موسكو: تنعكس قضية المجموعة النفطية الروسية الكبرى "يوكوس" في ختام عملية قضائية طويلة طغى عليها الجانب السياسي الى حد كبير، سلبا على الاقتصاد الروسي وتلقي بثقلها على سوق النفط العالمية التي تخشى زعزعة استقرار هذا القطاع في روسيا. وتنتج هذه الشركة المهمة في الاقتصاد الروسي لوحدها 7،1 مليون برميل من النفط يوميا، اي حوالى عشرين بالمئة من النفط الروسي. وكانت اكبر شركة من حيث الاسهم في بورصة روسيا قبل ان يتراجع سعر سهمها بمقدار النصف منذ نيسان/ابريل مما ادى الى انخفاض بورصة موسكو.

وفي مطلع الشهر، اكد الرئيس فلاديمير بوتين الذي يتوقع نموا اقتصاديا بنسبة 6،6% هذه السنة ان "الوضع الجيد على صعيد القطاعات الاقتصادية الشاملة في روسيا هو المؤشر الاكثر اقناعا بالنسبة للمستثمرين". ومع ذلك، استؤنف هروب الرساميل بتشجيع من قضية "تكبح حركة الاستثمارات عبر المناخ السيء الذي تنشره". ولم تكن المجموعة الروسية العملاقة "يوكوس" يوما في وضع اصعب مما هي عليه اليوم بسبب عدم تمكنها من تسديد ما يقارب سبعة مليارات دولار من الضرائب عن عامي 2000 و2001 نتيجة قرار قضائي بتجميد اسهمها واصولها وبسبب وجود اكبر مساهميها ميخائيل خودوركوفسكي في السجن.

وتخلت "يوكوس" عن معركتها القضائية وتسعى الى التفاوض عن مخرج للازمة اقل سلبية. لكن ايا من عروض التسوية التي قدمتها لم يحظ بالتأييد حتى الان وقام المباشرون القضائيون هذا الاسبوع بحجز اسهم فروعها. الا ان هذه الشركات لا تزال تنشط بصورة شبه طبيعية كما ان صادرات النفط الخام عبر الانابيب مؤمنة حتى مطلع اب/اغسطس. لكن الغموض يلف المرحلة التي تلي. وبدات الدول المستهلكة للنفط والتي كانت تعتمد على روسيا لمواصلة تغذية العرض العالمي من النفط الخام بصورة متزايدة، تشعر بكثير من المخاوف التي تدفع بدورها الاسعار النفطيةالعالمية الى الارتفاع.
وارتفع انتاج النفط الخام الروسي بنسبة 11% في العام 2003 ليبلغ 421 مليون طن.

واعتبرت وكالة الطاقة الدولية انه "من غير المرجح حصول انقطاع كبير وطويل الامد في الانتاج على المدى القصير"، لكنها اشارت الى ان هذه القضية "تطرح تساؤلات بشان نمو الانتاج على المدى الطويل والاستثمارات المتوقعة". واعلن الرئيس بوتين انه يريد تفادي افلاس المجموعة. ورأى ايمانويل فيري المحلل في بنك "اكسان بي ان بي باريبا" ان السيناريو الاكثر ترجيحا يبقى "حلها مع التنازل عن الاسهم لحساب مجموعات نفطية قريبة من السلطة".

وتهدف الحكومة الى تأسيس شركة نفطية حكومية عملاقة لتسيطر اكثر على المردود النفطي الذي قد يضاف الى ما تجنيه مجموعة "روسنفط" الحكومية، كما اعتبر عدد من المراقبين. لكن شركة "سورغوت نفط غاز" ومجموعة "غازبروم" العملاقة وحتى شركة كبيرة اجنبية قد تكسب ايضا بعض الاسهم.وتمثل فرضية "اعادة التأميم" هذه "خطر التوسع باتجاه مجموعات اخرى تنشط في مجال الموارد الطبيعية"، كما قال فيري.
والخطر كبير ايضا الى حد انه يخشى معه ان تؤدي مجموعة حكومية عملاقة غير فعالة تنشط في مجال الطاقة الى كبح حركة تنمية القطاع النفطي الروسي وكبح النمو الاقتصادي عبر التوسع.

ومنذ العام 2000 "لم تسجل الشركات النفطية الحكومية نموا كبيرا بينما ساهمت الشركات الخاصة بما بين خمس وربع النمو" الروسي، كما اشار الاقتصادي في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية روديغر اهرند في مقال نشرته الصحافة في موسكو الجمعة. واضافة الى ذلك، فان هذا القطاع يلعب دورا اساسيا في اعادة توزيع الاستثمارات والعائدات على كافة قطاعات الاقتصاد الروسي وفي توازن الموازنة والميزان التجاري ايضا، على حد تعبيره.