الصناعات الصينية تسيطر على اسواق باكستان


علي مطر من اسلام اباد


المستهلكون بباكستان يستفيدون ايما استفادة من التجارة القانونية وغير القانونية للمنتجات الصناعية الصينية التي تتدفق على اسواقهم ولكن حكومتهم هي التي تخسر ملايين الدولارات من العوائد المالية التي كانت ستجنيها لو ان هذه التجارة اقتصرت على الجانب القانوني فقط، فقد اصبحت المنتجات الاجنبية ولاول مرة في تاريخ باكستان تباع على قارعة الطريق وحتى في داخل الباصات العامة وباسعار زهيدة. والسبب وراء ذلك ارتفاع تكلفة الانتاج المحلي والضرائب الباهظة التي تثقل كاهل الصناعة المحلية بباكستان والتي تجعلها غير قادرة على منافسة المنتجات الصينية.

فمن جانب ادت المنتجات الصينية الى خلق الكثير من فرص العمل امام الباعئين والتجار ولكنها من الجانب الاخر الحقت الضرر بكثير من الصناعات المنظمة والمؤسسة جيدا في باكستان واحتلت بذلك قدرا كبيرا من الحصص بالسوق المحلية.

بل ان المستهلكين الذين افقدتهم معدلات التضخم المرتفعة صوابهم يشعرون بالغبطة وهم يتفحصون المصنوعات الصينية الرخيصة ويقبلون على شراءها بشغف. اما المستهلكون الذين يهتمون بالنوعية والجودة فانهم يمتنعون عن شراء المنتجات الصينية ولكن اعدادهم قليلة وفي تناقص مستمر مع ارتفاع تكاليف المعيشة وانحسار مصادر الدخل.

الاحصائيات العشوائية بالسوق الباكستانية اثبتت ان ملابس الاطفال الصينية قد استولت على 90 بالمائة من حصص السوق ويليها 80 بالمائة من الحصص للمنتجات المكتبية و50 بالمائة من الحصص للاصباغ و10 بالمائة من الحصص للاثاث و50 بالمائة للملابس النسائية وما يزيد عن 50 بالمائة للاجهزة الكهربائية ومن 10 الى 15 بالمائة للسترات النسائية في حين استولت مصنوعات الجاكيتات الرجالية على 100 بالمائة من حصص السوق وتمكنت الاحذية الصينية من الوصول الى نسبة 50 بالمائة من الحصص.

وبالاضافة الى ذلك فان الحقائب الجلدية والحقائب الفاخرة والحقائب المدرسية والمجوهرات الصناعية وحقائب النساء والساعات والمرايا واقفال الابواب والزوائد التي تضاف للسيارات ومواد التجميل والاكسسوارات وقطع غيار السيارات وكذلك الدراجات النارية وقطع غيارها؛ جميعها وكثير غيرها متوفرة بقدر كبير في السوق الباكستانية.

في الماضي القريب كانت الاسواق الباكستانية مكتظة بالمنتجات اليابانية وخصوصا الاجهزة الالكترونية ولم يخلوا منزل من قطعة او اكثر منها. هذه المنتجات كان يتم تجمعها في ماليزيا وسنغافورة والتي عصفت حينها بالسوق الباكستانية وسيطرت عليها. الا ان قدوم المنتجات الصينية الرخيصة قبل بضعة اعوام قد قلص شعبية المنتجات اليابانية واعاد المنتجات المجمعة في ماليزيا وسنغافورة الى الوراء. واختفت مقولة quot;البضاعة الجيدة سعرها جيد ايضاquot; والتي كانت ترافق المنتج الياباني.

والسائد اليوم وخصوصا لدى المستهلكين الذين يعانون من اول الشهر الى اخره هو شراء المنتج الذي يستخدمونه ويستفيدون منه واذا ما خرب او اصابه عطل فانه من السهل استبداله لرخص ثمنه. فقد ادى ضعف القوة الشرائية لدى المستهلك الباكستاني الى اختياره للمنتج الصيني قليل الجودة مع ان الصين تصدر منتجات عاليه الجودة ايضا وينتهي بها المطاف الى الولايات المتحدة ولكنها ليست في متناول المشترى الباكستاني.

ويأتي ذلك بعد ان ارتفعت معدلات التضخم من 6ر4 بالمائة في عام 03-2004م الى 3ر9 بالمائة في عام 04 ndash; 2005م وفقا لمؤشر اسعار المواد الاستهلاكية، ويعتقد بان النسبة ستتراوح ما بين 8 او9 بالمائة في العام الحالي.

ولم تعد هناك اي مشكلة في قيام المحال التجارية بعرض المنتجات الصينية في اسواق مدن باكستان المختلفة. فتجدها في اسواق طارق رود وزيبالنسا بمدينة كراتشى وباسواق العاصمة اسلام اباد بل وفي مقر معرض الصناعات الباكستانية بمدينة لاهور وفي محال ومتاجر سوق التهريب بمدينة بيشاور.

وفي المقابل تعاني جوانب اخرى من الاقتصاد الباكستاني بسبب تدفق المنتجات الصينية وتواجه نقصا في العوائد الضريبية والتي تصل الى ملايين الدولارات بسبب التهريب والخداع في ابداء الحسابات الحقيقية واغلاق وحدات المصانع المحلية والبطالة الناجمة عن ذلك واستمرار بل وتنامي التهديد للصناعات والمنتجات الباكستانية التي تعاني اصلا من الزيادات المتكررة التي تفرضها سياسيات الحكومة على الوقود والغاز مما يزيد من معاناة هذه الوحدات الصناعية.

وتفيد الاحصائيات بان ما يصل الى باكستان من البضائع الصينية هو من قطاع الدرجة الثالثة او الرابعة من حيث الجودة وان المقصود به هو شريحة محددة من المستهلكين والتجار الباكستانيون يخشون من استيراد بضائع صينية ذات جودة عالية لان المستهلك لن يكون قادرا على التناغم مع اسعارها.

ما السبب الذي سيجعل المستهلك الباكستاني يختار حذاء محليا سعره يتراوح ما بين 14 او 28 دولارا في الوقت الذي يستطيع فيه شراء حذاء صيني الصنع لا تزيد قيمته عن 3 او 4 دولارات.

كما انه يستطيع شراء مشغل اسطوانات مدمجة بقيمة 14 او 18 دولارا في حين ان المنتج الكوري المقابل يصل سعره الى 50 دولارا. بينما يصل سعر جهاز الـ ( DVD ) الصيني الى 42 او 50 دولارا مقابل 70 او100 دولار للاجهزة المجمعة في ماليزيا وكوريا.الشركات التجارية الباكستانية اصبحت تطلب كميات كبيرة من الاجهزة المنزلية الصينية وتعقد صفقات مع المصنعين الصينيين لكي يضعوا اسم الشركة الباكستانية المحلية عليها.

ويؤكد احد رجال الاعمال الباكستانيين على ان الإقدام على انشاء وحدة صناعية محلية جديدة لانتاج مواد استهلاكية بسيطة في باكستان يُعد انتحارا على ضوء توفر هذه المنتجات باسعار زهيدة جدا من الصين ومن خلال التهريب كذلك.

اما في مجال الدراجات البخارية فان شركات يابانية مثل هوندا وياماها وسوزوكي كانت لها السيطرة المطلقة على السوق الباكستانية قبل اعوام ثلاث خلت لتحل مكانها وباسعار زهيدة 41 شركة صينية لتصنيع هذه الدراجات من خلال اتفاقيات مشتركة مع نظراءها الباكستانيين ولم تعد دراجات هوندا تحظى بالمكانة السابقة من السيطرة وحلت مكانها اسماء صينية غريبة على سمع المستهلكين ولكنها ارخص بكثير. فقد شهد اقليم السند الباكستاني.

في عام 2003م بيع 60000 دراجة نارية صينية منها 15000 مستوردة بالكامل من الصين. وارتفع البيع في عام 2004م الى 120000 دراجة ويحتمل ان يصل العدد الى 250000 في العام المالي الحالي.

بعض التجار قاموا بادخال سيارات النقل الصينية الخفيفة اما من خلال تصنعيها محليا او استيرادها جاهزة من الصين والتي اصبحت تنافس المركبات اليابانية من الحجم ذاته.

الواردات الباكستانية من الصين ازدادت الى ما قدره 84ر1 بليون دولار في عام 04-2005م عن 1ر1 بليون في العام المالي الذي سبقه في حين ان صادرات باكستان للصين وقفت عند 354 مليون دولار في 04- 2005م مقارنة مع 288 مليون دولار في عام 03-2004م.