محمد الشرقاوي من القاهرة : مر عام 2007 بأحداثه وملفاته وعثراته أيضًا بداية من الإنخفاض التدريجي لسعر صرف الدولار والإعلان عن وصول معدلات الاستثمار الأجنبي إلى 11.1 مليار دولار مرورًا بملف القطاع المصرفي حيث تقف فيه بعض البنوك العامة والخاصة على أبواب الدمج أو التصفية خاصة ملف بنك القاهرة الذي يقودنا إلى عام 2008، إضافة إلى قضية الدعم وتوصيله لمستحقيه فقط .

ويعد عام 2007 عام الاعتصامات سواء في القطاع الخاص أو الحكومي للحصول على الحقوق وزيادة الرواتب، السطور التالية ترصد ابرز الأحداث التي احدثت دويًا في القطاع الاقتصادي المصري ولعل نجاح شركة اتصالات الإمارات في المنافسة على رخصة النقال الثالث المصرية والتي دفعت بالتعاون مع كونسورتيوم مصري 3 مليارات دولار استطاعت من خلاله تحريك المياه الراكدة في السوق بضخ هذه الأموال داخل الخزانة العامة للدولة .

ربما نجح البنك المركزي في اتباع سياسة إصلاح الجهاز المصرفي وإعادة هيكلته ماليًا وإداريًا لزيادة القدرة التنافسية محليًا ودوليًا، حيث بدأ من القاعدة التي تشمل البنوك مرورًا بالتعاملات البنكية وملفات المتعثرين وصولاً لضبط أسعار العملة خاصة الدولار الذي شهد انخفاضا ملحوظًا في فترة قصيرة ربما كانت تصريحات الدكتور يوسف بطرس غالي هي السبب في ذلك، على الرغم من أنه قام بنفيها أكثر من مرة الا أن التأثير الايجابي لهذه التصريحات على السوق كانت مدوية.

حيث اشتملت خطة المركزي على عدة محاور أهمها دمج البنوك الصغيرة والضعيفة في كيانات كبيرة لتفادي مخاطر عدم انتظام الأداء المالي والنقدي وبيع البنوك العامة لحصصها في البنوك المشتركة لتوسيع قاعدة الملكية فيها.

أزمة بنك القاهرة
لعل ابرز الملفات المصرفية المفتوحة في الوقت الحالي موضوع بيع بنك القاهرة (ثالث اكبر بنك حكومي في البلاد)، فبعد مفاوضات واعتراضات واعتصامات كثيرة لمنع عملية البيع أو الطرح لمستثمر رئيس خاصة بعد اعتراض البعض على دمج بنك القاهرة مع بنك مصر، إلا أن الحكومة المصرية عاودت من جديد وقالت إنها ستطرح حوالى 67 في المئة من الأسهم بدلاً من 80 في المئة ربما جاء ذلك بعد الحملة الشعبية التي قادها بعض المثقفين وأصحاب الرأي الذين اعتبروا بيع بنك القاهرة بداية لبيع مصر الذي يمثل 41 في المئة من إجمالي السوق المصرفية في مصر بالتعاون مع البنك الأهلي المصري .

فوضع البنوك في مصر خلال العامين الماضيين بات مقلقًا للجميع خاصة مع تزايد حركات البيع والتصفية وتزايد حصة تملك الأجانب في البنوك المصرية حيث تم بيع بنك الإسكندرية الذي استحوذ عليه بنك سان باولو الايطالي بنسبة 80في المئة مقابل 1.6 مليار دولار في واحدة من أكبر عمليات الخصخصة .

الا أن نجاح بنك الإسكندرية بعد خصخصته يعد من ابرز الإصلاحات المصرفية التي شهدها القطاع مؤخرًا حيث تعد مكينة خدمات وأعمال البنك أهم الخطوات الايجابية في تاريخه والتي كانت تتم بالأيدي وربط فروع البنك بشبكة داخلية لتسهيل التعامل بين الفروع والمركز الرئيس.

الدمج مستمر
وما تزال الترتيبات التي تتم في الظل حاليا لإنهاء إجراءات دمج البنك التجاري الدولي (أحد اكبر ثلاثة بنوك خاصة في مصر) مع البنك العربي الإفريقي وصفت مؤخرًا مجلة ذي بانكر البريطانية ذائعة الصيت أن المولود الجديد سيولد عملاقًا ليستحوذ بذلك على حصة سوقية تبلع 10 في المئة من السوق .

وعلى الرغم من أن الأشهر الماضية كشفت عن صفقات كثيرة في القطاع المصرفي، حيث اشترى صندوق ريبللوود الأميركي للاستثمار حصة المال العام في البنك التجاري الدولي بنسبة 7.18في المئة بقيمة إجمالية 3.1 مليارات جنيه بسعر 5.53 جنيهات للسهم، واستحوذ بنك عودة اللبناني على 100في المئة من أسهم بنك القاهرة الشرق الأقصى بقيمة إجمالية 4.542 ملايين جنيه، واستحوذ بنك كاليون مصر المملوك بنسبة 75في المئة لبنك كاليون الفرنسي على حصة نسبتها 67.74في المئة من أسهم البنك المصري الأميركي بقيمة إجمالية 2.2 مليار جنيه، واستحوذ كونسرتيوم البنك الأهلي البحرين على حصة تصل إلى 3.89في المئة من إجمالي أسهم بنك الدلتا الدولي بقيمة تجاوزت 65.1 مليار جنيه، واستحوذ بنك الاتحاد الوطني الإماراتي علي نسبة 6.94في المئة من أسهم بنك الإسكندرية التجاري والبحري بقيمة بلغت 5.244 ملايين جنيه، واستحوذ بنك بيريوس الذي يسيطر على رأسماله اليونانيون على البنك التجاري المصري ونجح بنك الأهلي سوسيتيه ويمتلك الفرنسيون 75في المئة من أسهمه في شراء المصري الأميركي .

الا أن عمليات الدمج والتصفية باتت ضرورة ملحة خاصة في ظل التحول لنظم الاقتصاد الحر، فلم يكن القطاع المصرفي وحده هو الذي تم الدمج فيه بل امتد ليشمل أيضًا شركات التأمين حيث تم دمج شركات مصر للتأمين والشرق للتأمين والمصرية لإعادة التأمين في كيان واحد تحت اسم مصر للتأمينrlm; rlm; جاء ذلك خلال انعقاد الجمعيات العامة غير العادية للشركات الثلاث.

عام الاعتصامات
الإضرابات والاعتصامات التي شهدتها شوارع القاهرة والمحافظات المجاورة لم تكن فقط للتعبير عن الرأي العام، كما تخيل بعضهم، فحجم الاعتصامات هذا العام زاد بشكل حقق طفرة، الجميع وقف ينادي ويندد بزيادة الأجور والرواتب حتى ان بعضهم افترش الأرض ونام عليها أملاً في حل ازمته .

المراقبون لقبوا العام المنصرم (2007) بأنه عام الاعتصامات فنظرة موضوعية لحجم الاعتصامات ومطالب المعتصمين التي جاءت بسبب تواضع الرواتب والمساواة بين الموظفين للحصول على منح وحوافز .

كما أضرب عمال شركة الوبريات في مدينة سمنود في محافظة الغربية مصرية للغزل والنسيج مطالبين بزيادة أجورهم ومساواتهم بأقرانهم في شركات حصل عمالها على ميزات مالية بعد اعتصامات نظموها في الأشهر الماضية. وقال عمال في دلتا النيل : quot;إنهم مستمرون في الإضراب لحين حصولهم على 50 جنيها (تسعة دولارات) كحافز شهري وبدل طبيعة عمل وبدل مخاطر في ضوء المبالغ المماثلة المقررة لعمال شركات الغزل والنسيج الأخرىquot;.

كما اعتصم موظفو الضرائب العقارية آملين في مساواتهم بموظفي الضرائب العامة حتى خرج الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية عن صمته بحل المشكلة ومساواة جميع الموظفين بعضهم البعض . واعتصم أيضا ٥٠٠ شخص من عمال وأصحاب مصانع في منطقة شق الثعبان، اعتراضًا على قرارات الإزالة لـ٣٩ مصنعًا للرخام والغرانيت في منطقة شق الثعبان وكوتسيكا بحلوان. رفع المعتصمون لافتات تندد بقرارات الإزالة لمصانعهم، بسبب تعدي أصحاب هذه المصانع على الأراضي المجاورة لمصانعهم، كتبوا فيها شعارات مثل quot;لا للإزالةquot;.

الدعم لمن؟
صداع مزمن اسمه الدعم لمن يستحقه خاصة بعد أن اكتشفت الحكومة أن مليارات الدعم تصل إلى من يستحق ومن لا يستحق حيث خلصت الحكومة المصرية في دراسة أعدها مؤخرا مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار إلى عدم نجاح نظام الدعم العام كحل لمشكلة ارتفاع الأسعار نتيجة لارتفاع تكاليف هذا النظام بما يمثل أحد أهم أسباب عجز الموازنة وبالتالي زيادة الضغوط التضخمية كما يؤدي نظام الدعم العام لتسرب الدعم لغير مستحقيه.

وطالب التقرير بضرورة الإلغاء التدريجي لأنظمة الدعم العيني للغذاء والتوجه لبرامج التحويلات النقدية خاصة في حالة انخفاض التضخم كسياسة تكميلية لتعويض محدودي الدخل المتضررين من إلغاء الدعم العيني مع ضرورة تعديل قيمة هذه التحويلات حتى تتناسب مع معدلات التضخم والعمل على توفير قاعدة بيانات عن الدخل والأجور يمكن الاعتماد عليها عند الانتقال من الدعم العيني إلى الدعم النقدي .

و صاحب اقتراح الحكومة بحجب الدعم عن الجميع ومنحه لمن يستحق في صورة نقدية حفيظة التجار حيث ارتفعت الأسعار إلى الضعف تقريبا دون مقدمات .

ف69 في المئة من المصريين أكدوا أن هناك أفرادا تحصل على الدعم الحكومي في حين أنهم لا يستحقونه خاصة بعد أن تحول الدعم إلى عبء على الحكومة وحق مكتسب للمواطن ، وان الحكومة أصبحت غير قادرة على تحمل هذا العبء بمرور الوقت في الوقت الذي بلغت فيه قيمة هذا الدعم إلى 110 مليارات جنيه ويستحوذ على 60 في المئة من موارد الموازنة العامة .