يوم الأحد الماضي 10 أكتوبر أسدل الستار على فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي استأنف نشاطه بعد أن توقف لعامين بسبب وباء كورونا، حيث تولت هذه المرة إدارة فعالياته وزارة الثقافة السعودية تحت عنوان (وجهة جديدة فصل جديد) فكان مناسبة احتفالية تجدد فيها الاحتفاء بالكتاب على نحوٍ عكس اهتمام القائمين على المعرض بقيمة الكتاب وضرورته. فخلال هذه الدورة كان في متناول أي شاب وشابة أو أي شخص من كافة الفئات العمرية أن يحصل على الكتاب الذي يريده الأمر الذي جسد تسامحاً كبيراً في حرية القراءة ودل على أن من شروط الانفتاح الذي تعيشه المملكة العربية السعودية؛ اقتضاء ذلك التسامح في حرية القراءة.

وفي تقديرنا أن الزخم الذي شهده معرض الكتاب في هذه الدورة الاستثنائية عكس اهتماماً كبيراً بقيمة الثقافة والقراءة لأن الازدحام والإقبال، سواءً من حيث الإقبال على شراء الكتاب من كافة الفئات العمرية، رجالاً ونساءً، أو من حيث متابعة وحضور الفعاليات الثقافية المصاحبة لنشاط المعرض؛ كل ذلك لم يكن مسبوقاً من قبل.

وضمن انفتاحها على جوارها العربي الشقيق استضافت المملكة في معرض الرياض الدولي للكتاب الثقافة العراقية كضيف شرف لفعاليات المعرض هذا العام، وكان ذلك الاختيار موفقاً إلى حدٍ كبير، لأنه يعكس أولاً قيمة التواصل الثقافي بين بلدين شقيقين جمعتمها الجغرافيا والدم والتاريخ، فكانت هذه الفرصة للتعرف على العراق وثقافته وشعره بعد انقطاع استمر لسنوات طويلة مناسبةً مهمة لاستعادة عافية التعاون الثقافي بين البلدين، وثانياً لأن هذه الاستضافة الكريمة من طرف المملكة للثقافة العراقية تتوازى مع استئناف نشاط العلاقات بين البلدين في مجالات كثيرة؛ سياسية واقتصادية وأمنية، فكان لابد من أن تكون هناك مناسبة كبيرة كمناسبة معرض الكتاب لتوثيق الصلات الثقافية بين البلدين على نحوٍ أكثر عمقاً وفعاليةً.

تحتفي المملكة العربية السعودية بالكتاب هذا العام احتفاءً متجدداً بعد انقطاع قسري دام سنتين بسبب وباء كورونا، فكانت عودة الحياة إلى معرض الكتاب مصاحبةً لفنون ثقافية أخرى موازية لفعاليات المعرض؛ مثل الأمسيات الثقافية والفنية التي حفزت الكثيرين من الزوار لحضورها والتفاعل معها، لاسيما وأن وزارة الثقافة السعودية كانت قد استضافت إلى جانب العراق العديد من المثقفين والكتاب والشعراء والفنانين من كافة أنحاء العالم العربي.

إن قيمة الكتاب التي يحتفى بها في ظل هذا الانفتاح الكبير الذي تشهده المملكة برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، تدل بوضوح على أن المملكة مقبلة على متغيرات كبيرة وانفتاح واسع للتفاعل مع العالم في ظل تحديات جديدة وفرص جديدة، مكنتها اليوم من أن تكون وجهة عالمية وإقليمية واقتصادية مؤثرة.

كان التنظيم الذي شهده المعرض سواءً لطريقة العروض، أو لتسهيل التعرف على دور النشر وعناوين الكتب عبر شاشات الكترونية موزعة على جنبات المعرض، أو عبر تسهيل طرق الدفاع والشراء الإلكتروني، أو محطات القراءة التي تتيح للزائر فرصةً للاطلاع على الكتاب وتصفح عناوينه في مكان مريح قبل شرائه؛ كل ذلك عكس اهتماماً حفياً بأهمية الكتاب كعنوان للمعرفة ووسيلة للتثقيف.

وبالرغم من أن مكان المعرض قد تغيّر هذا العام، مؤقتاً، إلا أن منطقة "واجهة الرياض" ومسرح جامعة الأميرة نوره بنت عبد الرحمن؛ على طريق المطار نجحا في استضافة فعاليات المعرض من حيث السعة والاستيعاب، ومن حيث القدرة على احتواء التنظيم بنجاح، حتى لو أن المكان بدا غريباً بعض الشيء لمرتادي المعرض خلال السنوات السابقة بجانب بعض الصعوبات التي واجهت البعض في طريقة البحث عن دور النشر.