لا يختلف اثنان على الطفرة التي تعيشها السعودية هذه الأيام والتي تعود إلى ارتفاع أسعار النفط وعودة الأموال المهاجرة بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) وانخفاض أسعار الفائدة على المستوى العالمي الأمر الذي انعكس بشكل ايجابي على الاقتصاد السعودي.
الأسهم السعودية كانت المستفيد الأكبر من هذا الأمر حيث ارتفعت قيمة السوق بشكل ملفت خلال الأعوام الثلاثة الماضية ووصلت أسعار الشركات إلى أسعار قياسية خاصة الِشركات الخاسرة منها والتي تمثل نسبة ليست بالسهلة فنصف الشركات تقريباً لم تصل إلى مرحلة توزيع الأرباح بعد, ولكن الأمر الذي أصبح الأكثر لفتاً للانتباه هو ظاهرة زيادة رأس مال الشركات من خلال الاكتتاب خاصة الشركات الخاسرة.
هنالك البعض يرى بأن هذا الأمر من شأنه دفع عجلة الشركات المتعثرة من جديد استعادة عافيتها وأن هذه الاكتتابات لا تفقد السوق قوته بل أنها داعم قوي له, بينما يرى البعض الآخر بأن هذا الأمر من شأنه إضعاف السيولة الموجودة في السوق والتي تعتبر سر قوته وأن هذه الشركات لا تستحق هذه الأموال نظير فشلها الكبير وعدم تطورها بالرغم من هذه الطفرة.
عرض النقود الكبير الذي يفوق المعروض في السوق والذي هو السبب الرئيس في الارتفاع الكبير في الأسعار والتحسن الملفت لعدد كبير من الشركات التي تسعى جدية لتحسين مراكزها المالية, ولكن بالرغم من هذا كله فإن هذا الأمر بحاجة الذي وضع قيود وشروط معينة من قبل الجهات المسئولة التي تسعى لدعم الشركات قبل البدء في السوق الجديدة التي ستكون لها أنظمة جديدة قد تضع قيود جديدة للشركات الموجودة فيها مما قد يدفعها لإبعاد بعض الشركات وعد طرحها في السوق, ومع هذا كله إلا أن الأمر الملفت للانتباه أن بعض الشركات التي أعلنت عن نيتها زيادة رأس المال ما زالت بعيدة عن الربحية وحتى التحسن خصوصاً وأنها غارقة في الديون وأثبتت السنوات الطويلة فشلها وغرقها في وحل الإدارات الضعيفة التي ما زالت تسيطر كوادرها على هذه الشركات بالرغم من عدم وجود الكفاءة لذلك فإن الاكتتاب في هذه الشركات هو أشبه بحرق المال أو تذويبه وهو بمثابة التفريط في المكتسبات الكبيرة.
يأتي ذلك في وقت تنتظر فيه السوق طرح أكثر من 20 شركة خلال العامين الجاري والمقبل خصوصاً وأن عدداً كبيراً من الشركات الجديدة هي من ذات الوزن الثقيل كالبنك الأهلي التجاري والخطوط السعودية وسكك الحديد والاتصالات.
المقارنة بين الحالتين الاكتتاب في الشركات الجديدة وخصوصاً القائمة منها والشركات الخاسرة, الحالة الأولى هي أشبه بشراء القصر الفخم ذو الأساسات المتينة, أما الآخر هو أشبه بترميم منزل قديم ذو أساسات ضعيفة وتحويله إلى قصر فخم لذلك مهما عمل فيه فلن يظهر بالشكل الأمثل والتأسيس سيكون أسهل بكثير خصوصاً للشركات التي ليس لديها أية مكتسبات, لذلك فإن دعم الناجح أفضل بكثير من دعم الفاشل لأن الأمر هو أشبه بالمخاطرة كبيرة, ومساعدة الشركات, كما أن الدعم لا يكون بالمال فقط بل بالوقوف على الشركات ومعرفة مشاكلها الحقيقية من خلال الرقابة, والدعم من خلال تنظيم الاحتكار وتحديد التراخيص, ودراسة متطلبات السوق, فالعديد من الشركات تحتاج إلى الدعم من خلال النظام أكثر من حاجتها الدعم المادي.