ترجمة حسونة المصباحي

كان الشاعر الفرنسي رونيه شار (1907-1986) أحد نجوم الحركة السوريالية في ثلاثينيات القرن الماضي. ودفاعا عنها، وعن رؤيتها الفنية والفلسفية، لم يكن يتردد في استعمال قبضته القوية لتأديب المتخاذلين، والمخالفين. عند اندلاع الحرب الكونية الثانية، التحق بحركة المقاومة ضد النازية ليكون على رأس فرقة عسكرية سرية. ومن وحي تجربته تلك، كتب "أوراق هيبنوس"، وهي عبارة عن تأملات شعرية وفلسفية تقترب كثيرا من تأملات الفلاسفة الإغريق السابقين لسقراط. وفي هذه المرحلة من حياته، ابتعد عن السورياليين ليرتبط بعلاقة صداقة حميمة مع ألبير كامو. كما أنه كتب العديد من النصوص الشعرية والنثرية عن كبار الفنانين في عصره من أمثال جورج براك، وبيكاسو، وجروج دولاتور، وجياكوموتي، وآخرين.

وفي السنوات الأخيرة من حياته، ترك باريس ليقيم في مسقط رأسه"ليل سور-سورغ" بجنوب فرنسا. وفي البيت القديم الذي تركه الجد، كان يستقبل أصدقاءه، وأحباء الشعر. وفيه استقبل أيضا الفيلسوف الألماني الكبير مارتين هايدغر وبينهما دار حوار مُسْهب الشعر والفلسفة.

يقول رونيه شار: "ولدت مثل صخرة، بجراحاتي. ومن دون أن أبرأ من سنوات شبابي الخرافية، في نهاية صلابة شفّافة، اقتحمت مرحلة حاسمة".

حضور مُشْتَرَك

أنت تتَعَجّلُ الكتابةَ

كما لو أن قطارَ الحياة قد فاتك

وإذا ما كان الأمر على هذه الصورة،

أقمْ مَوْكبا من مصادرك.

أسْرعْ بنقْل قَسيمتك من البديع من التمرد من الاحسان،

فعلا فاتك قطار الحياة،

الحياة المُبْهَمَة،

الوحيدة التي تَقْبَلُ أن تتوحّدَ بها في النهاية،

تلك التي تُحْرَمُ منها يوميّا من قبل الكائنات،

ومن قبل الأشياء،

والتي لا تَحْصُلُ منها بجهد جهيد إلاّ على قطع

عارية،

في نهاية معارك ضارية.

خارجها، ليس هناك سوى احتضار خنوع، ونهاية فظّة،

وإذا ما انت التقيت بالموت خلال عملك الشاق،

فتقبّلْهُ مثلما يتقبل العنق المُتَعَرّق

المنديلَ الجاف،

مُنْحَنيا.

وإذا ما أردتّ ان تضحك،

فكنْ خنوعا،

ولا أسلحتك مطلقا.

أنت خُلقْتَ للحظات نادرة.

تغيّرْ، واختف من دون حسرة او ندم

بحسْب مشيئة المَشَقّة العذْبَة.

حيّا بعد حيّ تتواصل تصفية العالم

من دون توقف،

من دون ارتباك أو تشتّت.