د. جاسم حسين
يتميز الاقتصاد الكويتي بالكثير من الأمور مقارنة باقتصادات الدول الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي. وتشمل هذه المفارقات تاريخ ابتداء السنة المالية، إذ تبدأ في الكويت في الأول من نيسان (أبريل). أما المميزات الأخرى للاقتصاد الكويتي فتشمل تحويل 10 في المائة من إيرادات الخزانة العامة للدولة لصندوق خاص للأجيال القادمة. يهدف هذا البرنامج منقطع النظير إلى ضمان حصول الأجيال القادمة على حقها من خيرات البلاد.
الإيرادات والمصروفات
قدرت الحكومة إيرادات ميزانية السنة المالية التي بدأت في نيسان (أبريل) 2007 وتستمر حتى نهاية آذار (مارس) 2008 بنحو 28.9 مليار دولار. كما قدرت السلطات حجم المصروفات بنحو 39.2 مليار دولار. وعليه تم افتراض عجز مالي يزيد على عشرة مليارات دولار.
بيد أنه ينتظر أن يتم تحويل العجز المقدر إلى فائض كبير. ومرد ذلك حدوث زيادة نوعية في الإيرادات مقابل تراجع المصروفات. وتعود الزيادة المتوقعة في حجم الإيرادات إلى ارتفاع الدخل النفطي. يسهم الدخل النفطي نحو 90 في المائة من إيرادات الخزانة في الكويت أي الأكثر اعتمادا على النفط بين شقيقاتها في دول مجلس التعاون.
سعر غير واقعي للنفط
افترضت الحكومة متوسط سعر منخفض جدا لبرميل النفط للسنة المالية 2007 ـ 2008 مقارنة بما هو سائد في العالم. فقد تم افتراض متوسط سعر قدره 36 دولارا للبرميل. في المقابل، أشارت تقارير خبرية إلى أن النفط الكويتي كان يباع بنحو 85 دولارا للبرميل الواحد مع انتهاء عام 2007. لكن من المنتظر أن يبلغ متوسط سعر النفط الكويتي نحو 64 دولارا للبرميل مع نهاية السنة المالية.
من جهة أخرى، يعتقد أن السلطات الحكومية تعمدت تبني رقم محافظ لأقصى حد ممكن لسعر النفط لوضع حد لمطالبات مجلس الأمة بزيادة رواتب موظفي القطاع العام. المعروف أن نحو 92 في المائة من العمالة الوطنية في الكويت تعمل في المؤسسات التابعة للدولة. تتمثل مطالبة أعضاء المجلس التشريعي بزيادة الرواتب في إطار إعادة توزيع الثروة في البلاد وضمان حصول المواطنين على مكاسب مباشرة من ارتفاع دخل الخزانة العامة للدولة.
كما أن مطلب الزيادة بات ضروريا أكثر من أي وقت مضى بسبب مشكلة التضخم. يشار إلى أن الاقتصاد شأنه شأن بقية الاقتصادات الخليجية الأخرى يعاني مشكلة ارتفاع الأسعار وبقائها مرتفعة أي حالة التضخم. تشير آخر الإحصاءات المتوافرة إلى أن نسبة التضخم في الكويت فاقت 6 في المائة في نهاية عام 2007.
محاربة التضخم
تعتقد بعض المصادر الصحافية حدوث تراجع بنحو 8 في المائة من مجموع المصروفات المقدرة. ويعود هذا الأمر إلى رغبة السلطات في عدم تفاقم أزمة التضخم في البلاد. يلعب القطاع العام دورا محوريا في المصروفات في الكويت ما يعني وجود علاقة بين مستويات التضخم والصرف الحكومي.
المعروف أن السلطات الكويتية اتخذت قرارا استراتيجيا في أيار (مايو) من عام 2007 يقضي بفك ارتباط عملتها بالدولار الأمريكي واستبداله بسلة من العملات. وقد اتخذت السلطات الكويتية القرار على خلفية عدم ظهور دلائل تشير إلى انتهاء حالة تراجع قيمة الدولار. يتسبب هبوط الدولار إلى استيراد التضخم على خلفية جلب واردات من سلع غير مسعرة بالدولار الأمريكي. تستورد الكويت نحو 37 في المائة من حاجياتها من أوروبا فضلا عن نحو 50 في المائة من آسيا ودول أخرى لا ترتبط عملتها بالدولار الأمريكي. في المقابل، تسهم الواردات من الولايات المتحدة بنحو 13 في المائة من قيمة الواردات.
من المتوقع أن يتم تسجيل فائض يراوح في حدود 25 مليار دولار بسبب تعزيز الإيرادات من جهة وتراجع المصروفات الحقيقة عن المقدرة من جهة أخرى. وكانت الميزانية الكويتية قد سجلت فائضا قدره 18.5 مليار دولار في السنة المالية 2006 ـ 2007. وكان في المقدور تسجيل فائض أكبر لولا تحويل مبلغ استثنائي لحساب التأمينات العامة. بالعودة للوراء، تم تسجيل فائض قدره 24 مليار دولار في السنة المالية 2005 ـ 2006 أي الأعلى في تاريخ الميزانيات العامة في الكويت.
اقتصاد النفط
كما أشرنا سلفا يشكل الدخل النفطي نحو 90 في المائة من إيرادات الموازنة العامة. كما يلعب القطاع النفطي دورا محوريا في الميزان التجاري، حيث يمثل نحو 95 في المائة في الوقت نفسه من الصادرات. المؤكد أنه لا يمكن اعتبار هذه الإحصاءات سارة في أي حال من الأحوال لأنها تجعل الاقتصاد الكويتي تحت رحمة التطورات في أسواق النفط. صحيح أن أسعار النفط مرتفعة في هذه الفترة لكن كل شيء قابل للتغيير في المستقبل.
ختاما: في مقدور الكويت توظيف الفوائض النفطية لتحقيق هدف جوهري وهو حصول تنوع اقتصادي بعيدا عن القطاع النفطي. فالفرصة متوافرة أمام الكويت للعمل على تقليل الاعتماد على القطاع النفطي فيما يخص المساهمة في دخل الخزانة العامة والصادرات والناتج المحلي الإجمالي.
- آخر تحديث :
التعليقات