الأطفالُ شعراءٌ صغارُ السن

إطلاق سراح المخيلة يسمح للطفل أن يرى الغيمة، كلبا، والنهر أفعى. وحين يقوم الأهل بتنمية مواهب أولادهم سواء في الرسم أو الكتابة او العزف او الغناء فهم يساهمون في بناء شخصيات قادرة على التعبير عما يمور في داخلها من فرح وبؤس. وهذا يشكل ارضية لإحداث تغيير في بنية المجتمع وطريقة التفكير. وكذلك يمنج الفرد توازنا ومقدرة على الاختراع والمتعة مهما كانت الظروف التي يمر بها الافراد. وهذه الحاجة اساسية في الشرق بشكل كبير لان الحصار والفقر والعزلة تقتل الروح. ويبقى الامل في التعبير عن ذلك بأي صيغة ممكن. ومن هنا كان اختياري للتعريف بما يكتبه الاطفال في العالم بصيغة شعرية.
أن يكتب الإنسان شعراً، يعني أن يتجذّر وينتمي إلى الروح الأبدية الخالدة. كتابة الشعر من قبل الأطفال والشباب الصغار، رحلة اكتشاف ترفد الشعر الحديث، وتكشف المشترك الإنساني حول العالم. والإنسان "لا يكون" إن لم يصبح قادراً على التعبير عن نفسه بالكلمات، بالحركة والإبداع. من خلال الكلمات نجعل الأحداث تجري، نعطيها روحاً لتستقل بوجودها وتكون في الآن ذاته صورتنا في مرآة الداخل، الحزين والمبتهج، المهرج والساخر.
كلمة الشعر في لغة الأسكيمو تعادل التنفس.
يقول هنري ميللر" المهرج، شاعر في طور الحركة".

وأعتقد أن القضايا المصيرية المعلقة، أخذت جلّ اهتمام الشعراء وقلما كان لنا أن ننظر في الشعر- اللعب- الذي يصنعه أطفالنا في جوارنا، ولعبهم بالكلمات عبر أسئلة شفاهية أو مكتوبة!
هنا، بعض القصائد التي قمت بترحمتها عن الانكليزية. كي أقاسمكم فاكهة الخلق والإبداع، بنكهة البراءة والطفولة. الأطفال شعراء صغار السن، فلنقرأ هداياهم للشعر ولنا. لنصغِ إلى صور الشعر في عيون كلماتهم.

ما الشعر؟!
لا رائحة للشعر، فقط حبر يسرح على الورقة
....
في شعرك، ترى الصورة، أو تسمع الكلمات مقتطعة من الصمت
كي تشمّ ما على الورقة، المسْ خليط الكلمات بذهنك،
تذّوقْ كلمات الشعر!
كورتني جودفري- كندا – العمر 13 سنة(*)
*
الشّعر
في الشّعر، ضياع أرضنا
ينفتح نوافذ عبر
الكلمات

الشعر الجيد، يجب أن يسحر القلب
وأن يُحفظ باهتمام في رأس
المستمعين

عبر موجة من الكلمات، يستطيع الشاعر
نقل مشاعره إلى الدفء، السّحر، الغموض
والسراب
بدون شعر، عالمنا سوف
ينغلق على نفسه- ولن يصار له أن يبتهج بسحر كلمات الشعراء.
بيتر كلسو- استراليا – العمر 11 سنة
*
على الغداء
نظرتُ إلى صحني على الغداء
ورأيت جميع أفراد عائلتي.

أبي، هو اللحم
قاسٍ، ومتحكم
إيمّـا، هي البروكلي
وأنا البطاطا المدقوقة
آدل، وأنّــا، هما الصلصة
آدل، صلصة لتغيمس اللحم
أنّـا، صلصة الجنبة، لتغميس البروكلي
كلاهما، يختلطان بمأكولات أخرى!

أمي، هي الصحن نفسه
تحتضن كل شيء
تحمل الأشياء معاً
تحفظها، كما يجب.
سامانثا لويس – كندا – العمر 12سنة(*)
بروكلي: خضار من فصيلة الزهرة او القرنبيط

*
مطر
المطر يخدشُ وجهه
ويتساقط قطرات
ثم يُعيد تشكيل نفسه ثانية
وحده المطر يمكنه إعادة نفسه مرّة أخرى.
أدريان كيث سميث- العمر 4 سنوات – نيوزيلانده.
*
شعري
شعري ممتلئ بالحبور
ومعبأ بالأمل.
أنا أحب شعري.
أستمتع بقراءته
عندما أكون وحيداً.
أنسى ألمي، ومعه
يعود الفرح.
ايتابيل هوول- الفليبين – العمر 11 سنة.
*
هذا شعر
هذا شعر حول رعاية الله للأشياء:
الله يعتني بالأسود، بالجواميس البرية والأيائل والنمور
وكل الأشياء التي تموت،
والرجال والفتيات الصغيرات عندما يصبحن عجائز،
ويستطيع أن يرعى الأمهات أيضاً
يستطيع أن يحفظ بعناية أغلب الأشياء العتقية،
لذلك أنا أفعل هذا.
هيلاري آنّ فيرلي – كندا – العمر 5 سنوات
*
دماغي
عندي دماغ صغير
مثنيّ بأمان في رأسي
ودماغ صغير آخر،
يقيم في الهواء- بديلاً
هذا يتبعني، ويلعب معي
يتحدث إليّ في السرير

الآخر ، يجعلني مضطرباً
هذا الذي في رأسي
أنابيل لورانس – اوغندا- العمر 10 سنوات.
*

أغنيتان للمطر

1
قريبا من الغرب، المحيط العظيم يغني
الأمواج تتدحرج باتجاهي
مغطاة بغيوم عديدة.
حتى هنا، أنا أستطيع أن أسمع الأصوات.
الأرض تهتز تحتي،
وأستطيع أن أسمع
عميق حشرجاتها.

2
الغيمة على قمة الجبل الأخضر، تغني
الغيمة على قمة الجبل الأخضر ماتزال واقفة
إنها تمطر وترعد عالياً هناك،
أنها تمطر هنا
تحت الجبل، الذرة بشعيراتها ترتجف
تحت الجبل، عرانيس الذرة تشرق بنعومة.
شعر أطفال الهنود الحمر" باباغو" – جنوب اريزونا

هامش: (*) القصائد ترجمت عن مجموعة شعرية صدرت عن المكتبات العامة في تورنتو كندا عام 2002 – اشترك في تحريرها، طلاب المدارس الذين واللواتي تتراوح اعمارهم بين 12- 18 سنة.
** القصائد مأخوذة عن كتاب متنوع، أعدّه عام 1973،الشاعر الكندي الراحل" لويس دودك" والنصوص الواردة فيه مأخوذة عن مجلد لشعر الأطفال الناطقين بالانكليزية/ 1966/نيو يورك. أعمار الشعراء في هذا المجلد: تتراوح من 4 سنوات الى 12 سنة!

جاكلين سلام: شاعرة وكاتبة ومترجمة سورية كندية.