناول مواضيع الاوبئة و الكوارث خوف الكاتب العربي في تناول مثل هذه المواضيع كأساس للرواية و المجازفة في تقديمها للقارئ؟
6- بماذا مطالب الكاتب العربي اليومي في هذه اللحظة الراهنة التي يعيشها الإنسان؟

لسعد بن حسين " تونس":
كورونا لن تحدث أي تغيير في الرواية ولا في السينما العربية:

ويجيب الكاتب التونسي لسعد بن حسين موضحا "لا أعتقد أن الأزمة التي يعيشها العالم اليوم بسبب وباء كورونا قد تنتج أدبا جديدا، فنحن نعرف أن الإبداعالإنساني في مجال الكتابة يحوم حول مضامين درامية محددة ( قامت جامعة امريكية بإحصائها ) لأن الأوبئة والكوارث والحروب موجودة منذ وجود الإنسان على الأرض، ووقع استغلال ذلك أدبيا وسينمائيا وحتى تشكيليا".
و يكمل "بالنسبة إلى الكتاب العرب فأعتقد أنهم لا يختلفون عن بقية الكتاب في العالم سيسارع الكثير منهم بنشر روايات عن الكورونا أو سير ذاتية عن أيام الحجر الصحي ولكأنها موجة مثل تلك التي تلت اجتياح العراق أو بروز داعش ، لكن كم من رواية يذكرها القارئ العربي ( لا أقول العالمي لأن أدبنا يكاد يكون غير مقروء عند الحضارات الاخرى ) كتبت عن هذه الأحداث ؟!"
أما عن الحضور القليل للطبيعة في الرواية العربية فيرجعها بن حسين "إلى الحقبة الرومانسية حيث يحضر في نوع من الأدب السيري يعود فيه الكاتب إلى جذوره الريفية،ويضيف:"إنالطبيعة اليوم وعشقها صارت نوعا من الالتزام الفكري والسياسي بظهور أحزاب ومنظمات مدافعة عن البيئة فهل نجد كتابا عربا منخرطين في هذا النضال الأخضر ؟!! وحتى إن وجدوا فهل ستكون روايات مقنعة فنية رغم نبل مضمونها ، وما مستوى التخييل الذي سيحضر فيها ؟!! وشخصيا أعتقد ان أكبر مشكلة تواجهها الرواية العربية هي مشكلة المخيال ، فالتخييل محدود جدا في الرواية العربية وأرجو ان يتوفر جيل جديد من الكتاب قادر على تلافي هذه النقيصة المهولة ".
أما بالنسبة لارتباط الروايات العربية بواقع الكاتب السياسي و الاجتماعي فيعتبر:"أن الكاتب العربي شديد الالتصاق بواقعه اليومي سواء أكان اجتماعيا او سياسيا وباستثناء رموز كبيرة في الرواية العربية يكاد بعض الروائيين العرب أن يكونوا نكرات خارج بلدانهم ولولا بعض الجوائز التحفيزية او معارض الكتب الكرنفالية لبقي تسعون في المائة من الكتاب مجهولين خارج بلدانهم بل إن هناك كتابا وكتبة مجهولين حتى في بلدانهم .
وهذا يجعل الكاتب العربي كما السياسي العربي والمواطن العربي عموما يقتات على الماضي وبعض مظاهر فلكلور الحاضر بدون رؤية استشرافية أو مستقبلية لأن أغلب أدبنا نابع من مصادر أدبية لغوية ( لا غرابة أن نسبة مئوية كبيرة من كتابنا هم من مدرسي مادة الادب سواء في الثانوي أو في العالي ) لا من رؤية فكرية او فلسفية او من اختصاص علمي" ..
و يكمل:"الكاتب العربي يكتب انطلاقا من تجاربه الشخصية وهذا ولئن كان جيدا كقادح أولي للكتابة لكنه غير كاف للعالمية ، فما هي تجارب كاتب هاو ( موظف غير متفرغ للكتابة ) حصل شيئا او كثيرا من الدراسة واشتغل بالوظيفة وتزوج وأنجب أطفالا وسافر مرات قليلة سفرات اغلبها في نطاق أدبي نظامي هزيل ؟!"
و يستطرد قائلا:" لن تحدث كورونا أي تغيير في الرواية ولا في السينما العربية بل ربما قد تنتج عنها الكثير من الكوارث الادبية والفنية ذلك ان الكتاب الرديئين وصائدي الجوائز سيسارعون بإصدار روايات أو أفلام ارتجالية عن الحب والتيه والعزلة وووو ... في زمن الكورونا .
و مثلما تناولت الآداب القديمة وحتى الحديثة بعض الأوبئة والكوارث فانه سيقع تناول كورونا أدبيا لكن أعتقد أن ما سينجح من هذه الأعمال هي تلك التي ستركز على السلوك الإنساني أمام هذا الوباء على المستوى الفردي والجماعي ، المستوى المحلي والدولي وأرجو أن نقرأ نصوصا رائعة ذات مضمون يدافع عن قيم إنسانية سامية ".
و يضيف:"الكاتب العربي - كسائر أدباء العالم - مطالب اليوم أن يكتب فقط ، دون أن يرتبط ما يكتبه ضرورة بكورونا ، أن يكتب بصدق وبخيال متجدد وأن يغوص في عمق مضامين حكاياته كي ينتج فكرا ويدافع عن قيم انسانية مشتركة ، والأهم أن يكتب لغاية الكتابة لا بحثا عن جوائز محلية أو إقليمية أو دولية.

الحبيب السائح " الجزائر":
جائحة كورونا ستغير في رؤيتنا إلى وظيفة الكتاب:

من ناحيته يعتبر الكاتب الجزائري الحبيب السائح:"أنجائحة كورونا ستغير أيضا في رؤيتنا إلى وظيفة الكتاب. وفي علاقتنا باللغة؛ فبأي لغة سنكتب غير لغتنا السابقة. أعتقد أن الرواية العربية ستتأثر جدا. وعليه ستتوسع تيماتها لتشمل هذا الذي يحدث للبشرية بلا تمييز في العرق أو الدين أو الأيديولوجية. وستظهر، بلا شك، نصوص استعجالية تسبق تلك النصوص التي ستأخذ مسافة زمنية لاستيعاب الصدمة. فجائحة كورونا صدمة قوية جدا، لأنها تهدد حياة الإنسان بالفناء".
و فيما يتعلق بعدم تناول الكاتب العربي البيئة كموضوع قائم الذات في رواياته يقول:"هذا صحيح، تماما فلا يوجد رواية تناولت البيئة كموضوع قائم الذات روائيا؟ و ذلك لعدة اعتبارات من بينها أن الكاتب العربي هو نتاج نظام تعليمي وثقافي وديني لا يولي، في برامجه ومخططاته وتوجيهاته، أي اهتمام للمحيط الذي يعيش فيه، وكأنه ليس محيطه هو! وهذه مفارقة تقود إلى الاعتقاد بأن الإنسان العربي لا يهمه من بيئته إلا ذلك القدر الذي يأخذه منها دون العطاء من جانبه. وهذا ينعكس في الكتابات الروائية التي تكاد تخلو تماما من الاحتفاء بالطبيعة؛ وهو شان يؤثر، للأسف ، على المقروئية التي بدورها لا تجد في النصوص التي تقرأها ما ينبهها إلى الفضاءات الطبيعية التي تعيش وسطها للمحافظة عليها وتنميتها. "
و عن ارتباط الرواية العربية بالمشكلات الاجتماعية و السياسية لرقعة الكاتب الجغرافية يضيف السائح:"هذا صحيح، أيضا؛ نظرا إلى المشكلات السياسية والاجتماعية والأخلاقية والدينية العالقة والتي لا يزال الصراع الخفي والظاهر حولها مستمرا بالأشكال المعروفة. ومن ثمة فإن رؤية الكاتب إلى المستقبل تظل غائمة بفعل الغموض الذي يسود في المشاريع السياسية والاجتماعية والتي لا تقدر على تقديم تصورات واضحة للمآلات على مدى متوسط أو بعيد. فالكتاب العربي يكاد يعيش ليومه، بلا غد واضح. ومن هنا مكْمن انحسار رؤيته الاستشرافية".
أما عن إمكانية حدوث تغير في علاقة الرواية بالسينما العربية في طرح مواضيع فنية كالكوارث و الأوبئة فيؤكد السائح: " إن ذلك يتطلب بعض الوقت بالنسبة إلى الرواية ويستدعي إمكانات فنية ومالية بالنسبة إلى السينما. وفي كلتا الحالين ستطرح مسألة الحرية في التعبير. وفي الرقابة. هذا يعني، في اعتقادي، ضرورة فتح مجال الحريات على أوسع نطاق واستخدام الرقابة البعدية، بدل الرقابة القبلية.
اما فيما يتعلق عدم وجود الاوبئة او الكوارث كمواضيع قائمة في الرواية العربية فيقول السائح: "أزعم أن الأمر يتعلق بقدرة الكاتب ـ من عدمها ـ على الدمج بين المعرفة العلمية، التي يتطلبها الموضوع كبحث واستقصاء واستشارة، وبين التخييل الذي يرفع تلك المعرفة العلمية إلى الأدبي. وهي معادلة تفرض على الكاتب جهدا مضاعفا لتحقيقها. إن جيل الكتاب الجديد يمكنه أن يحقق شيئا من هذا".
اما بخصوص ما يمكن أن يطالب به الكاتب العربي في هذه اللحظة الراهنة التي يعيشها الإنسان فيجيب: "أنا شخصيا، أجدني مرتبكا جدا أمام هذا الطارئ الكارثي. وأشعر أني لا أملك اللغة التي بها أواجهه. لعل أهم شيء يمكن للكاتب أن يقدمه هو أن يكون صادقا مع نفسه؛ لأنها فرصة للنقد الذاتي. الكاتب العربي مطالب بالنقد الذاتي".

محمدالأصفر "ليبيا":
الوباء سيمتص الكثير من حبر الكتّاب:

من جهته يقول الكاتب الليبي محمد الاصفر :"بالتأكيد معظم الكتاب يكتبون عن الوباء بشكل أو بآخر ، الوباء فرض نفسه هذه المرة على الحياة بكاملها ، وأجبر الناس على دخول السجن داخل البيت ، وباء غير متسامح ولا يصدر أي إعفاء ، من يخرج ولا يلتزم بالتعليمات الصحية سيقتنصه ويرمي به إلى تحت التراب ".
و يكمّل : "معظم الكتاب العرب كتبوا عن المكان، لكن الطبيعة والبيئة والجغرافيا والمناخ فلم يتم التناول بشكل شامل ، تم التطرق إليها في بعض الروايات في طور قليلة لا أكثر ، لم تكن الطبيعة تشغل الكاتب العربي، كان يشغله التاريخ والديكتاتورية والحياة اليومية وأخيرا ثورات الربيع العربي والهجرة غير الشرعية والإرهاب، الآن سيتناول الطبيعة وما تعج به من فيروسات، ربما سيتم التناول عبر ما يسمى بالخيال العلمي، التناول بشكل واقعي الأمر صعب، لأن الناس كلها عاشت تجربة الوباء ولا تحتاج لمن يتعرض عضلاته الأدبية عليها عبر هذا الباب.
و كلما يتقدم الزمن تكون الكتابة أصعب، الناس الآن تعرف كل شيء عبر الانترنيت، الواقع تفوق على الخيال ومنعه أحيانا من أن يستخدمه أدبيا، يضطر الروائي أن يتكيف مع الوضع وأن يكتب أشياء جديدة ، قد لا تكون تنتمي إلى جنس الرواية، الناس الآن يعيشون الروايات ولا داعي أن يطالعونها في كتاب أو على الشاشة، حقيقة الأمر صعب جدا لكل من أراد أن يقدم جديدا".
و عما يمكن أن تحدثه الكورونا في علاقة الرواية بالسينما العربية في طرح المواضيع الفنية كالكوارث و الأوبئة يقول الأصفر : "نعم ستتغير طريقة التفكير ، والوباء سيمتص الكثير من حبر الكتاب، كل العالم الآن مهتم بالوباء وينتظر اللقاح الذي يوقفه عند حده، حتى وإن انتهى فيروس كورونا قريبا، يظل تأثيره في الحياة مادة جيدة للكتابة ، الفيروس أظهر الناس والدول على حقيقتها وصارت الناس تبني نفسها من جديد، لقد شعرت أن حياتها قبل دخول هذا الوباء مختلفة بها أخطاء كارثية يجب تصحيحها ، بعد كورونا يبدأ برنامج إصلاحي لكل الحياة، كل العالم سيتحد في مجال الصحة، ويركز العالم على العلم، وستفقد الأسلحة التقليدية قيمتها، قد تركز الدول الآن على الحرب البيولوجية، النار ستتراجع إلى الخلف، وسيتقدم الفيروس إلى ساحة المعركة، وسيستخدمه الإرهابيون حتما، إن لم يتخذ العالم احتياطاته كي يتجنب مل هذه الهجمات القذرة، انتهى عهد القذارة، الآن كل العالم سيغسل يديه مرارا كل يوم، النار هذه المرّة وصلت للعصب وليس كمثل المرات الوبائية السابقة التي تصيب رقعة صغيرة من الأرض" .
و يضيف: "من القدم تتكلم المدونات التاريخية والدينية عن الأوبئة، تقدم بعض النصائح للحد من الوباء ، لكن العلم زمان متخلف، والإنسان لا حول له ولا قوة أمام الميكروبات والفيروسات، الآن الوضع اختلف، تقدمت العلوم بشكل كبير ، وبعد هذا الوباء ستتقدم أكثر، كل الدول تخصص ميزانيات ضخمة للبحث العلمي، ستسحب الدول الكثير من ميزانيتها الخاصة بالأسلحة لتقدمها للجامعات ومراكز البحوث العلمية،من يمتلك اللقاح سينتصر في كل معركة، الكتاب سيشددون على نشر القيم النبيلة، رجال الدين سيدعمون البحث العلمي، وسيكون دورهم فقط في تنمية الجانب الروحي للإنسان وتحبيبه في فعل الخير ونبذ الشر، حتى لا تستخدم الأسلحة البيولوجية لقتل الإنسان وتدمير الحياة بدلا من الحفاظ على صحته لتكون حياة كل البشرية سعيدة" .
و فيما يتعلق بما مطالب به الكاتب في هذه اللحظة الراهنة يؤكد الأصفر: "إن الكاتب مطالب ببث الأمل ونشر الخير والحث على المحبة والسلام واحترام القانون وكل شيء نبيل يجعل الحياة مشرقة".

محمد جميل أحمد "السودان":
"يتيعن على الكاتب أن يرصد آثار الوباء في مخيلته الروائية".

و يشرح الكاتب السوداني محمد جميل أحمد وجهة نظره في هذا الصدد: "عالمية الوباء وملحميته، لابد أن تترك أثراً عميقاً في وجدان الروائيين. لكن الحديث عن فصل جديد في تصنيف لأدب الأوبئة قد لا يكون جديداً بهذا المعنى فهناك من كتب عن الحمى الإسبانية في النصف الأول من القرن العشرين، كرواية "الطاعون" لألبير كامو ، وبخصوص مستقبل التعبير الأدبي عن كورونا فهذا رهين بطبيعة النصوص التي ستكتب عنه عربياً. نعم بكل تأكيد سيكون هناك انعكاس لهذا الوباء في نصوص روائية عربية قادمة".
و عن علاقة الكاتب بالطبيعة و عدم ادراجها كموضوع قائم بالذات في الروايات يقول محمد جميل:
" لا يمكنني القول أن هناك غياباً مطلقاً للطبيعة والبيئة في الرواية العربية؛ ففي بعض روايات إبراهيم الكوني طرف من ذلك. لكن علاقة الطبيعة بالأديب في سياق مخصص لها على خلفية هذا الوباء العالمي (كورونا) ربما تفرز علاقة ما أو تعبير ما. لكن بكل تأكيد ظهور كورونا سيكون محفزاً كبيرا للكتابة عن الطبيعة بصورة من الصور.
و يضيف: "إن انتظار الروائي العربي للحوادث الكبرى كي يكتب قد لا يكون دقيقاً؛ فالروايةبنتالمخيلة، ومشكلات الروائي المتصلة بمحيطه الخاص وعلاقاته الاجتماعية في وسع المخيلة أن تجعل لها تشبيكاً ودمجاً في الأحداث الكبرى كالثورات والأوبئة.
و يكمل.. "في تقديري، إن طبيعة الوباء الملحمية والعالمية قد تقتضي المعالجة الفنية الناضجة لها عبر زوايا مختلفة في الرواية انعكاساً ضرورياً في السينما، لاسيما وأن الخيال السينمائي هو الذي نعيشه اليوم في واقعنا مع هذا المرض غير المتوقع مطلقاً. ولعل الرواية هنا ستشتغل على الواقع بمنظور تعبيري أدبي يغذي شاشة السينما.
كما أن:"طبيعة هذا الوباء الذي فرض على البشرية قواعد تتعامل معه من منطق العجز، وتذكرها بأزمنة القرون الوسطى، اعتقد أن في ذلك محفزاً كبيراً للمخيلة الروائية".
و يعتبر جميل: " أنه بطبيعة الحال لن يكون في وسع الكتابة الأدبية التفاعل الآني ــ على طريقة المسابقات ـــ بل سيتعين على الروائي أن ينتظر استبطاناً لهوية المعنى الأدبي والإنساني بعد مسافة زمنية تسمح له بتأمل الوباء عن بعد، أما الآن فيتعين عليه أن يرصد آثاره في مخيلته الروائية".