يتراوح حجمها بين 700 و1500 مليار دولار سنوياً
غسل الأموال ظاهرة عالمية تزدهر وتعرقل الاستثمار

مشعل الدوسري من الدمام: تمضي المملكة العربية السعودية في خطتها الهادفة الى مكافحة عمليات غسل الأموال - أو ما يعرف بإضفاء الشرعية على اموال هي في الأصل ذات مصدر غير مشروع. في هذا السياق، اعتبر اللواء الدكتور محمد فتحي عيد مدير عام الشؤون التعليمية في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية أن غسل الأموال يؤدي إلى عرقلة عملية الاستثمار وجذب النقد الأجنبي وخاصة لدى دول العالم الثالث. ويصنف غسل الأموال ضمن الجرائم المنظمة ويعتبر من الجرائم الاقتصادية التي تعاقب عليها القوانين الجنائية في السعودية بالسجن لمدة قد تصل الى عشر سنوات ودفع غرامة مالية تصل الى خمسة ملايين ريال أو بإحدى العقوبتين مع مصادرة الأموال والممتلكات والوسائط محل الجريمة. وأشار اللواء محمد فتحي خلال محاضرة ألقاها الثلاثاء الماضي في غرفة التجارة والصناعة في المنطقة الشرقية، بتنظيم من إدارة مكافحة المخدرات بشرق السعودية، إلى أن المتغيرات التي طرأت على ظاهرة غسل الأموال كثيرة.

ويوضح ان سرعة وسهولة النقل الدولي زادت من قدرة الأشخاص والسلع على عبور الحدود الوطنية، إذ سجل محموع المسافات التي يقطعها المسافرون في إطار الرحلات الدولية التجارية ارتفاعا من 26 مليار ميل في العام 1960 إلى 700 مليار ميل في العام 1992، كما ارتفع حجم الاستيراد والتصدير وكذلك استخدام الحاويات في نقل السلع المشروعة، ما سهل نقل المهربات.

وأضاف اللواء محمد فتحي إن تطور الشبكات المالية العالمية، وارتفاع حجم المعاملات جعلا من تنظيم ومراقبة التدفقات المالية عبر الحدود أمرا صعباً، إذ تأتي الأموال من أكثر السلع قابلية للاستبدال، ويمكن تحويلها بسرعة، الأمر الذي يعيق مسألة اقتفاء أثرها.

وأشار ايضا الى أن ظهور بعض المدن التي تعمل كمراكز رئيسية في النظام الاقتصادي، إضافة الى انتشار القنوات الفضائية وشبكات الانترنت، والهجرة المشروعة وغير المشروعة ، كلها عوامل تم استغلالها من قبل الشبكات الاجرامية، ما اسفر في النتيجة عن ازدهار ظاهرة غسل الأموال بالرغم من جهود الدولة الحثيثة في مكافحتها.

وأكد اللواء محمد فتحي أن منظمة quot;الفاتفquot; التي أنشئت في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2004 واتخذت من المنامة مقرا لها وتضم 17 دولة عربية بالإضافة إلى مراقبين يمثلون فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية، أشارت في اجتماع لها إلى أن حجم الأموال المغسولة يقدر بقيمة تتراوح بين 700 مليار دولار و1500 مليار دولار سنويا. وقدر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ان المبلغ الذي يتم ضبطته من هذه الأموال لا يزيد عن العشرة بالمائة.

وقال اللواء محمد فتحي إن الحد من ظاهرة غسل الأموال يتطلب تعاونا بين سلطات إنفاذ القانون والسلطات المالية ومؤسسات المجتمع المدني وأن المكافحة تتطلب تجريم غسل الأموال وتمكين السلطات المعنية من تعقب وتجميد ومصادرة العوائد غير المشروعة، مؤكدا أن إجراءات ضبط جرائم غسل الأموال تحترم حقوق الغير .

وتشكل ظاهرة غسيل الأموال مشكلة عالمية، إذ يقدر خبراء صندوق النقد الدولي حجم الأموال المغسولة سنوياً بمبلغ يتراوح بين 620 مليار دولار و 1.6 تريليون دولار ، بما نسبته 2 % إلى 5 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي لعام 1999، أي بما يعادل أكثر من ضعف قيمة الناتج العالمي من البترول.

وأدت ظاهرة غسيل الأموال إلى ظهور طائفة جديدة من المجرمين مستقلة ومختلفة عن طائفة المجرمين في الجرائم الأساسية، من مرتكبي الجرائم الدولية أو المنظمة التي نتجت عنها الأموال غير النظيفة.

وهذه الطائفة الجديدة من المجرمين تؤدي خدمات إلى المجرمين الآخرين، وتضم أشخاصاً من المحامين و المصرفيين و المحاسبين ورجال الأعمال، وذلك لما تدرّه عمليات غسيل الأموال من أرباح طائلة لهم تتراوح ما بين 2 % إلى 20 % من حجم الأموال التي يتم غسيلها.