أبدى الكثير من الخبراء الإقتصاديين دهشتهم لما احتوى عليه العرض الإماراتي الذي تقدمت به شركة " إتصالات" الإماراتية وذلك للحصول على الرخصة الثانية لشبكة الهاتف المحمول في السعودية ، ولعل مكمن هذه الدهشة وحجم الأسئلة المتزايده هو ارتفاع العرض المقدم بشكل لايمكن إغفالة أو التغاضي عنه والذي وصل إلى اثني عشر مليار ريال سعودي ، مما جعل السعوديين يسئلون أنفسهم : " إنه عرض مرتفع ...ولكن لماذا ؟ " .
لايطرح المتابعين للشان الخاص بالإتصالات الدولية آرائهم جزافاً بل إنها نتاج لتراكمات معرفية وخبرات مكتسبة ومتقدمة تجعل ارائهم محاطة بكمية كبيرة من المصداقية ، لذلك هم يرون أن العرض المقدم من شركة " إتصالات" الأماراتية هو عرض مبالغ فيه إلى حد كبير وسيضع الشركة في العديد من المشاكل المختلفة على كافة الأصعدة وربما تتسبب مشاكلها في إحداث ربكة إقتصادية تكون الساحة الإقتصادية السعودية مسرحها ، وسبب الربكة كما يتحدث المطلعون ان الشركة في ظل عرضها المالي الضخم الذي تقدمت به فإنها ستظطر في نهاية الأمر أن تقع اسيرة اعباء مادية وديون مالية ربما لن تستطيع الوفاء بها في ظل منافسة " شركة الإتصالات السعودية " التي تحتكر سوق الإتصالات السعودي حتى اللحظة ، وربما لن تستطيع استرداد مبلغ عرضها على المدى القصير لاسيما إن أخذنا في الإعتبار ماستقوم بتحمل تكاليفة في السنوات الخمس الأولى لتعزيز البنية التحتية لإتصالاتها في السعودية ، ولعل من الأسئلة الوجيهة التي تُطرح أنه كيف ستقوم البنوك الأجنبية التي ستقوم بالدعم اللوجستي الخاص بالسيولة النقدية بدعم مشغل صغير لا يملك تواجدا خارج قطرة الإقليمي إلا في منطقة واحدة _ زنجبار _بستين ألف خط فقط في الوقت الذي يشغل فيه منافسوها حجما أكبر من عدد خطوط التشغيل ، حيث تشغل " شركة تليكوم إيطاليا موبيل قرابة 60 مليون خط, وشركة تيليفونيكا التي تشغل ما يزيد على 55 مليون خط, وشركة أوراسكوم المصرية التي تعمل حاليا على تشغيل 8.1 ملايين خط في 10 دول عربية وإفريقية وآسيوية.
ويرى آخرون بأنه طالما أن الرخصة الثانية لشبكة المحمول تخص القطاع الخاص فكيف تحصل عليها شركة مملوكة للحكومة الإماراتية ، وذلك إذا أخذنا في الإعتبار بأن شركة " إتصالات الإماراتية" تعتبر الحكومة المساهم الأكبر فيها وبنسبة تتجاوز الستين بالمئة .
ويرى المهتمون في التكنيك التقني لشبكات الإتصال بأن الشركة الإماراتية هي مستورد للتقنية فكيق ستقوم بتوطينها ، لاسيما بان المملكة العربية السعودية تعتبر من الدول النامية التي هي بأمس الحاجة لعمليات توطين التقنية وذلك للإنتفاع بها مستقبلا بعد إكتمال مراحل النمو المختلفة على المستوى الصناعي والتقني ، من هنا يبدو بان الشركة ربما تصل إلى عنق الزجاجة خاصة بان شركتي " تليكوم إيطاليا موبيل" و " تلفونيكا" مهتمتان بعملية نقل التقنية وتوطينها .على الصعيد ذاته مايزال رجل الأعمال المصري البارز نجيب ساويرس مال شركة " أوراسكوم" قابضا على الكثير من الأمل والتفاؤل حتى هذه اللحظة وقال إن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية أعلنت قيمة العروض المقدمة لكنها لم تعلن الفائز حتى الآن، مشيرا إلى أن ما نشر بوسائل الإعلام لم يكن دقيقا، وأنه لن يعتبر نفسه قد خسر العطاء إلا بعد إعلان اسم الشركة الفائزة بشكل رسمي. وقال بأنه مازال متمسكا بالأمل في الفوز بالرخصة الثانية للجوال السعودي، مشيرا إلى أن شركة اتصالات الإماراتية قدمت أكبر عطاء لكن لم يعلن فوزها بالرخصة. وقال في تصريحات مختلفة إن المستثمر الذي يقدم عرضا مبالغا فيه لابد أن يحصل ذلك من المشتركين أو المستخدمين وأن الشركة التي قدمت أكبر عطاء ليس لها خبرات سابقة خارج نطاق وطنها وأنه "لا يريد أن يغضبهم أكثر من ذلك". وكانت أوراسكوم قد جاءت الثالثة من حيث قيمة العروض بعد اتصالات الإماراتية وتحالف "أم تي ان" الجنوب إفريقية .
من جهة أخرى أعلن اتحاد سماوات تيليكوم إيطاليا موبيلي في وقت سابق عن التوصل إلى اتفاقية تعاون مع شركة إن تي تي دوكومو اليابانية لتقديم الدعم الفني للمنافسة المطروحة على تراخيص الجيل الثاني والثالث في السعودية ضمن تحالف يعد الأكبر على مستوى العالم في قطاع الاتصالات، أما الطرف المحلي في هذا الاتحاد فيضم مجموعة من الشركات السعودية وهي شركة الدار القابضة، وشركة الحاج علي حسين رضا وشركاه المحدودة، ومجموعة الموارد للاستثمارات المحدودة، وشركة يوسف بن أحمد كانو وشركة بن سليمان القابضة المحدودة، وشركة فن المعمار السعودية، وشركة سهيل عبدالمحسن الشعيبي وأولاده القابضة، وشركة نسما القابضة المحدودة، وشركة دار الجزيرة، وشركة الرقمية، والمجموعة الوطنية للتقنية.
وقال نائب المدير العام لمجموعة تطوير الأعمال وممثل اتحاد الاتصالات المتنقلة وشريكهم "أم تي سي الكويتية" هيثم سليمان الخالد: إن قطاع الاتصالات في السعودية مغر جداً، وله مجال كبير للنمو، مشيراً إلى أن لدى اتحاد الاتصالات المتنقلة القدرة على أن يضيف لسوق الاتصالات في السعودية جميع الخدمات التي يتطلبها المشتركين ,
وكانت هيئة الإتصالات السعودية قد ربطت خفض أجور المكالمات بموافقتها وذلك تفاديا لحرب أسعار بين الشركات المتنافسة .
ومن المقرر أن تتمتع الشركة الفائزة بحرية استخدام البنية التحتية لفترة محددة على أن تلعب هيئة الإتصالات والتكنولوجيا دور الوسيط بين شركة الإتصالات السعودية والشركة الجديدة الفائزة لاستخدام شبكة شركة الإتصالات الأمر الذي سيرفع من ربحيتها جراء استخدام الشبكة، على أن تعمل الشركة الفائزة بإنشاء بنى تحتية أساسية والاستثمار في المناطق النائية في السعودية.
وستلزم الهيئة الشركة الفائزة بالإجراءات الأمنية والسرية التامة لكافة الإتصالات كونه يعد من أهم المنشآت المتنافسة.
إذا هذا الأمر لم يحسم بعد ، وهذه الأحاديث الطويلة والتصاريح المشتعلة ليست هي الأمر الحاسم . الأمر بعيد بعيد جدا عن هذا التنظير . اذا أين هو ؟ .. إنه هناك على طاولة مجلس الوزراء السعودي الذي سيقرر من هو الأحق بالحصول على الرخصة الثانية للهاتف المحمول .