بعْداً عنِّي ، عشيري ونسلي وصلة رحمي

منبتي ومولدي ومحتدي

ملاعب صباي وفتوتي وميعة طفولتي

قد لا أراكم لاحقا

بسحنتِكم الخشِنة الشبيهةِ بالسحالي

وقَفزاتِكم التي تنطُّ كالغربان

وأقنعتَكم المشتراة َمن أسواقِ مُقَـلِّدي ...

الماركاتِ الرصينةِ الثريّة

فأنتم زبائنُ مفارشِ الأرصفةِ الرخيصة

لا أقربُ عتبَتكم وأعتلي مدارجَكم

أرأبُ أنْ أمدَّ يدي لموائدِكم

مهما طاب مذاقُها وفاحت عافيتُها

آنفُ أنْ أشربَ أو أرِدَ حوضَكم

حتى لو كان سلْسلاً عذْباً رائقاً

أسملُ عينيَّ إذا هفتْ لمرآكم

أحرقُ ورودي إذا حُزِمت بأيديكم

أطبقُ جفنيَّ إذا لمحتْ وجوهَكم

أخنقُ صوتي حين يلهجُ بذِكركم

أمزّقُ صدري إنْ ضمّكم بين جانحيه

أقطعُ ذيلي الأمامي

إذا اشتهى نساءَكم

دعوني أحزمْ حقائبي

لأحملَ عبأَها وحدي

فقد ضاقتْ بي جحورُكم الخانقة

وبُلِيَتْ في يديَّ قيودُكم الضيّقة

تعالَي أيتها الريحُ الصرصر

افرشي صهوتَكِ لجليسك المغادر

انثري سنواتِ العمر العجاف

لتلحقَ بأوراق الروزنامات المتطايرة

لم يبقَ من الحياةِ

إلاّ هزيعُها الأخير

خذي ركامَ الذكريات

مريرَها وحلْوَها

بعْثريها للراحلين والغادين

في الموانئ ، في المطارات

في أرصفة القاطرات ، في أقبية المترو

في محطّات الطرقِ البريّة

في مسالك المهاجرين غير الشرعيين

في معتقلاتِ طالبي اللجوء

في مقاهي الأكتاف المبلّلة

حيث الزنوجُ والهاربون من الجحيم

يطأون المراكبَ المتهالكة

ليس عليَّ ان أُودِّعَكم بأثقالي

لا وقتَ لديَّ لطرحِها أرضاً

أريد ان أبزَّكم من ذاكرتي

أمْحوَكم من وثائقي الرسمية

أشطبُ نسلي ومحتدي ومسقطَ رأسي

لأن هامتي تعلو في غيرِ وديانِكم الخانقة

[email protected]