الرأسمال


ليس الرأسمال شيئا ماديا بل هو علاقة اجتماعية. إن الرأسمال هو المقولة الاقتصادية الأساسية في أسلوب الإنتاج الرأسمالي، ويعبر عن العلاقات الاجتماعية القائمة بين طبقة الرأسماليين والطبقة العاملة، علاقات استغلال العمال المأجورين من طرف الرأسماليين. وتقوم هذه العلاقات على أساس أن وسائل الإنتاج هي ملك خاص للرأسماليين، في حين تُحرم جماهير العمال فيها من وسائل الإنتاج، وتضطر الى بيع قوة عملها كي لا تموت جوعا. ولهذا يعرف الرأسمال باعتباره تلك القيمة، التي عن طريق استغلال العمل المأجور، تعطي فائض القيمة. وينافح منظرو الاقتصاد السياسي البرجوازي للبرهنة كما لو أن كل أداة عمل هي رأسمال بحد ذاتها، مشوهين وبشكل متعمد مفهوم راس المال لتعتيم الطابع الاستغلالي لأسلوب الإنتاج الرأسمالي، أي محاولة إخفاء استثمار الرأسماليين للعمال، وتصوير الرأسمال على انه شيء مادي ومقولة تسمو على التاريخ. والواقع إن الرأسمال مقولة تاريخية، ولا يمكن أن يكون غير ذلك، إلا في ذهن منظري الاقتصاد السياسي المسيطر. تراكم الرأسمال:

هو تحويل فائض القيمة الى رأسمال. إن مصدر التراكم الرأسمالي هو فائض القيمة الذي يخلقه عمل العمال المأجورين، المجاني، ويخصص قسم منه لتوسيع الإنتاج. وبمقدار التراكم يزداد بإضطراد معدل فائض القيمة، وكمياته. ويتم تراكم الرأسمال أثناء عملية تجديد الإنتاج الرأسمالي الموسع، كما ترتبط عملية تراكم رأس المال بنمو التركيب العضوي لرأس المال. ولا بد أن تؤدي عملية التراكم الى تشكيل الجيش الاحتياطي للعمل، والى البطالة والى خراب وإفقار الكادحين من جهة، والى ثراء الرأسماليين، من جهة أخرى. وفي ظروف الإمبريالية، وبالإضافة الى فائض القيمة الذي يجنيه الرأسماليون باستغلال العمال، تستولي الاحتكارات على جزء من أجور العمال والمستخدمين ومداخيل الفلاحين التي تجنيها الدولة عن طريق مختلف الضرائب والرسوم، كما تستولي على بعض مداخيل وأموال صغار المالكين ومتوسطيهم، وعلى بعض رساميل أرباب العمل الذين انهاروا تحت ضغط المنافسة الشديدة، وعلى بعض أرباح الاحتكارات الناجمة عن نهب شعوب البلدان النامية. وتعتبر إشاعة العسكرة في الاقتصاد، والتحضير للحروب، من أهم وسائل تراكم رأس المال في أيدي الاحتكارات.



التراكم البدائي لرأس المال



هو عملية تاريخية فصلت صغار المنتجين عن وسائل الإنتاج، فصلا اكراهيا، شاملا، وتجميع هذه الوسائل في أيدي الرأسماليين. وقد جرت هذه العملية في بلدان أوربا الغربية، في القرون 16 و 17 و 18، من حيث الأساس. وكانت عملية التراكم البدائي لرأس المال نقطة الانطلاق في نشوء أسلوب الإنتاج الرأسمالي، وظهور مالكي وسائل الإنتاج، من جهة، والعمال المأجورين البائعين لقوة عملهم، والمحرومين من وسائل الإنتاج والأحرار، حقوقيا، من جهة ثانية.إن عملية فصل صغار المنتجين، والفلاحين، بشكل خاص، عن وسائل إنتاجهم، فصلا اكراهيا ( كالأرض، وأدوات الإنتاج) هي بمثابة عشية الرأسمالية، وتدل على أن الرأسمال لم يظهر كنتيجة لتقتير فئة ما من الناس، كما يزعم البعض من الاقتصاديين. إن التاريخ الفعلي يبين إن ظهور الرأسمالية كان ثمرة عمليات اقتصادية فعلية كانت تحدث في أحشاء المجتمع ( كالمنافسة، وخراب صغار منتجي السلع)، وقد تسارع هذا الظهور عن طريق استخدام أشرس صور العنف والنهب. لقد ظهرت أكثر صور تراكم الرأسمال البدائي كلاسيكية في إنكلترا، حيث استولى اللوردات على أراضي الفلاحين المشاعية، وطردوهم منها. وقد حوّل الإقطاعيون الأراضي المغتصبة من الفلاحين الى مراع للأغنام، وأجّروها من أصحاب المزارع الذين مارسوا الإنتاج الزراعي على أساس رأسمالي. ولجأت البرجوازية الوليدة الى وسائل عديدة لاغتصاب الأراضي: كالاستيلاء الإحتيالي على أراضي الدولة، ونهب أملاك الكنيسة. وتحولت جماهير الناس المحرومين من وسائل المعيشة الى متسولين، ومتشردين، وقطاع طرق. وسنّت سلطة الدولة قوانين ضد الذين صودرت أراضيهم، وسُميت بـ quot; التشريعات الدموية quot;. وعن طريق التعذيب، والجلد بالسياط، والختم بالحديد الساخن، عززّت الدولة نظام العمل المأجور، ودفعت الفقراء الى العمل في المؤسسات الرأسمالية عنوة، وقلصت مبالغ الأجور، وأطالت يوم العمل. وقد رافق خراب صغار المنتجين، وتحولهم الى عمال أجراء quot; أحرار quot; تراكم ثروة كبار المالكين الذين تحولوا الى رأسماليين.

المصدر:

http://www.iraqcp.org/fakri/mafahim.htm