ريو دي جانيرو: من أبرز المظاهر الشعبية في ريو دي جانيرو هي حلقات السامبا التي يجلس فيها الموسيقيون دائريا ويعزفون الموسيقى وسط جمهور يستمع إليهم إلا أن جائحة كوفيد-19 أجبرت المؤدين على التأقلم مع العالم الجديد في زمن كورونا.

وقال مواسير لوز (62 عاما) مؤسس "سامبا دو ترابالخادور" التي أقامت الاثنين أمسية "رودا دي سامبا" (حلقة السامبا) "لم نعد نجلس في دائرة. نحن نعزف على خشبة المسرح أمام الجمهور".

وأضاف لوز المرشح لجائزة "لاتن غرامي" هذا العام، إن عزف موسيقى السامبا بدون جمهور كان بمثابة تسجيل لاعب كرة قدم هدفا دون الاحتفال به.

وأوضح لوكالة فرانس برس "لا يبدو الأمر طبيعيا (...) نحن نعيش في زمن تحول، لذلك يتعين على الجميع التأقلم".

توقف لوز وفرقته لمدة سبعة أشهر قدموا خلالها عروضا عبر الإنترنت حصرا. وهذا الشهر، عادوا إلى تقديم العروض المباشرة مع تدابير التباعد الجسدي في نادي ريناسينكا الشهير في الجانب الشمالي من ريو دي جانيرو.

وما زالت أصوات الغيتارات الصغيرة "كافاكينهو" وطبول "كويكا" والآلات الموسيقية الاخرى ترقص الجمهور.

لكن لم يعد هناك ازدحام حول الفرقة، كان عدد المشاهدين يصل إلى 1500 في الماضي، وبدلا من ذلك، وضعت طاولات بلاستيكية متباعدة لتستقبل مجموعات صغيرة من الضيوف فقط.

وحددت التذاكر بحوالى 300 لكل عرض، وتباع بسرعة كبرى عبر الإنترنت.

يتم فحص درجة حرارة الضيوف قبل الدخول، وعليهم وضع الكمامات عندما لا يكونون جالسين إلى طاولاتهم.

وقالت داليا ميلو (42 عاما) عقب مشاهدتها عرضا مع زوجها أخيرا "اعتاد الناس على التجمع حول الموسيقيين. لكن الآن، فقد هذا التواصل والأجواء الخاصة بالرودا والشعور بأنك تعزف معهم... لكن المهم هو أنها عادت".

تضررت ريو دي جانيرو وهي جنة استوائية شهيرة بشواطئها الخلابة وحفلاتها الليلية، بشدة من الوباء الذي أودى بحياة ما يقرب من 160 ألف شخص في البرازيل التي تعد ثاني الدول تضررا بالجائحة من حيث عدد الوفيات بعد الولايات المتحدة.

وقد أغلقت السلطات المحلية المدينة التي يبلغ عدد سكانها سبعة ملايين نسمة في آذار/مارس. وهي سمحت بإعادة فتحها بشكل تدريجي منذ حزيران/يونيو.

وكانت الموسيقى الحية بين النشاطات التي سمح باستئنافها أخيرا لكن بلا رقص وبنصف عدد الجمهور.

لكن هذه القيود لا تمنع الحشود من الغناء بشغف مع لوز.

بالنسبة إلى "الكاريوكاس" الحقيقيين، وهو لقب يطلق على سكان ريو دي جانيرو، يكون التأثير علاجيا.

وقالت كريستينا باريتو "السامبا جزء من الثقافة البرازيلية. إنها مرتبطة بالعديد من الأشياء الجيدة: وحدة الشعب واستمرار للتقاليد. تعطيك شعورا بسعادة لا توصف".

وأضافت "الوجود هنا هو مسألة تتعلق بالصحة النفسية. هو يغذي الروح ويمنحك القوة لمواصلة مواجهة كل ما نمر به".

كان الوباء قاسيا على لوز.

فقد توفي صديقه وزميله منذ فترة طويلة ألدير بلاك أحد أعظم كتاب الأغاني في البرازيل بسبب كوفيد-19 في أيار/مايو عن 73 عاما.

وقال لوز "لقد واجهت خسائر عدة. فقدنا جماهيرنا وألغينا إطلاق التسجيلات والجولات. فقدت شريكي الرئيسي في كتابة الأغاني ألدر بلانك الذي شاركني في كتابة أكثر من 100 أغنية".

يريد لوز استئناف النشاط في المدينة حتى يتمكن الموسيقيون من العمل. وهو يوافق على أن الوضع الحالي يحتّم وجود تدابير تباعد جسدي، لكنه يحلم بالعودة إلى الوضع الطبيعي الذي كان سائدا قبل الجائحة.

لم تتمكن الأزمة من تدمير روحه الإبداعية، فقد كتب أكثر من 30 أغنية أخيرا، بعضها عن الوباء والأمل.

ميل/الح/ب ح