ما أجملَ أن تغتربَ في ذاتك.. وعنها..

الإغترابُ: سفرٌ ليس له مسافة محددة ولا أبعاد أو حدود..

يشعرك الإغترابُ أنك كونٌ بلا عوالم،

وكلما عزفكَ الحنينُ أغنيةً.. تُردِّدُكَ أصداءُ الفضاءِ وجودًا بلا زمن.

فلا يتملَّكَك ضميرٌ ولا يستعبدُكَ ذنبٌ، لتبقى كائنًا سابحًا في خيال لا يهرم،

كالربيعِ وهو يحتفلُ بعناقِ زهرة،

وكالرحيقِ وهو يزهو بقبلة نحلة،

وكلحظةِ مساء تتوسدُ حضنَ قمرٍ مضيء.

من يدمن الإغترابَ يبحث دائمًا عن غربة، كي توقظَ فجرَهُ المنبلج في ليلهِ المعتم..

فيكون والصبحُ خليلين،

تُراقبُهُما شمسٌ، وتحنوا عليهما نسمةُ هواءٍ عليلة،

وكلما تأوهَ الصدرُ.. يكون الفضاءُ رئتَه التي يتنفس ُ عبرها، والنهارُ عينَه، التي يرى بها.

وتكون الطيورُ المحلقةُ بأجنحتِها، فكرَهُ المضيء حين تحتضنهُ الأغصانُ لتُزهِرَهُ ألحانَ غناء، وتُثمِرَهُ عزفَ موسيقى على مسارحٍ من غاباتٍ تضللُ النفسَ بخضرتها وسط كونٍ مفعمٍ بالاغتراب.