النعيمي:ارتفاع سعر النفط يثير قلق المستهلكين


عمان


قال وزير النفط السعودي علي النعيمي يوم الاثنين ان ارتفاع أسعار النفط دفع المستهلكين للتفكير مرتين قبل إنفاق أمواله،وقال النعيمي للصحفيين على هامش مؤتمر عربي عن صناعة الطاقة يعقد في الاردن ان المستهلكين يتحسسون جيوبهم عندما ترتفع الاسعار ويقبلون على الانفاق عندما تنخفض الاسعار، وأضاف أنه لا يوجد نقص في طاقة انتاج النفط في العالم وأن امدادات الخام تفوق الطلب.

وأكد النعيمي امس أن المملكة العربية السعودية تنسعى إلى تكوين صناعة بترولية متميزة من حيث التركيز على تطوير وتشجيع الصناعات والخدمات المساندة للطاقة بحيث تكون تابعة للقطاع الخاص، واستعرض أهم السياسات التي تسعى المملكة إلى تطبيقها وتتمثل في توسعة قاعدة الاقتصاد الوطني لتشمل مختلف النشاطات التي من الممكن أن تستفيد من ثروتها من البترول والغاز .


جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها ه في مؤتمر الطاقة العربي الثامن في العاصمة الأردنية عمان ولخص المهندس النعيمي أهم النقاط الرئيسة لهذه السياسة البترولية فيما يلي ..


أولاً quot; بناء صناعات وطنية تركز على القيمة المضافة وترتبط بالبترول والغاز كلقيم ووقود، مثل الصناعات البتروكيميائية وصناعات التعدين وغيرها من الصناعات المشتقة من البترول والغاز أو المعتمدة عليهما.اذ بدأت المملكة خطوات كبيرة في هذا المجال فقد تم التوسع في الصناعات البتروكيميائية بشكل تدريجي حيث يصل نصيب المملكة العربية السعودية من الإنتاج العالمي الآن إلى حوالي 8%. كما أن المملكة دخلت مرحلة جديدة في صناعاتها التعدينية من خلال الاستغلال الأمثل لهذه الثروات مع ربطها بالثروات البترولية وفي هذا الإطار ستبدأ المملكة في إنشاء صناعة الأسمدة الفوسفاتية المعتمدة على الفوسفات والغاز الطبيعي والكبريت، وجميعها منتجات وطنية.


ثانياً quot; استغلال الميزة النسبية للمملكة المتمثلة في توفر إمداداتٍ كبيرةٍ من الطاقة مع يسر الوصول إليها من خلال التوسع في الصناعات المرتبطة بالطاقة والتي تحتاج إلى كمية كبيرة من الطاقة بأسعار مناسبة لتستطيع المنافسة عالمياً ويدخل ضمن ذلك صناعات الحديد والألومنيا والألمنيوم وغيرها.


ثالثا quot; التوسع في الصناعات التحويلية ذات القيمة المضافة المعتمدة على المنتجات البتروكيميائية الأساس. كما يجري الآن إنشاء مراكز للبحوث العلمية لتطوير منتجات ومشتقات بتروكيميائية جديدة وإنشاء معاهد لتدريب العاملين السعوديين في مجال البتروكيميائيات.


رابعاًً quot; العمل على إنشاء الصناعات والنشاطات المساندة للبترول وفي هذا الإطار، أنشأت المملكة العربية السعودية شركة متخصصة لخدمات الطاقة وحّولت إدارتها وملكيتها للقطاع الخاص. ونحن نعمل حالياً على وضع السياسات والإجراءات التي سوف تسهم، بإذن الله، في تطوير قطاع الخدمات المصاحبة للبترول والطاقة، وتساعد على تذليل الصعوبات التي تواجه نمو هذا القطاع المهم.


خامساً quot; التركيز على تطوير الأنظمة والمؤسسات الاقتصادية لتسهم في إيجاد تنمية مستدامة لا تتأثر، بشكل كبير، بتقلبات معدلات الأسعار وكميات الإنتاج في السوق البترولية الدولية.


سادساً quot; التوسع في النشاطات الاقتصادية المختلفة، والتي تمثل نمواً اقتصادياً غير مرتبط بالبترول مثـل السياحة، وقطاع الخدمات، والتعليم المتقدم، والتقنية الحديثة، وغيرها.


وتطرق وزير البترول والثروة المعدنية التغيرات الكبيرة التي حدثت في السوق البترولية الدولية وفي الصناعة البترولية العالمية والعربية خلال الأربعة أعوام الماضية. وقال quot; ان حجم تلك التغيرات يوضح بشكل جلي مدى ديناميكية هذه الصناعة وقابليتها للتطور بشكل مستمر من بينها ارتفاع الطلب العالمي على البترول بمعدلات لم نشهدها من قبل نتيجة لارتفاع معدلات النمو الاقتصادي العالمي في العالم كله بشكل عام وعلى مستوى الدول النامية الرئيسة بشكل خاص. ونتيجةً لتغيُّر أوضاع بعض دول العالم من حيث استهلاك البترول ومن حيث تصديره. فقد أصبحت الصين ثاني أكبر دولة مستهلكة للبترول بعد أن كانت الرابعة، وأصبحت الهند ضمن أكبر خمس دول مستهلكه للبترول. أما فيما يخص التصدير فقد احتلت روسيا المرتبة الثانية بعد أن كانت النرويج في تلك المرتبةquot;.


وأضاف quot; كما أن من أهم التغيرات ارتفاع أسعار البترول بشكل ملحوظ. فبعد أن كان سعر البرميل في حدود عشرين دولاراً في عام 2000م، وصل اليوم إلى حوالي سبعين دولاراً للبرميل. ولعل من الجدير بالملاحظة هنا أن هذا الارتفاع لم يؤثر على نمو الاقتصاد العالمي وذلك بخلاف ما كان يعتقده أغلب المحللين. فقد استمر الاقتصاد العالمي في نموه، على الرغم من استمرار ارتفاع أسعار البترول وأغلب المواد الصناعيةquot;.


وأشار الى دخول صناديق الاستثمار المالية في السوق البترولية المستقبلية بشكل لم يحدث من قبل. فقد زادت استثمارات هذه الصناديق عشرة أضعاف لتصل الآن إلى حوالي ترليون دولار بعد أن كانت في حدود مائة بليون دولار منذ أربع سنوات. ويعتقد بعض المحللين والمراقبين للسوق، حالياً، بأن الارتفاع الحالي في الأسعار يعود إلى دخول هذه الصناديق في السوق البترولية الآجلة والتحكم فيها.
وفي الجانب العربي استعرض ه بعض التطورات البترولية ومنها انخفاض إنتاج وصادرات العراق، وبداية تصدير الغاز المصري إلى كل من الأردن وسورية، وتصدير الغاز القطري إلى دولة الإمارات، وزيادة إنتاج البترول، بحدود 25%، من المملكة العربية السعودية والجزائر والكويـت والإمارات، ودخول السودان إلى نادي الدول المنتجة والمصدّرة للبترول.


كما أنّ الوطن العربي يشهد، الآن، أعلى معدلات النمو الاقتصادي، ومعدلات طلب على البترول هي أعلى مثيلاتها في العـــالم، حيث تصل الزيادة السنوية في الطلب على البترول إلى حوالي 4%.
وقال quot; ان من أهم التغيرات البترولية في الوطن العربي بداية تغير نظرة بعض الدول العربية إلى البترول والغاز من مجرد كونهما ثروة تحقق أرباحاً من خلال التصدير فقط إلى العمل على استغلال هذه الثروة من أجل الحصول على القيمة المضافة، وذلك من خلال إنشاء صناعات تعتمد على البترول والغاز أو ترتبط بهما quot;.

وحدد المهندس النعيمي طريقتين لاستشراف المستقبل الأولى تركز على الاتجاهات العامة للطلب والعرض من خلال تفاعل عوامل عدة مثل النمو الاقتصادي المتوقع والأسعار واتجاهات النمو في استهلاك البترول في الأعوام الماضية وذلك في جانب الطلب. أما جانب العرض فيتم استشرافه من خلال مشروعات الإنتاج المعلن عنها. وهذه هي الطريقة التقليدية السائدة خصوصاً لدى المنظمات ومراكز البحوث الدولية.


وأضاف quot; ان لهذه الطريقة من التحليل أهميتها، بل ومصداقيتها خاصة في الظروف العادية أما في الظروف غير العادية فقد يكون من المناسب النظر إلى عوامل أكثر عمقاً وأكثر تأثيراً من مجرد العوامل الاقتصادية التقليدية. أعني بذلك سياسات الدول المنتجة والمستهلكة للبترول، والأهداف التي تسعى إليها. وكذلك التنافس الطبيعي أوالتنافس المدعوم بين مختلف مصادر الطاقة التي ترتبط هي الأخرى في كثير من الحالات بالسياسات الحكومية في مجال الطاقةquot;.


وقال quot; إن الطريقة التقليدية الاقتصادية لاستشراف المسقبل قد تقودنا إلى الاعتقاد بأن الطلب على البترول سوف يصل، بحلول عام 2015م إلى حوالي 100 مليون برميل يومياً. أما الطريقة غير التقليدية فقد تقودنا إلى القول بأن هناك احتمالاً لانخفاض الطلب على البترول بدلاً من ارتفاعهquot;.


وأشار إلى العلاقة الخاصة التي تربط الوطن العربي بالبترول. حيث أن 60% من احتياطي البترول العالمي يقع في الوطن العربي، وثلث الإنتاج العالمي ينبع من الدول العربية، و40% من تجارة البترول العالمية هي في البترول العربي.


وأضاف quot; ان البترول يسهم بدرجة كبيرة في إجمالي الناتج الوطني وفي دخل الحكومات والصادرات وميزان المدفوعات الخارجية وإن اختلفت نسبة المساهمة من دولة عربية إلى أخرى. بل إن الدول العربية غير المنتجة أو غير المصدرة للبترول وعددها ثمان دول من اثنتين وعشرين دولة تستفيد من الثروة البترولية العربية بطرق غير مباشرة من خلال الاستثمارات العربية العربية، والتحويلات المالية للأيدي العاملة العربية، وزيادة التجارة البينية، والمساعدات الإنمائية، وغيرهاquot;.


وعن التحديات التي تواجه الصناعة البترولية أوضح ه أن الصناعة البترولية العربية تواجه ثلاثة تحديات رئيسة هي ..
أولاً quot; إيجاد صناعة بترولية عربية تستطيع المنافسة عالمياً.


ثانياًquot; الآثار المترتبة على محاولة بعض الدول الصناعية تقليص استخدام البترول.


ثالثاً quot; استخدام الثروات البترولية العربية من أجل بناء قيمة مضافة وتوسعة القاعدة الاقتصادية المحلية والاقليمية.


وأبان أن التحدي الأول يتمثل في عدم وجد صناعة بترولية عربية راسخة قوية لها حضورها العالمي إلا فيما ندر. وهذا يشمل جميع المجالات البترولية مثل المسح الجيولوجي والاستكشاف والإنتاج والتكرير والنقـل كما يشمل هندسة البترول وبناء المشروعات البترولية والخدمات والصناعات المساندة والدراسات والاستشارات البترولية وغيرها.


ولفت النظر الى نه وجود شركات هندسة بترولية في بعض الدول الآسيوية التي ليس لديها أية ثروة بترولية تذكر وما زالت في مصاف الدول النامية تستطيع المنافسة دولياً من حيث تخطيط المشروعات العملاقة والإشراف على تنفيذها، فيما لا يوجد مثل ذلك في الدول العربية.


وأكد حاجة الدول العربية إلى دراسة وضع صناعاتها وشركاتها البترولية الوطنية والخاصة، ومقدرتها على التطوّر والمنافسة، وعلى استغلال الثروات الموجودة على أفضل وجه. كما أنها في حاجة إلى تبادل الخبرات في هذا المجال، على المستوى العربي والعالمي، لدراسة التحديات والعقبات والفرص المتاحة وكيفية استغلالها الاستغلال الأمثل.


وأوضح أن التحدي الثاني الذي يواجه صناعة البترول العربية يكمن في ارتفاع الأسعار وتمركز الإنتاج في مناطق محددة، ينظر إليها البعض على أنها مناطق غير مستقرة ومن الصعب الاعتماد عليها. لذا فإن العديد من الدول الصناعية تسعى إلى تقليص استخدام البترول. وتسعى، في نفس الوقت، إلى استخدام بدائل محلية للطاقة منافسة له تكون ذات تكلفة ومردود اقتصادي منافس. وعلاوة على هذا، تنظر هذه الدول إلى البترول المستورد من هذه المنطقة أو تلك كمصدر غير آمن ولا يعتمد عليه. ويعود هذا بلا أدنى شك إلى أسباب سياسية في الدرجة الأولى.


وقال quot; إن الدول الصناعية هي الآن في مرحلة الدراسة لهذه البدائل والسياسات وفي مرحلة النقاش الجاد حولها على مستوى المؤسسات المحلية كما أنها خصصت بالفعل مبالغ كبيرة من الأموال للدراسات الخاصة ببدائل البترول. ولا بد أننا جميعاً لاحظنا خلال الأشهر القليلة الماضية على سبيل المثال إعادة إحياء مشروعات استخدام الطاقة النووية كمصدر أساس للطاقة، وكذلك الزيادة في استخدام الفحم، واستخدام سيارات أكثر توفيراًً للطاقة، وفرض أنظمة تحدد نوعية السيارات التي يمكن إنتاجها حسب كفاءة استخدامها للطاقة، والتوسع في استخراج أنواع الزيوت الثقيلة والبترول الرملي، وهي أنواع لم يكن من الممكن استخراجها بشكل تجاري منذ سنواتquot;.


وأاضف quot; كما يجري الآن التوسع في استخدام الإيثنول وهو وقود للسيارات يستخرج من السكر أو الذرة وتم فرض إضافته للبنزين العادي بمقدار 3% هذا العام في الولايات المتحدة وسوف تتوسع الولايات المتحدة في استخدام الإيثنول ليصل إنتاجها منه إلى خمسة ملايين برميل يومياًً في عام 2025م وهو ما يزيد عن الإنتاج الحالي للدول العربية الواقعة غرب البحر الأحمرquot;.


ولفت ه النظر الى اراء بعض الاقتصاديين حيث يرى البعض منهم أن النمو الاقتصادي العالمي الكبير خلال السنوات القادمة وخاصة في قارة آسيا كفيل باستيعاب جميع مصادر الطاقة وأنه في حاجة إلى استخدام جميع وسائل توفير الطاقة دون التأثير سلباًً على الطلب على البترول أو على أسعاره وبالطبع فإن هذه الأفكار لا ينقصها المنطق الذي يبررهابيد أن هناك من يرى أن النمو الاقتصادي العالمي المرتفع قد لا يستمر على هذه الوتيرة الجيدة لعدة سنوات إذ دائماً ما تحدث هزات اقتصادية تستمر أشهراً أو سنوات بل إن بعض الباحثين يخشى من مشكلة اقتصادية قادمة نتيجة لتزايد سياسات الحماية الاقتصادية أو ما يطلق عليه الوطنية الاقتصادية التي بدأت بعض الدول تتحدث عنها أو تطبقها. والرأي الأخير يستدعي أن نكون حذرين ولا نأخذ التوقعات والظواهر كقضايا مُسلّم بها، مثل استمرار زيادة الطلب على البترول بشكل كبير، واستمرار الأسعار في وضعها الحالي أو ارتفاعها عنه.


وعن التحدي الثالث الذي يواجه صناعة البترول العربي أوضح ه أنه يكمن في استخدام مصادر البترول والغاز المتوفرة لدينا في العالم العربي بكميات كبيرة من أجل التنمية الداخلية. فمن الممكن النظر إلى البترول كسلعة تباع في الخارج للحصول على عائدات هذا البيع واستخدامها في مختلف الأوجه.


واستدرك ه قائلا quot; ان مشكلة هـذا التوجه هي أن البترول كمادة خام عرضة لتقلبات كبيرة في أسعاره وفي إنتاجه، مما يعني تذبذب دخل الدول المصدرة وعدم القدرة على تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة لكون الاقتصاد الوطني عرضة لتقلبات السوق البترولية الدولية الأمر الذي يفقد هذا الاقتصاد الاستقلالية التي تضمن له النمو المستمر بغض النظر عن أسعار البترول وكميات الإنتاج. وهذا يستدعي السعي نحو استغلال الثروات الطبيعية، كالبترول والغاز، لبناء صناعات وخدمات مرتبطة بها ومعتمدة أو غير معتمدة عليها. كما أنه يعني العمل على بناء كفاءات بشرية رفيعة المستوى.quot;.
وأضاف quot; ان الله حبى الوطن العربي ثروات كبيرة من البترول والغاز، يحتاجها العالم كله من أجل إطلاق ودعم التطور الاقتصادي ومن أجل تأمين حياة كريمة للشعوب، ونحن في الوطن العربي نجني عائدات جيدة من هذه الثروة، خاصة عندما تتحسن الأسعار ويرتفع الطلب إلا أن هذه الثروة كما علمتنا التجارب السابقة تتميز بالديناميكية واستمرار التغيّر وعدم الاستقرارquot; .
وأعرب عن عميق شكره وتقديره لجلالة الملك عبدالله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية على تفضله برعاية المؤتمر.