لندن: يقول منتجون ومستهلكون للنفط ان العالم قد يتمكن من تقليل ادمانه للنفط بحلول عام 2050 لكنه سيجد صعوبة في التخلص تماما من عادة استخدامه لتبقى الاسعار مرتفعة.ومن المتوقع بحلول ذلك الوقت أن يكون الانتاج في بعض المناطق قد تراجع عن ذروته وقد تساعد مصادر الوقود البديلة وجهود مكافحة التغيرات المناخية في تقييد الطلب لكن نصيب النفط من توليفة مصادر الطاقة المستخدمة سيظل كبيرا.

وقال فاتح بيرول كبير الاقتصاديين في وكالة الطاقة الدولية التي تقدم المشورة للدول الصناعية quot;بعد عدة عقود ما بين عامي 2040 و2050 سيكون من الصعب تقليل ادماننا للنفط لكننا قد نتمكن من تقليله بعض الشيء.quot;

ويتوقع تقرير الوكالة عام 2006 عن توقعاتها للطاقة العالمية حتى 2030 استمرار ارتفاع الطلب على النفط تقوده اسيا مع تراجع انتاج كبار المنتجين خاصة في الشرق الاوسط.ويتوقع أن يبلغ الاستهلاك العالمي 116 مليون برميل يوميا بحلول عام 2030 أو 103 مليون برميل اذا انتهجت الحكومات سياسات للحد من استخدام النفط وفي الحالتين سيرتفع الاستهلاك عن مستواه البالغ 84 مليون برميل يوميا في 2005.

ومثل النفط نحو 35 بالمئة من تولفية الطاقة المستخدمة في العالم في عام 2004 ومن المتوقع أن يمثل 33 بالمئة بحلول عام 2030 حسب توقعات الوكالة في حال استمرار الوضع على ما هو عليه.ويقول بول هورسنيل المحلل في باركليز كابيتال في لندن انه بحلول عام 2050 قد يفترض الكثيرون أن استهلاك النفط سيكون أعلى من مستواه الان لكن أقل من أعلى مستوياته على الاطلاق.

وأضاف quot;كل التوقعات التي تمضي بعيدا الى هذا الحد (الى عام 2050) تقدر استخدام النفط بمستوى أقل من ذروته ان لم يكن أقل من مستواه الراهن.quot;وقال مسؤول من منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ان نصيب النفط من توليفة الطاقة المستخدمة في العالم قد يكون أقل في عام 2050 منه الان لكنه سيظل كبيرا.وقال حسن قبازرد مدير البحوث في أوبك التي تنتج أكثر من ثلث النفط العالمي quot;في أوبك نحن نعتقد أنه أيا كانت توليفة الطاقة فانها ستظل مكملة لاستخدام النفط.quot;

وأضاف quot;النفط سيظل يلعب دورا كبيرا في الدول النامية والفقيرة كما قام بدور مهم للغاية في تنمية الدول الصناعية في الماضي.quot;ويتوقع العديد من المراقبين دورا كبيرا في المستقبل للوقود العضوي والطاقة النووية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية او لما يطلق عليه النفط غير التقليدي المستخرج من رمال القطران في كندا ومن الاحتياطيات الوفيرة من الفحم.وقال بيرول ان النفط غير التقليدي واجراءات الحد من الطلب قد تؤخر بلوغ معروض النفط التقليدي لذروته وهو ما قد يحدث بعد عام 2030 اذا نما الطلب بالسرعة نفسها التي نما بها في العقدين أو الثلاثة عقود الماضية.

وأضاف quot;اذا بلغنا هذه الذروة بعد 2030 مباشرة يمكن توقع ارتفاع الاسعار بدرجة كبيرة.quot;ومضى يقول quot;بعد عام 2030 اذا ارتفعت الاسعار وتحسنت التكنولوجيا قد نشهد وفرة في انتاج النفط غير التقليدي. وقد نشهد استمرار العهد النفطي لفترة أطول.quot;وأفاد تقرير بريطاني أعده نيكولاس ستيرن كبير الاقتصاديين بالبنك الدولي نقلا عن توقعات مجلس الطاقة العالمي ان احتياطيات النفط والغاز والفحم تكفي لتلبية الطلب المتوقع ان يبلغ 4.7 تريليون برميل من المكافيء النفطي حتى عام 2050.

وتقول وكالة الطاقة العالمية ومقرها باريس ان ايقاع التغييرات التكنولوجية ومدى المخاوف البيئية سيحددان ما اذا كانت هذه الاحتياطيات ستستنفد.وأضاف تقرير ستيرن الذي دعا الى اتخاذ اجراءات عاجلة لمكافحة التغيرات المناخية ان تكنولوجيات مثل دفن ثاني أكسيد الكربون تحت الارض مهمة اذ أنها قد تسمح باستمرار استخدام الوقود الاحفوري في اطار سياسات الحد من الانبعاثات.

لكن شركة بي.بي التي تستخدم هذه التكنولوجيا في حقل جزائري تقول ان تكنولوجيا جمع الكربون وتخزينه التي يمكن استخدامها في محطات الكهرباء ومواقع انتاج الهيدروجين والنفط مازالت غير مجدية تجاريا.غير ان تكنولوجيات أخرى مثل خلايا الهيدورجين والوقود قد تحد من الاعتماد على النفط. وفي أكثر توقعات وكالة الطاقة الدولية تفاؤلا يمكن لخلايا وقود الهيدروجين تشغيل 700 مليون مركبة أي 30 بالمئة من المركبات المستخدمة في العالم بحلول 2050.

وتقول الوكالة ان خلايا الوقود مازالت تحتاج لانفراجات تكنولوجية واستثمارات ضخمة وانخفاض في التكاليف ودعم حكومي.وأسعار النفط التي سجلت مستوى قياسيا عند 78.40 دولار للبرميل العام الماضي من المتوقع ان ترتفع في العقود المقبلة.

ويفترض تقرير الوكالة عن توقعات الطاقة العالمية أن يصل سعر النفط الى 130 دولارا للبرميل بحلول 2030 اذا لم تنفق مليارات الدولارات المطلوبة للاستثمار في توفير انتاج جديد. ويتوقع قبازرد كذلك أن ترتفع الاسعار في العقود المقبلة.وقال quot;الاسعار ستستمر في الصعود... وعلى المدى الطويل نحن نعتقد ان الاسعار سترتفع.quot;وقال بيرول ان هناك ما يكفي من النفط لكنه أكد على الحاجة للاستعداد لليوم الذي ينفد فيه.وقال quot;يجب أن نحضر لليوم الذي سنترك فيه النفط... يتعين علينا يوما ما أن نترك النفط قبل أن يتركنا.quot;