نمو كبيرلأسواق الخليج و السعودية في المقدمة

الكويت


شهدت كافة أسواق الأوراق المالية بدول مجلس التعاون الخليجي خلال العام الماضي نموا جيدا، أتى في طليعتها السوق السعودي الكبير، الذي حقق نموا سنويِا بلغت نسبته 103.66 في المائة في العام 2005. كما حقق سوقي الإمارات وقطر نموا سنويا ضخما بلغت نسبته 102.9 و83.45 في المائة على التوالي. كما تميز العام 2005 بعمليات إدراج بعض الأسهم البارزة، والتي اقترنت بتحقيق مكاسب ضخمةَ لأسعارها، مما دفع بالقيمة السوقية المجمعة لأسواق دول مجلس التعاون الخليجي لاختراق حاجز 1 تريليون دولار أمريكي في العام 2005.

وتأتي تلك المكاسب الضخمة إثر سلسلة من العوامل منها الأداء المالي القوي الذي تشهده الشركات، توافر السيولة بفضل ارتفاع أسعار النفط، والنمو القوي للاقتصاد الكلي. فضلا عن أنشطة العمل الإيجابية وارتفاع ثقة المستهلكين، مما أدى إلى تزايد إقبال المستثمرين، والذي انعكس بدوره في صورة ارتفاع كبير في حجم التعاملات في كافة الأسواقِ. إلا انه في الوقت الحاضر يبدو ترقب المستثمرين للإعلان عن نتائجِ العام 2005، والتي ستملي الاتجاه المستقبلي لتلك الأسواقِ. هذا وتبدو قوة ثقةُ المستثمرين في السوق، ونتوقع معاودة أنشطة التداول الارتفاع في الشهور المقبلة، متأثرة باستمرار الزخم الإيجابي لأرباح الشركات.

وقد نتج عن ذلك أن شهدت أسواق رأس المال بدول مجلس التعاون الخليجي تغيرا كبيرا في السنوات الـست الماضية (كما هو مبين في الجدول أدناه) من حيث دورها في تعبئة الموارد. ويعزى النمو الضخم الذي حققته أسواق رأس المال في السنوات الثلاث الأخيرة إلى توافر السيولة، إضافة إلى التغيرات الأساسية والهيكلية في الاقتصاديات، والتي قامت بدفع أسواق الأوراق الماليةَ بدول مجلس التعاون الخليجي بصورة أكبر. فخلال العامين الماضيين، أبلت اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي بلاءا حسنا من حيث تنويع مصادر دخلها بمنأى عن النفط (حيث تراجعت مساهمة النفط كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي). وفي ذات الوقت، قامت هذه الدول بتحرير العديد من القطاعات مثل قطاع البنوك، البنية التحتية والعقارات، وغيرها. إلا انه مع التحسن الملحوظ للسيولة المتوافرة بالأسواقِ، أقترن ذلك بزيادة عمق أسواق رأس المال، سواء من حيث عدد الشركات المدرجة، أو من حيث القيمة السوقية. نتج عن ذلك ما تشهده الشركات من زخم جيد في الأرباح، والذي يتوقع له الاستمرار نتيجة للازدهار الاقتصادي، وتوافر فرصِ الأعمال الكبرى في المنطقة.

وقد كان العام 2005 على وجه الخصوص عاما جيدا بالنسبة لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي، ويضيف تقرير جلوبل انه حيث شهدت بلدان المنطقة أوضاعا ماليةَ قويةَ بفضل ارتفاع أسعار النفط. إضافة إلى ذلك، وفر ازدهار الاستثمار المالي للقطاع الخاص، وجهود الخصخصة المزيد من المحفزات لنمو كل من الناتج المحلي الإجمالي وسوق الأوراق الماليةَ. وقد نتج عن ذلك تحقيق كافة مؤشرات أسواق دول مجلس التعاون الخليجي نموا سنويا ضخما في العام 2005. وتصدرت السعودية كافة الأسواق بتحقيقها مكاسب سنوية بلغت نسبتها 103.7 في المائة في العام 2005، في حين جاءت الإمارات في المركز الثاني، بمكاسب سنويِة بلغت نسبتها 102.9 في المائة، تلتها قطر (+83.5 في المائة) ثم الكويت (+66.4 في المائة). في حين يبدو أداء سوقي البحرين وعمان أقل كفاءة فقط عند مقارنتهما بأسواق دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، إلا أنهما على الرغم من ذلك قد سجلتا نموا سنويا جيدا بلغت نسبته 23.70 و44.4 في المائة على التوالي في العام 2005.

كما ارتفعت القيمة السوقية لأسواق دول مجلس التعاون الخليجي، والتي بلغت حوالي 120 مليار دولار أمريكي في العام 2000، لتصل إلىِ 1,136.6 مليار دولار أمريكي في العام 2005. ويمثل هذا الارتفاع نموا تبلغ نسبته 844.2 في المائة على مدى تلك السنوات الخمس. وقد تضاعفت القيمة السوقية في العام 2005 مقارنة بالعام 2004، بارتفاعها من 524.9 إلى 1,136.6 مليار دولار أمريكي. بينما ارتفع إجمالي كمية الأسهم المتداولة في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي من 7.9 مليار سهمِ في العام 2000، وصولا إلى 100.69 مليار سهم في العام 2005، بارتفاع بلغت نسبته حوالي 100 في المائة إذا ما قورن بعدد 50.9 مليار سهمِ تم تداولها في العام 2004. كذلك ارتفعت القيمة الإجمالية للأسهمِ المتداولة في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي من 551.9 مليار دولار أمريكي في العام 2004 إلى 1,374.0 مليار دولار أمريكي في العام 2005، أي بارتفاع تبلغ نسبته 148.9 في المائة.

من ناحية أخرى شهدت أسواق رأس المال تحسنا في نشاط السوقِ الأولية، مما أدى إلى تزايد عدد الشركات المدرجة في أسواق الأوراق المالية بدول مجلس التعاون الخليجي، لترتفع من 492 شركة بنهاية العامِ 2004 إلى 579 شركة في العام 2005. كما نتوقع مزيدا من النشاطَ، مع اتجاه الشركات العائلية وحكومات المنطقة نحو التطرق إلى السوق الأولية بغية إطلاق قيمة استثماراتها. الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى تحسن أداء الأسواقِ الثانوية من حيث ارتفاع أنشطة التداول، وخاصة من قبل صغار المستثمرين.

في الوقت ذاته تشهد منطقة دول مجلس التعاون الخليجي تغيرا في الإطار التنظيميِ، مع قيام المؤسسات الرقابية بتقديم قوانين جديدة تحكم سوق رأس المال، بهدف تحسين المناخ الاستثماري في الدول المعنية. علاوة على ذلك، نعتقد أن مناخ السوق مواتيا لمزيد من الإدراجات على مدار العام القادم. ونتطلع لرؤية انضمام الشركات العائلية إلى ركب الشركات المدرجة بالسوق، وخاصة لمواجهة التغييرات التي أحدثتها العولمة. وبالفعل، هناك عدد من الشركات العائلية في طريقها لإدراج أسهمها بالسوق، ونتوقع ارتفاعا سريعا لعدد تلك الشركات، بمجرد أن يشهد بعضها النجاح. وتجدر ملاحظة أن بالسعودية يوجد حوالي 40 شركة مساهمة غير مدرجة، بحاجة للحصول على تمويل رأسمالي من السوق بقيمة تصل إلى حوالي 9.33 مليار دولار أمريكيِ، أعلنت عن اعتزامها طرح أسهمها للاكتتاب العام في العام 2006.

وكان لسعي حكومات دول مجلس التعاون الخليجي إلى تنويع اقتصادياتها وتهيئة أنفسها كوجهات سياحية، من أجل وقف تدفق رؤوس الأموال إلى مراكز سياحة عالمية، تأثيرا مباشرا على مجال واحد وهو قطاع الطيران. حيث تقوم دول مجلس التعاون الخليجي بتعزيز عملياتها الخاصة بشركات الطيران ورفع كفاءتها في أعقاب ارتفاع تكاليف الوقود، وكذلك تكاليف مواقف الطائرات بالمطارات، بالإضافة إلى ارتفاع التكاليف الإدارية. إلا أن الحدث الأكبر تمثل فيِ دخول شركات طيران جديدة منخفضة التكلفة، والتي على ما يبدو كان لها أثرها في إحداث تغيرات بالسوق بإشعالها فتيل المنافسة التي يتطلبها هذا القطاع بشدة.

ويبدو أن رجال الأعمال في دول مجلس التعاون الخليجي اقتدوا بقصص النجاح التي حققتها شركات الطيران العالمية قليلة التكلفة، مثل شركتي خطوط طيران Southwest وألاسكا في الولايات المتحدة، وشركتي RyanAir وEasyJet في أوروبا. ومع النجاح الذي حققته شركة العربية للخطوط الجوية، يبدو أن المشاركين من القطاع الخاص على استعداد تام للاستحواذ على قطاع الطيران من خلال إطلاق شركات جديدة مثل شركة طيران الجزيرة، أول شركة طيران كويتية خاصة، والتي احتذت بها شركة ميناجيت اللبنانية. كما أعلنت بعض المؤسسات الاستثمارية عن اعتزامها تدشين خطوط جوية منخفضة التكاليف في السعودية في العام المقبل، بدعمِ من عدد من المستثمرين السعوديين، استجابة للطلب المتزايد على خدمات شركات الطيران في المملكة ومنطقة الخليج. وفي الكويت، يباشر مؤسسو ثالث شركة طيران كويتية تابعة للقطاع الخاص التحضيرات النهائيةَ لطرح 350 مليون سهم بقيمة 35 مليون دينار كويتي للاكتتاب العام في شركة طيران جديدة، والتي تحمل اسم الشركة الوطنية للطيران.

ووفقا للتقاريرِ، لم تصب شركة طيران العربية بخسائر خلال عامها الأول مما يشير لتفضيل العملاء التعامل مع شركات الطيران قليلة التكاليف. وقد دفع ذلك أيضا شركات الطيران العاملة حاليا لابتكار الإستراتيجيات لمواجههَ المنافسة المقبلة عليها. وقد أعلنت مؤخراً، شركة الخطوط الجوية الكويتيةْ دراستها لخطة لإضافة ما بين ثماني واثني عشر طائرة جديدة من طرازي البوينج والإيرباص إلى أسطولها الجوي، بالإضافة إلى تحديث الأسطول الحاليِ، على مدى الأشهر السبع المقبلة. وقد دفع قطاع الطيران المتنامي بحكومات المنطقة لإعادة النظر في برامجِ الخصخصةَ المرتبطة به. ونعتقد بأنه من خلال مبادرة الخصخصةَ، سوف يكون القائمون على الخطوط الجويةَ قادرون على التصدي بشكل أفضل للمنافسة من ناحية تقديم الخدمات، والحد من التكاليف، كما أنهم سيعملون على كسب أكبر قدر من الحصة السوقية لهذا القطاع سريع النمو. وسوف يضمن تواجد عدد كبير من المغتربِين في هذه الدول، استمرار النمو القوي للقطاع في مجال الخطوط الجوية منخفضة التكلفة، ولاسيما تلك الموجهة نحو منطقة الشرق الأوسط ومنطقة جنوب آسيا.

في الوقت ذاته أبدت المنظمات الدولية للطيران اهتمامها، وسجلت ملاحظاتها حول قطاع الطيران الصاعد في منطقة الشرق الأوسط. وقامت المنظمة الدولية للطيران المدني بافتتاح مكتب للمراقبة الدوليِة في دبي، والذي يعد أول مكتب من نوعه في منطقة الخليج والثامن على مستوى العالمِ، والذي من شأنه مساعدة المنظمة الدولية للطيران المدني على تنسيق أنشطتها بالتعاون مع سلطات الطيرانِ المدني في المنطقة.

وسوف يكون لنمو قطاع الطيران تأثيرا مواتيا على ملامح الاقتصاد الكلي للمنطقة، فضلا عن أنه سيساعد في تحسين سيناريو التوظيف بها. كما أن إنشاء شركات الطيران وزيادة عدد المطارات سوف يتطلب استثمارات كبرى، والتي سوف توفرها المؤسسات المالية الإقليمية لاستغلال السيولةَ الوفيرةَ في المنطقة، مما يساعدها في جمع المكاسب والإيرادات القائمة على رسوم الخدمات. وسوف يساهم أيضا قطاع الطيران السريع النمو في زيادة استثمارات السياحة الإقليمية من خلال توفير رحلات جوية بسعر أقل وإتاحة المزيد من الخيارات أمام كل من المسافرين محدودي الميزانية، ورجال الأعمال.

كما شهدت أسواق الأوراق المالية هدوءا نسبيا، حيث تم تداول 8.9 مليار سهم بقيمة 189.2 مليار دولار أمريكي. وارتفعت القيمة السوقية لدى السوق السعوديِ وصولا إلى 645.9 مليار دولار أمريكي، والتي شكلت حوالي 56.8 في المائة من إجمالي القيمة السوقية لدى دول مجلس التعاون الخليجي. غير أننا نعتقد أن نشاطَ التداول سوف يكتسب زخما في الشهر المقبل، في أعقاب موسم العطَلات، والتي تزامنت مع بدأ موسم إعلان الشركات عن أرباحها مع بداية العام 2006.

في شهر ديسمبر من العام 2005، كان العمق الإجمالي للسوق مائلا نحو الأسهم المتراجعة، حيث تراجع سعر 246 سهما خلال الشهر، في مقابل ارتفاع أسعار 173 سهما. وكان السوق السعودي الوحيد الذي سجل معدل انخفاض- ارتفاع إيجابي مقداره 2.6، حيث حقق 56 سهما ارتفاعا في مقابل تراجع سعر 21 سهم خلال الشهر. كما خضعت السوق الكويتية لضغوط بيع كبرى، أسفرت عن تراجع سعر 105 أسهم، مقابل ارتفاع 41 سهم فقط، خلال شهر ديسمبر من العام 2005.