محللون ينتقدون مصطلح quot;قريباًquot; في قرارات وتشريعات الهيئة وغياب إجراءات الرقابة والشفافية في السوق
قلق متصاعد حيال سياسات quot;هيئة السوق quot; وسط مطالب بتشكيل هيئة عليا للتحقيق في الإخفاقات المتتالية




الرياض - بادي البدراني


أبدى محللون ومتعاملون قلقهم حيال سياسات هيئة السوق المالية في التعامل مع سوق الأسهم السعودي، محذرين من أن السوق مقبلة على مرحلة مقلقة ، إذا لم تتخذ الهيئة خطوات فاعلة في إجراءاتها التي وصفوها بأنها تتسم بالبطء الشديد، مطالبين الهيئة بوضع برنامج زمني واضح لخططها الرامية لفرض مزيد من الضوابط والشفافية في السوق .


واعتبر محللون وسماسرة يتعاملون في سوق الأسهم ، أن الهيئة بآلياتها الحالية لا تساهم في تحسن أداء السوق،وأن عليها تغيير أسلوبها للمحافظة على سلامة السوق والمستثمرين فيه،مرجعين التوتر الذي تشهده سوق الأسهم إلى ضعف إجراءات الرقابة وغياب الشفافية .

ويخشى كثيرون حالياً من أن يؤدي الهبوط المتواصل لأسعار الأسهم إلى عدم تعافي السوق مستقبلا بعد موجات الانهيار التي شهده منذ فبراير من العام الماضي ، في الوقت الذي ثارت فيه المخاوف من أن الهبوط الذي أصاب السوق أعمق وأكبر مما كان يعتقد المحللون من قبل، عقب الخطوة الجريئة التي اتخذتها هيئة السوق المالية بتعليقها تداول أسهم شركة بيشة للتنمية الزراعية .

ودفع إجراء هيئة السوق تجاه بيشة،إلى حدوث تصحيح نزولي حاد ضرب سوق الأسهم، الأمر الذي جدد المخاوف من انهيار آخر في الأسعار قد يغرس بذور الاستياء بين ملايين المستثمرين الذين بدأت مدخراتهم تتبخر في سوق تفتقد لأدني قواعد الشفافية والإفصاح والعدالة بين المستثمرين.

ويمر سوق الأسهم في مرحلة مهمة وفاصلة بين الارتفاع لتعويض الخسائر الكبيرة التي تعرض لها الموشر خلال العام الماضي أو مواصلة الانحدار الى مستويات قياسية تقل عن المستوى الحالي.

ويقول المحللون ان المستثمرين الذين اصيبوا بصدمة شديدة بعد قرار تعليق تداول أسهم شركة بيشة من الصعب ان يستعيدوا ثقتهم فى وقت قصير . فالمستثمرون يشعرون بالتوتر الشديد والعديد منهم يريد التخلص من اسهمهم فى اسرع وقت ممكن .

وقال لquot;الرياضquot; محلل مالي فضل عدم الإفصاح عن اسمه بحجة فقده الأمل في تجاوب هيئة السوق مع الآراء التي يطرحها المحللون ، إن الهبوط الحاد في الأسعار خطير جدا، ويمكن أن يسبب كارثة في الأوساط الاقتصادية ،مضيفاً :quot; الهبوط يعد كارثيا وينذر بمزيد من التراجع الذي ربما يقود لانهيار جديد .

وذكر أن هيئة السوق المالية تعاني من أخطاء كبيرة في التعامل مع السوق وتفتقر لأبسط قواعد الشفافية مع المستثمرين ، لافتاً إلى أن الهيئة لا تزال متمسكة بمصطلح quot;قريباً quot; في كل قراراتها ولوائحها ، داعياً إلى اعتماد نظرة أعمق للسوق وإقرار برنامج زمني لكل القضايا المتعلقة بالسوق من إنشاء السوق الثانوي إلى تأسيس شركة إدارة السوق، الجدول الزمني لطرح الإصدارات الجديدة.

وبين أن هناك مجموعة من العناصر التي أثرت سلباً على أداء السوق وتسببت في وصوله لهذه المرحلة الخطيرة ،موضحاً أن من بين هذه العناصر سوء سلوك المستثمرين وبطء إجراءات هيئة السوق المالية وغياب الشفافية ، غياب الترابط بين الجهات المالية ذات العلاقة ، وعدم تفعيل برامج الخصخصة.

وتابع المحلل الذي بدأ متشائماً من سياسات هيئة سوق المال :quot; وضع السوق يدعو للقلق في حال استمرت الهيئة في اتباع هذه السياسات ..السوق بحاجة ماسة إلى تحرك الجهات العليا في البلاد لتشكيل هيئة عليا مهمتها حسم القرارات والتحقيق في مكامن الخلل الذي تسبب في تبخر مدخرات المستثمرين quot;.

وحمل المحلل المالي هيئة السوق مسؤولية ما يجري ،وذلك من خلال عدم قدرتها على مواكبة سرعة تطور السوق الذي يحتاج إلى قرارات سريعة ومدروسة،الأمر الذي جعل السوق مرتعاً خصباً للشائعات التي باتت تقود السوق لمستويات دنيا جديدة ،مبيناً أن أداء السوق بوضعه الحالي لا يعكس البتة أداء الاقتصاد الوطني المرشح لمزيد من النمو والازدهار.

وقال :quot; قرار هيئة السوق المالية الذي أصدرته بحق شركة بيشة الزراعية يعتبر ترسيخاً للخلل .. لو كان السوق الثانوي مقراً لما حدث هذا الأمر quot;.

وأضاف :quot; يبدوا أن الهيئة غير قادرة على حماية مكتسبات الاقتصاد الوطني.. والدليل غياب أي تحرك نحو إقرار خطوات تحمي الشركات القيادية من هذه الانحدارات في ظل عدم دخول أي سيولة جديدة تنتشل السوق من التراجعات الحادة quot;.

وقال :quot; في جميع الأسواق العالمية هناك برامج يطلق عليها quot;حماية سمعة الشركات quot; والذي يسمح للشركة بشراء أسهمها وضخ سيولة جديدة لإنقاذ أسهمها من الانهيارات غير المبررة ،مبيناً أن الوقت حان لإقرار هذه البرامج في السوق السعودي ،مشيراً إلى أن غياب التشريعات الرامية إلى حماية أسهم الشركات القيادية يعدّ واحداً من الأخطاء الكبيرة في هيكل السوق التي يهيمن عليها مستثمرون أفراد في الوقت الحالي.

وشددّ المحلل المالي على أن تعامل السلطات المالية مع السوق لا يزال quot;سيئا للغايةquot; حيث سمحت سياساتها في زيادة حدة الشائعات بين المستثمرين ،مطالباً بتدخل حكومي فاعل يؤدي بالنهاية إلى تعامل الجهات الرقابية بطريقة غير تقليدية ، وشرح كامل للسياسات المالية التي تتبعها الهيئة مع السوق بوقت كاف قبل إقرارها .

وتابع :quot; المشكلة الأكبر أن الهيئة تتعامل مع المستثمرين والمحللين والاقتصاديين بسياسة (تحدثوا حسبما تشاءون ..ونحن سنفعل ما نريد) ، مبيناً أن هذا الأسلوب في التعامل دليل واضح على انغلاق الهيئة على نفسها وتزمت سياساتها التي ستؤدي في النهاية إلى إلحاق أكبر الضرر بالاقتصاد الوطني .

وأمس الأول ، قال لquot;الرياضquot; صباح التركي مستشار تحليل أسواق المال ،أن هيئة السوق المالية تحتاج إلى إجراءات أكثر وضوحاً خاصة في مسائل الإفصاح والشفافية، بجانب سدّ الثغرات التشريعية التي يعاني منها النظام حتى تتمكن السوق من استعادة ثقة المستثمرين بعد الخسائر الكبيرة التي لحقت بمدخراتهم .

أمام ذلك ، قال متعاملون واقتصاديون أن سوق الأسهم السعودي لا يزال عرضة لعمليات التلاعب والمضاربة غير السليمة ،لافتين إلى أن هناك مجموعة من العوامل والمؤشرات الغائبة عن المستثمرين بسبب السياسات المتبعة من الهيئات الرقابية على سوق الأسهم ،مشددين على ضرورة ان تكون هناك تغييرات ملائمة تخلق حالة من الاستقرار وتعيد الثقة المفقودة في السوق حاليا.

وأكد عثمان العثيم عضو جمعية الاقتصاد السعودية ، أن سوق الأسهم السعودية فقدت ثقة جانب كبير من المستثمرين، مضيفاً :quot; لن تقوم للسوق قائمة إلا بوجود قواعد قوية لحماية المستثمرين من استغلال وتلاعبات الكبار، والضرب بيد من حديد على الشركات والمضاربين الذين يستغلون المعلومات الداخلية وينشرون الشائعات، مع ضرورة إصدار قرارات قوية ومرنة وسريعة أسوة بالقوانين والقرارات العالمية في أسواق المال مع تطبيق القانون على الكبار قبل الصغار لايجاد عدالة وفرص متساوية في الأسواق، وبدون ذلك لن تتطور السوق .

وأضاف :quot; من الضروري على هيئة سوق المال أن تحارب الشائعات التي يصدرها البعض عن السوق، وإصدار تكذيب أو تأكيد فوري لها قبل اتخاذ صغار المستثمرين مواقع شرائية أو بيعية بناء على هذه الشائعاتquot;.

وقال العثيم إن المطالبات كثيرة اليوم لكي تقوم الحكومة بإنقاذ ما يمكن إنقاذه في السوق وتنظيم شؤونه،مبيناً أن الانخفاض الحاد الذي تشهده أسعار الأسهم المحلية يثير العديد من التساؤلات حول الآثار التي يمكن ان تنعكس على استثمارات المتعاملين بشكل عام وسوق الاسهم المحلية بصفة خاصة.

وذكر أن الترقب هو سيد الموقف في الوقت الراهن لإجراء تعديلات جوهرية في الطرق المتبعة مع السوق ، لافتاً إلى أن انخفاض الأسعار المتتالي دون توقف أدى إلى حدوث مخاوف من أن تتعرض استثمارات المتعاملين إلى الضياع،خاصة وأن المستثمرين قلقين من مرحلة الغموض التي يمر بها السوق في الفترة الحالية،.

في المقابل،يرى وليد الشدوخي أحد المستثمرين أن بطء قرارات هيئة السوق وعدم شفافيتها في القرارات المصيرية ، سيؤدي إلى استمرار الهلع بين المتعاملين ،موضحاً أن المستثمرين يمرون حالياً في حالة انتظار وترقب واستنفار أيضا استعدادا لاتخاذ قرارات حكومية لإنقاذ السوق .

واتفق المستثمرون والمحللون على ضرورة أن تتخذ هيئة سوق المال إجراءات لوقف الاكتتابات الجديدة لفترة مؤقتة الى ان يعاد تنظيم هذه الإجراءات وفقا لأوضاع السوق لحماية سوق الاسهم من استمرار حالة النزيف والذي أدى عمليا الى تآكل قيمة الاسهم بنسب كبيرة وكبد المستثمرين خسائر حادة لم يعد من السهل تعويضها الآن، كما طالبوا بتدخل حكومي سريع للحد من حالة النزيف التي أصابت السوق خاصة ان انعكاسها سيتعدى حدود السوق لينسحب على كافة مناحي الحياة اذ ان كثيرا من المستثمرين قد يعلنون إفلاسهم اذا ما استمر السوق على هذه الحال .