أساليب تطوير الصناعة العربية


حسان فوزي بيدس



الصناعة من القطاعات الهادفة الى تحقيق التوازن الاقتصادي، كونها تؤمن فرص عمل وتحقق زيادة في الإنتاجية وتؤمن السلع والخدمات، وهي من القطاعات المهمة في تأمين تحريك النمو الاقتصادي. وبناء على الاحصاءات المتوافرة، ساهم القطاع الصناعي في الدول العربية بنسبة 39.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2003. وبلغت نسبة مساهمة الصناعات الإستخراجية 28.3 في المئة، ونسبة مساهمة الصناعات التحويلية 10.9 في المئة، إضافة الى أن قطاع الصناعة يوظف ما يزيد على 20 مليون عامل، ما يمثل 17 في المئة فقط من إجمالي اليد العاملة العربية.

وأكد خبراء اقتصاديون ضرورة ضخ أموال سنوية ليصل مجموع الاستثمارات في قطاع الصناعة التحويلية الى نحو 154 بليون دولار في2010، ما يبين أن الصناعة في الدول العربية لا تزال تواجه منافسة غير متكافئة على رغم الجهود التي بذلت خلال العقود الأربعة الماضية.

ولعل أهم المشاكل والعقبات التي تحد تقدم الصناعة في الدول العربية، قدم التقنيات المستخدمة وخصوصاً بطء تحديث المكون التكنولوجي للصناعة، وغياب استراتيجية تنظيمية موحدة تجمع الخطوات والقرارات المتخذة لتنمية الصناعة. ناهيك عن ضعف التمويل اللازم للمشاريع الصناعية وارتفاع التكاليف الإنتاجية وندرة الكفاءات الإدارية لقيادة المشاريع الصناعية، فضلاً عن معوقات أخرى تتصل بغياب مراكز الخدمات الصناعية التي تقدم الاستشارات الاقتصادية والفنية والمالية، وتوسع رقعة انتشار المنافسة غير المشروعة من جانب مؤسسات صناعية غير مرخص لها.

لا يمكن تطوير قطاع الصناعة الا من خلال إعادة النظر في أولوية الفروع الصناعية وتعديلها، وفقاً لمقتضيات التحديث التكنولوجي، ومواصلة العمل على تحديث هيكلة القطاع الصناعي وتطوير المراكز الإنتاجية.

كما لا بد من معالجة أسعار الطاقة لتكون تشجيعية للمؤسسات الصناعية، وتقديم إعفاءات تصديرية من ضريبة الدخل، ناهيك عن ضرورة ترشيد الكوادر عبر تقديم الدعم الفني والعلمي والإسراع في اتخاذ قرارات تهدف الى تحسين الاستخدام الاقتصادي للمواد الأولية المتاحة محلياً.

ولا بدّ من الإشارة في هذا الإطار، الى ضرورة العمل على إقامة المعارض العربية التي تهدف الى الترويج للصناعات التحويلية، وإنشاء الشبكة العربية للمعلومات الصناعية وتطويرها في ضوء المتغيرات الدولية، مع العمل على تشجيع الحاضنات الصناعية بالتعاون بين القطاع الخاص والمنظمات الدولية. يضاف الى ذلك تطبيق رسم نوعي للصناعات المهددة بالانهيار، ما يحد ضرر البضائع الإغراقية، وتشجيع قدرات الإبداع في الصناعات القائمة، ووضع آلية تضمن حقوق المصانع والصناعيين، وكذلك إعطاء قروض ميسرة لتحقيق التطور الإنتاجي للمشاريع الصناعية.

من هنا لا بد من التشديد على ضرورة دخول الدولة في مشاريع صناعية مشتركة مع عدد من المؤسسات العالمية، بما يساهم في نجاح الصناعات المحلية وتطوير التشريعات القائمة، وإقامة مناطق صناعية لجذب الاستثمارات للقطاع الصناعي لما يحققه ذلك من دور إيجابي في تحسين كفاءة استخدام الموارد.

ويتوجب العمل على اعتماد مشروع دمج الصناعات الصغيرة والمتوسطة بإدارة حديثة وتشجيعها على التكامل في ما بينها، ضمن حلقات إنتاجية متكاملة وتسهيل إجراءات الرخص الصناعية لإنشاء مصانع على المستوى المطلوب.

وبناء على ما سبق يمكن القول إن مستقبل الصناعة في الدول العربية يرتبط بمدى توافر الإمكانات والطاقات الصناعية المتاحة في هذه الدول. وعموماً يتوجب إنشاء آلية تسمح بضمان الاستثمارات الصناعية، فلا بد من السعي الى توثيق التنسيق العربي والإقليمي من خلال تنفيذ برامج التعاون وتبادل المعلومات بين المنظمات والهيئات ذات الصلة، وكذلك إقامة مركز عربي لتكنولوجيا الصناعة واتخاذ سياسات عربية كفيلة بمواجهة الإغراق الذي تتعرض له الصناعة العربية من الدول الصناعية.