المؤسسات الإقتصادية اتدعم السلام؟
جنيف
ما أن أعلن المعهد الفدرالي العالي للتقنية في زيورخ ETHZ، في نوفمبر 2005 عن انطلاق مشروعه البحثي، في العلاقة بين نشاط الشركات ودعم السلام في العالم، حتى سارعت 5 مؤسسات اقتصادية خاصة للتسجيل فيه حتى الآن. ومن المثير أن تلك الشركات لم تكن من منطقة واحدة في سويسرا بل من مختلف مناطقها، وهي من المرات النادرة التي تجتمع فيها شركات من شرق سويسرا وغربها حول اهتمام واحد.
ويقول دانيال غانسر من وحدة أبحاث الأمن السياسي التابعة للمعهد الفدرالي العالي للتقنية في زيورخ، والمسئول عن المشروع، إنه يعتمد في الأساس على التعاون مع الشركات التي ترى رابطا وعلاقة بين نشاطها التجاري والاقتصادي، وإمكانية منع الحروب أو دعم السلام، حيث يعتقد في حديثه مع سويس انفو، بأن quot;هناك علاقة (سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة) بين الأمرينquot;.
البعد الثالث
وطبقا لرؤية غاسنر، يجب أن تتمتع الشركات المهتمة بالمشاركة في هذا المشروع بحصيلة تجارب ايجابية في المجال الاجتماعي، يصفها بـ quot;اهتمامات حمراءquot;، وحصيلة ايجابية أخرى في المجال الاقتصادي والبيئي يعتبرها quot;اهتمامات خضراءquot;، ثم يضاف إليها الآن الاهتمام بالعلاقة مع دفع وتنشيط السلام، لتجد ما يعتبره quot;البعد الثالثquot;.
ويؤكد غاسنر لسويس أنفو على أن وحدة الأمن السياسي المشرفة على المشروع هي التي لها القرار النهائي في الحكم على الشركة، إن كانت بالفعل قامت أو يمكن أن يكون لها دور في دعم السلام.
أما إذا لم تكن من ذوات الخبرة في هذا المجال، فيجب عليها إثبات إمكانية قيامها بدور فعال مباشر أو غير مباشر في نشر السلام، ومنع نشوب الصراعات، ويبقى للجنة المشرفة على المشروع الحق في التأكد من تلك الافتراضات أو الإمكانيات.
لكن غاسنر أوضح بأن الشركات الأولى التي نجحت في استيفاء كافة الشروط كانت لها خبرات جيدة في هذا المجال، وقد تعمد القائمون على المشروع البحثي في أن تكون أولى الشركات المقبولة من ذوات الخبرة، حيث يمكن النظر إليها على أنها مقياس أو مثال يحتذى به.
ورغم الشروط الصارمة الموضوعة، لا يستبعد القائمون على المشروع أن تلجأ شركات حققت أرباحا من خلال تجارة السلاح أو أي نشاط آخر ساهم في اندلاع حرب أو استمرار نزاع، في أن تلتحق بهذا المشروع، حرصا منها على تحسين صورتها أمام الرأي العام، لا يمكن القول بأن جميع شركات صناعة السلاح داعمة للحروب، على الرغم من أن العالم بدونها سيكون أكثر أمانا
التركيز على الجهود العملية
ويعتقد غاسنر بأن الشركات المتورطة في هذه الأنشطة، تخشى من الوقوف أمام العدالة لتصحيح أخطائها أو دفع تعويضات للضحايا والمتورطين، وإذا كان من الصعب وضع قائمة سوداء لتلك الشركات، فمن العسير أيضا إثبات حسن نية أو براءة الشركات المشبوهة، حتى وإن كانت من المتخصصة في إنتاج السلاح والعتاد الحربي.
في هذا السياق، يقول المسؤول عن مشروع الشبكة: quot;وجود مسدس في يد شرطي يمكن أن يحول دون نشوب صراع أو حرب، عند استخدامه لفرض سلطة القانون أو الأمن والنظام، وهنا، فإنه استخدم السلاح لفرض السلام، أما خروج طلقة من فوهته في رأس الخصم أو العدو، وليتحول السلاح هنا إلى أداة إعلان حربquot;.
ومن نفس هذا المنطق، يرى دانيال غاسنر بأن الشركات العاملة في مجال تجارة السلاح والعتاد الحربي لها دور مزدوج، ولذا يجب تقييم موقف كل شركة من حالة إلى آخرى، وإذا ما قامت بخرق اتفاقية أقرتها الأمم المتحدة أو معاهدة دولية تتعلق بالحرب هنا أو هناك، وعلى كل quot;لا يمكن القول بأن جميع شركات صناعة السلاح داعمة للحروب، على الرغم من أن العالم بدونها سيكون أكثر أماناquot;، على حد قوله.
المشروع البحثي لا يهدف على ما يبدو إلى تلميع صورة الشركات المساهمة فيه، حتى تظهر في النهاية وكأنها احد رعاة السلام في العالم، بل يهدف أولا إلى إثبات أن الإقتصاد يمكن أن يساهم بنصيب في التعامل مع عدم الإستقرار وبؤر التوتر التي تهدد مناطق مختلفة في العالم، وباتت انعكاساتها لا تقتصر على المكان الذي وقع فيه الحدث، بل تتجاوزه إلى بقاع مختلفة، ولاشك في ان اطرافا عديدة مختلفة تتشوق لمعرفة نتيجة هذه الدراسة وما ستتوصل إليه في نهاية 2006، ومن المحتمل أن يتواصل البحث عن شركات تدعم السلام في هذا العالم المتوتر إذا واصل صندوق البحث العلمي تمويل المشروع.
أثبتت العديد من الدراسات في العشرية الأخيرة وجود علاقة بين النشاط الإقتصادي والإستقرار الإجتماعي، من خلال منع الحروب أو نشر السلام، إلا أن تلك الأبحاث لم تتوصل إلى وجود آلية جيدة لتفعيل دور الإقتصاد في خدمة السلام.
مركز دراسات الأمن السياسي التابع للمعهد الفدرالي العالي للتقنية في زيورخ قرر أن يبحث في الآليات التي استخدمتها بعض الشركات والمؤسسات السويسرية لـquot;صناعة السلامquot; وكيف يمكن الإستفادة من تلك الخبرات، كدور فعال يمكن للشركات أن تساهم به لإحلال السلام في العالم.
- آخر تحديث :
التعليقات