مسرحية ميديا في ستوكهولم للكاتب يوربيدس,مسرحية ميديا علي قاعة مسرح كلارا من تقديم فرقة مسرح مدينة ستوكهولم في العاصمة ستوكهولم، والمسرحية من تأليف الكاتب اليوناني يوربيدس، واخراج سارة كورتيري، سينوغراف جارلس كورلي ،وتمثيل: هيلينا برستروم بدور ميديا.، والممثل بير سلايدي يدور جاسون ،بيتركا رديير، كريستوفر فانس، ليندي لارسون ،والاطفال يوهان مومنين،مارتن يينج.يعالج يوربيدس مشكلة عائلية في مسرحية ميديا ،وتكمن ثيمة العرض المسرحي بالحب، وبخيانة المحب لحبيبته بسبب الطمع والنزوة، ويركز المؤلف يوربيدس علي الحقد والكراهية ،وغيرة المرأة، ودافع الانتقام. ميديا ساعدت جاسون الحبيب على سرقة الفروة الذهبية، والتي يملكها والدها الملك وفرت مع جاسون، وقتلت أخاها ورمت قطع جسمه في وجه أبيها، ولكن جاسون لم يكن وفيا لحبيبته ميديا، حيث احب جاسون ابنة الملك كريون، فثارت ثورة وغضب وغيرة الزوجة ميديا، قتلت الملك وابنته، وكما قتلت طفليها، فقط لتدمر حياة زوجها جاسون وتحرق قلبه، وتنتقم منه.قدم يوربيدس مسرحية ميديا عام ٤٣١ ق.م وتعتبر هذه المسرحية من اروع ما حققته عبقرية فنان في التراجيديا اليونانية. فالبناء الدرامي لهذه المسرحية مبني وبشكل واضح علي الصراع، في أشده داخل صدر شخص واحد. أي ان النفس الانسانية عند ميديا قد انشقت ،ووقعت نهبا لصراع عنيف، يدور في قلب هذه الشخصية بينها وبين نفسها، اخطاء ميديا وحقدها المتأجج، وتدبيرها خطة الانتقام, هي وحدها تشكل ثيمة المسرحية شخصية مأساوية وهي تقع نفسها في المأساة ,وهذا هو تكتيك التراجيديا في هذه المسرحية وخاصة في توظيف الكورس، وهي مرحلة خطرة في فكر يوربيدس العقلاني وهذا هو سر الاختلاف ما بين احساس الجمهور وهو يشاهد مسرحية لسوفوكليس مقارنة بمسرحية ليوربيدس نجد ان الروح الانسانية قد انشقت علي نفسها ووقعت نهبا لصراع عنيف يدور بينها وبين نفسها، فأخطاء ميديا وحنقها المتأجج وتدبيرها خطة الانتقام هي وحدها المسرحية كلها من اول كلمة حتى آخر كلمة ,والمسرحية عبارة عن مأساة كبيرة ومثيرة من مآسي الحب الذي تحول الي بغضاء، نجد ميديا اميرة كولتيس تتحول الي ساحرة وشخصية همجية, أعانت جاسون في الحصول علي الفروة الذهبية ،ثم تزوجته وتنصيبه ملكا ولكنه يخونها ويتزوج غيرها. هذه هي حكاية الزواج الفاشل. بسبب انانية جاسون، ويقبل بكل مؤامرات ودسائس زوجته ميديا, ولكنه لا يقبل الاشتراك في المسؤولية عن هذه الجريمة. وتكاد المسرحية لا تخلو من الصراعات الجنسية والخلافات العنصرية. نجد الكثير من كتاب المسرح المحدثين ،من المدرسة الواقعية يعتبرون هذه المسرحية ذات نغم حديث في الاساس، فميديا نموذج لبطل مشحون بالانتقام ،وجرائم القتل والخيانة ،مثل خيانة الاخ الاب والوطن، وقتل الابناء بيد الام، فهي نموذج للشيطان رغم حب الناس لها. مأساة ميديا هي في عواطفها والافراط بها ,حاولت المخرجة سارة كرونيري المحافظة علي روحية النص لدي يوربيدس, من خلال المأساة المنزلة من السماء والتي كانت تسبح بها، وجعل الاحداث ذات مستويات للحياة الانسانية العادية وفي الاعتماد على الجوقة ،ومعاناة ميديا بعد فقدانها الوطن والزوج والاولاد، تعتبر نفسها أشقى الكائنات الحية ،وتصبح وحيدة مع كل المصائب وتطلب العون من الجوقة وينفذون لها كل حلقات الانتقام. والسينوغراف عبارة عن ثوب ميديا، فستانها المعلق في وسط أعلى المسرح ,والابواب الجانبية لخروج ودخول الممثلين وسط فضاء مسرحي تتحرك فيه الابواب ،واحيانا تتحول وترمز الي السجن والعذاب.مرة اخري تألقت الفنانة السويدية هيلينا برستروم، في تجسيد شخصية ميديا. واستطاعت المحافظة علي حالة التوازن، ما بين شخصيتها كأم تقتل ولديها ثمرة احشائها وفلذة كبدها،وشريرة تحاول الانتقام من الزوج. واظهرت المخرجة الموقف السلبي للجوقة والآلهة والسكوت علي جريمة ميديا.رغم القراءة الجديدة للنص حاولت المخرجة الحفاظ علي الفكرة,وعدم الاستسلام لذوق الجمهور السويدي ,والذي لا يؤمن ولا يتحمل ظاهرة اسمها الثأر والانتقام. ربما ثيمة المسرحية تفرق ما بين الجنسين، من رواد المسرح ،لمشاهدة مثل هذه العروض ذات المواضيع التي تثير السخط ،وضياع المتلقي بين علامات التعجب والاستفهام، من خلال موقف ياسون والخيانة الزوجية، وحماقة ميديا الزوجة،والاحساس بالظلم البالغ التعقيد.عروض قبل جائحة كورونا وإغلاق المسارح

عصمان فارس مخرج وناقد مسرحي السويد