لا أقصدُ تمامًا الجلوس تحت قدم المطلق
جعلتُ بيتي هناكَ
في سحابة متحركة
لأن ريشةً ما
تشبه خصلةً ترفُّ في حواس شعركِ .

سأنتبهُ
للوقت الذي يصلي بنا
لحكايات الأقمار الصغيرة السوداء
في شعر لوركا
للأيام التي لم تطلْ
وزمجرتْ
في أبدية من هروب
طاعن في السكونْ

أتخيّلُ غابةً وزوّارًا
وكلماتٍ من حجارة وضوء
أتخيّلُ أنني الكاتبُ الوحيدُ
بأبجدية من حصى
أرصُّ حجارةً على عظامي النائية
عظامي التي لم تتحد
إلا بلحم الغياب

تقريبًا لم أعد كما أنا
نقصتُ بعض سنتيمترات من فرح
وبوصةً من أحزانٍ
لكنما قامتي طويلة في تمامها
لأنّ خيالًا مني
يلامسُ السماء

سوف أبقى العابر الأبديّ
هنا حنطةٌ من طرق
وصلوات من خطايا
وامرأة في البعيد
لا تتوارى داخلي كما يجب.

أمتدُّ هناك
كطلاوة الشهب الخفيّة
أرمي أفئدة من ورد
وبقايا نعاس من صحو موّال
وأرسم نايًا على الشجر
وطريقًا مسافرًا لا يصل
وحلما
في آخرة النبع الوحيد
الذي يمر بشراهة الوقت
في الحقول المترامية
تحت مسامي

أعدُّ أنفاسي حين مرور السيارات
من شوارع متقابلة
أنادي بائع عقود الفلّ
أشمّها من يديه
ولا أحصي الطرق المؤدية للشهقات
أيها الموال
خذ خبزًا وسماءً
واثقب سبع أراض بي
أيتها الفتاة
عسكري بيديك في جبيني
غدي ثكنة الشموس
وكلماتي مطر

لابد من تهذيب واضح
الدروس التي يعطيها البحرُ
تتلكأ في الوعي
البحرُ نفسه يتقطر
كل موجة على الشاطئ
الشاطئ نفسه يذوب ويصير موجة
الموجةُ نفسها
كانت الدمعة الأخيرة
لربّ سندباديّ
لم يصل إلى مجهوله بعد.

كأنني أعانق أقماري
لي شفة طليقة تحت سدى الليل
لي صفة الخيل
لستُ حَرونًا تماما
ولي الكِسرةُ البسيطة في فم فلاح
ولي آخر حبة ذهبية في عقد عروس
ترملت في أسبوعها الأول
لي الذكرى التي تحطّ كطائر
على آخر حبة قمح قبل الحصاد
ولي الجدول الصغير
الذي لم يحفره فلاح بعد
بفأسه المعروقة

لن أتسبب في صنع بقايا الرماد
أبدًا
كنتيجة لاحتراق غابة مثلا
أو حتى ورقة صغيرة
لم أمهرها بقصيدة وافية
أقولُ السندس وأجرحه
أنا بياض كماني الرحيم
مررتُ هندباء جلوس الصباح على مرمريّ جلوس البكاء
فيما غصن واقف يبحث عن طائر
فيهتز مراودًا الريش
كأن الغصون سؤال الهواء عن ذبذبة الحضور
كأنها ميلاد زفرةٍ لم تتم.
كأنها كرافتات الشجر
كأنها العيون التي تتأمل الغيمات
كأنها دواوين شعر تقرأ الأسراب العابرة
من نوارس لا تُرى
كأنها مدنٌ حمقاء
كأنها قرى لا تقولُ أسرارها
إلا عند النبع
كأنها آبار منتشية إلى الأعلى
كأنها رايات مستديرة على أوطانها
كأنها شيخوخة البذور
كأنها شهوة الأخضر
إلى ضلوع هوائه
كأنها شهوة الحراس على الشجر
كأنها الحواس المتشابهة
التي تتلصص على العصافير
كأنها دُمى وعرائس نحيلة
كأنها عيدان العروش
كأنها لحظات تجمّدتْ ولم تسلْ بعد
كأنها سموات صغرى تتلكّأ
في خضرة لا تسحُّ
كأنها ابتهالات المواقيت، دمعاتٌ تمايلتْ
هبّاتُ أقدارٍ على شجر، تواشيح صوفية تتراقصُ
أيادٍ تمدُّ أحلامها للهواء، آمال معلّقة لم تُقطف بعد
قصائد فرعية تتوشح بإيقاعاتها، أمطارٌ للأعلى، مساميرُ تدقّ في الطقس
أزاميلُ تنحتُ النسمات، مواجع تتذكرُ ميْلها، أبجدياتٌ للغة لا تنطق
كأنها رحلاتٌ لم تبدأ
كأنها خصوصية الأوردة حين تطلّ على الخارج
كأنها أفكار نزيف والجروح جامدة
كأنها رقصاتُ باليه
كأنها مسارح تتعدد في اشتجارها
كأنها حواراتٌ بين الرؤوس
كأنها حاملاتُ قرابين
كأنها وشائج الدنى تحت أرجل الطير
كأنها شهقات الكائنات
كأنها ديارٌ صغرى لفراشات قادمة.
كأنها أنوات لا ذوات لها
كأنها حواس الأشجار التي تحكي وتبكي
كأنها خلاصات البذور
النسغ، اللحاء، الجذر
كأنها المعجم الأخير
لجواهر الشجر .

الرياض
السبت 20/4/ 2019