أمين الجمعية المغربية لمنتجي ومصدري الحوامض: القطاع على كف عفريت.. ونتوقع هبوط الإنتاج 14% الموسم الحالي
أحمد الضراب لـlaquo;الشرق الأوسطraquo; : اتفاقية التجارة الحرة مع أميركا لم توفر أي فرصة حقيقية لنا
أحمد الضراب (laquo;الشرق الاوسطraquo;)
لحسن مقنع
كشف أحمد الضراب، الأمين العام للجمعية المغربية لمنتجي ومصدري الحوامض، أن الحكومة المغربية تضع، بتنسيق مع المهنيين، اللمسات الأخيرة على برنامج تعاقدي لإعادة هيكلة قطاع انتاج وتصدير الحوامض بالبلاد، وهوقطاع أصبح مستقبله بين كفي عفريت بسبب شيخوخة البساتين، والجفاف، واحتداد المنافسة في الاسواق الدولية.

ويهدف البرنامج التعاقدي إلى تشبيب 27 في المائة من البساتين المغربية، ذلك ان دراسة كشفت ان عمرها يتجاوز 34 عاما. كما يروم البرنامج تحديث أساليب الري عبر إدخال تقنيات الري الموضعي إلى 50 في المائة من البساتين التي ما زالت تعتمد أساليب الري التقليدي المبدرة للثروات المائية. وكشفت الدراسة ايضا أن بساتين الحوامض تغطي 81 ألف هكتار، ويعاني جزء كبير منها من شح المياه بشكل خطير، خاصة في منطقة laquo;سوس ماسةraquo;، التي تتمركز فيها 53 في المائة من القدرة الانتاجية المغربية في مجال الحوامض.

واشار الضراب الى ان البرنامج سيتضمن خططا لترقية السوق الداخلية، وغزو أسواق خارجية جديدة، واستبدال بعض الأصناف التي لم تعد مطلوبة بأصناف أخرى تواكب تقلب توجهات أذواق المستهلكين. وتوقع الضراب في حديث مع laquo;الشرق الأوسطraquo; في الدار البيضاء أن يتم الإعلان الرسمي عن هذا البرنامج خلال انعقاد الدورة المقبلة للمعرض الدولي للفلاحة بمكناس في أبريل( نيسان) المقبل، حيث يرتقب أن يتم التوقيع على نسخته النهائية بين الحكومة والمهنيين. وفي ما يلي نص الحوار:

* كيف يسير الموسم الحالي بالنسبة لقطاع الحوامض؟

ـ بالنسبة للموسم الحالي (2007 ـ 2008) نتوقع هبوط الإنتاج بنسبة 14 في المائة مقارنة مع الموسم السابق، إذ نتوقع جني 1.11 مليون طن فقط، وهذا الانخفاض راجع أساسا للجفاف الذي عرفه الموسم السابق.

* كيف ذلك؟ ـ لأن غلة هذه السنة، التي يتم جنيها بين أكتوبر (تشرين الأول) 2007 ويونيو (حزيران) 2008، هي نتيجة للأزهار التي تفتقت في مارس (اذر) 2006. وبسبب الجفاف الذي عرفه موسم (2006 ـ 2007)، فإن تلك الغلة لم تتوفر لها ظروف نمو جيدة. غير أن الجفاف وحده لا يفسر تراجع الإنتاج، فبالنسبة لأصناف الحوامض الصغيرة، التي تراجع إنتاجها بنسبة 22 في المائة، أي إلى 421 ألف طن، فإن الانخفاض ناتج بالأساس عن توجه المزارعين للتخلي عن أصناف laquo;النورraquo; وlaquo;الاورتانيكraquo;، التي لم تعد تتماشى مع توجهات أذواق المستهلكين، واستبدالها بأنواع أخرى من الفواكه الصغيرة، التي تتلاءم بشكل أفضل مع توجهات أذواق المستهلكين. لذلك يرتقب ان ينخفض إنتاج صنف laquo;النورraquo; بنسبة 43 في المائة، وأن ينخفض إنتاج laquo;الأورتانيكraquo; بنسبة 35 في المائة خلال الموسم الحالي. اما أصناف البرتقال (الحوامض الكبيرة) فيرتقب أن تتراجع بوتيرة اقل، وأن يبلغ إنتاجها 660 ألف طن مقابل 720 ألف طن في الموسم السابق. ونترقب أن تنعكس هذه الوضعية على الصادرات أيضا، والتي ستعرف انخفاضا بنسبة 12 في المائة إلى 514 ألف طن. وسير الموسم حتى الآن، يؤكد هذه التوقعات إذ بلغ حجم الصادرات منذ بداية الموسم حتى نهاية ديسمبر (كانون الثاني) الماضي، 170 ألف طن مقابل 195 ألف طن خلال نفس الفترة من السنة الماضية.

* ما مدى تنويع صادرات الحوامض المغربية، وإلى أي حد أصبحت متحررة من التبعية لسوق الإتحاد الأوروبي؟

ـ لم يعد الآتحاد الأوروبي الوجهة الأساسية لصادرات الحوامض المغربية كما كان الامر من قبل، فقد عرفت الصادرات تراجعا كبيرا لصالح أسواق أوروبا الشرقية وكندا. فبعد أن كان الآتحاد الأوروبي يستقطب 60 في المائة من صادراتنا قبل 20 سنة، نزلت حصته حاليا إلى 30 في المائة. لذلك فالسؤال الذي نطرحه اليوم هو ليس كيف نقلص حجم صادراتنا في سوق الاتحاد الأوروبي، ولكن كيف يمكن أن نسترجع مكانتنا في هذه السوق، خاصة في الاسواق التقليدية مثل فرنسا وبلجيكا وهولندا وبريطانيا، وبالتالي وضعنا خطة من أجل تحقيق هذا الهدف، خاصة من خلال ترقية منتوجنا حتى يصبح ملائما لمتطلبات هذه الاسواق، وينافس المنتوج الإسباني.

* أطلق المغرب خلال السنة الماضية حملة ترويجية باتجاه السوق الروسية. هل بدأت نتائج هذه الحملة في الظهور؟

ـ أصبحت السوق الروسية خلال السنوات الأخيرة مهمة جدا بالنسبة لنا. ففي السنة الماضية امتصت هذه السوق ما يفوق 50 في المائة من إجمالي صادراتنا من الحوامض. غير أننا نواجه منافسة قوية في هذه السوق، خاصة من طرف تركيا واليونان، اللتين تتمتعان بمزية القرب، وقلة تكلفة النقل، كما بدأت مصر تزاحمنا بشكل قوي في هذه السوق، مستفيدة من انخفاض أسعار الطاقة مقارنة بالمغرب، بالإضافة إلى وفرة الماء وضعف كلفته. لذلك وضعنا هذه الخطة الترويجية على مدى ثلاث سنوات تهدف إلى تثبيث علامة المغرب في السوق الروسية من خلال حملة إعلانات عامة ومتعددة الوسائط. وسيتطلب منا الحفاظ على موقعنا في السوق الروسية وتطويره، بدل مجهود أكبر في الإرتقاء بجودة المنتوج الموجهة لهذه السوق. فقد لاحظنا تزايدا في مطالبة المستهلكين الروس بجودة أكبر من سنة إلى أخرى، ولمسنا لديهم استعدادا لدفع ثمن تلك الجودة.

* وماذا عن السوق الأميركية؟ وما هي الفرص التي توفرها اتفاقية التجارة الحرة مع واشنطن بالنسبة للحوامض المغربية؟

ـ للأسف ليست هناك فرصة حقيقية في هذه السوق ما عدا بعض الإمكانيات المحدودة بالنسبة للفواكه الصغيرة. فالولايات المتحدة، هي ثاني أكبر منتج للبرتقال (الحوامض الكبيرة) في العالم بعد البرازيل، غير أنها تنتج كميات قليلة جدا من الحوامض الصغيرة. وقد تمكننا من تصدير 5 ألاف طن من الكليمانتين للولايات المتحدة العام الماضي، وهي كمية ضئيلة جدا مقارنة بإمكانات هذه السوق. والسبب في عدم اهتمام المصدرين المغاربة بهذه السوق هو صرامة القواعد والحواجز غير الجمركية، التي تفرضها على الحمضيات بجميع أصنافها. فالقوانين الصحية الأميركية مثلا تشترط معالجة الكميات المراد تصديرها إلى الولايات المتحدة بدرجة حرارة جد منخفضة لمدة 15 يوما للتأكد من قتل كل الحشرات وبويضاتها التي يمكن أن تعلق بالفواكه، وتتمكن بذلك من التسلل إلى الولايات المتحدة. وعندما قمنا بذلك منعت الجمارك الأميركية الشحنة من اجتياز الحدود لأنها لم تكن مرفقة بشهادة تتبث أن الصناديق الخشبية التي شحنت فيها البضاعة قد تمت معالجتها ايضا بالبرد. كما تضع الولايات المتحدة معايير جودة عالية لولوج السوق مثل تحديد عيار الفواكه في نطاق ضيق، من واحد إلى ثلاثة، وهو شيء صعب التحقيق. فنحن نعتقد أن هذه الحواجز مبالغ فيها، وهي تشكل حواجز غير جمركية أمام التجارة، والسبب هي قوة اللوبيات الزراعية الأميركية، خاصة لوبي منتجي الحوامض في فلوريدا وكاليفورنيا.

* برزت السوق الصينية، على المستوى العالمي في الآونة الأخيرة كسوق واعدة. فهل هناك مقاربة خاصة لولوج هذه السوق من طرف صادرات الحوامض المغربية؟

ـ بالنسبة للسوق الصينية وأسواق آسيا الصاعدة، لا تزال مقاربتنا لها في طور الإرهاصات الأولية، إن لم أقل في طور التخطيط. ففي إطار البرنامج التعاقدي الذي يجري إعداده مع الحكومة، والذي سيتم التوقيع عليه خلال المعرض الدولي للفلاحة أبريل (نيسان) المقبل بمدينة مكناس، وضعنا خطة لدعم المصدرين، وتشجيعهم على اقتحام هذه الأسواق الجديدة.

* ما هي تفاصيل هذا البرنامج التعاقدي؟

ـ ما زال البرنامج في طور التفاوض، لذلك لا يمكنني أن اتحدث عن تفاصيله. وما يمكن قوله هو انه وصل الى مرحلة جد متقدمة، اذ تم وضع اللمسات الأخيرة عليه من طرف الحكومة والمهنيين قبل الإعلان عنه رسميا، وتوقيعه خلال المعرض الدولي المقبل للفلاحة بمكناس.

* هل لك أن تشرح لنا الخطوط العريضة لهذا البرنامج؟

ـ البرنامج يهدف إلى تأهيل القطاع في ميادين الإنتاج والتعبئة والتلفيف والخدمات، وكذلك في مجالات التسويق والصدير. وسيمتد تنفيذه على مرحلتين، في مرحلة اولى، سيتم تجديد عدد من البساتين الضعيفة المردودية إما بسبب ارتفاع سن الاشجار أو أن الأصناف المغروسة فيها لم تعد تواكب متطلبات الأسواق. وستمتد هذه المرحلة على 4 سنوات ما بين 2008 و2012، وهي المدة اللازمة لغرس الأشجار الجديدة وبلوغها أوج عطائها. أما المرحلة الثانية فستمتد حتى 2015، وسيتم خلالها تنظيم الاستغلال والتسويق.

* ما هو حجم البساتين المعنية بتشبيب الاشجار؟

ـ كنا أنجزنا دراسة امتدت ما بين النصف الاخير من سنة 2006، والربع الأول من 2007، أعطتنا صورة واقعية حول وضعية القطاع ومؤهلاته. وكشفت أن المساحات المغروسة بالحوامض تبلغ 81 ألف هكتار، وأن 27 في المائة منها يفوق عمر أشجارها 34عاما، أي أنها دخلت مرحلة الأفول. كما أبرزت الدراسة أن51 في المائة من البساتين لا تزال تستعمل فيها أساليب الري التقليدية المبدرة للماء. كل هذه المشاكل أخذناها بعين الاعتبار في إعداد البرنامج، الذي سيتضمن تحفيزات للفلاحين لمساعدتهم على مسايرة أهداف البرنامج. فالمساعدات التي ستمنح للفلاحين من أجل شراء الأغراس ستكون مشروطة بشراء نوعية معينة من الاغراس، لتوجيه الفلاحين نحو شراء أغراس الأصناف، التي أصبحت مطلوبة أكثر من طرف المستهلكين، والأصناف التي تعتبر خالية من الأمراض الفيروسية. كما سيكون هناك دعم للفلاحين من أجل اعتماد الري الموضعي. ويتضمن البرنامج أيضا خططا لدعم وتوجيه تجديد الآليات الزراعية، وتحسين خدمات محطات التعبئة والتلفيف. كما يولي البرنامج عناية خاصة لمتطلبات الجودة ومعايير الصحة والسلامة والمعايير البيئية والاجتماعية للإنتاج، من حيث ظروف العمل ومستوى الأجور، والتي أصبحت من بين الشروط التي يتطلبها ولوج أسواق الدول المتقدمة. وهنا أود الإشارة إلى أن تمويل البرنامج لن يكون من طرف صندوق الدولة وحده، فنحن كمهنيين مستعدون للمساهمة في موازنة هذا البرنامج.

* هل يتضمن البرنامج التعاقدي توسيع المساحات المخصصة لزراعة الحوامض؟ ـ لن تكون هناك زيادة مهمة في المساحات المغروسة، لأن الهدف من البرنامج هو استغلال أفضل للمساحات الموجودة من أجل زيادة الإنتاج ورفع جودته. كما أن المناطق المعروفة بزراعة الحوامض بلغت ذروتها، وأصبحت إمكانيتها المتاحة من الماء والأراضي محدودة. ففي منطقة سوس ماسة حيث توجد 44 في المائة من الأراضي المغروسة بالحوامض (32 ألف هكتار)، أصبح أي توسع في المساحات المغروسة بمثابة انتحار نظرا للضغط الكبير على الماء. وفي منطقة مراكش اصبح القطاع العقاري والسياحي أكبر منافس للزراعة على الأراضي. أما في منطقة بركان (شرق المغرب) فالأراضي الصالحة منحصرة جغرافيا في منطقة غير قابلة للتوسع، بالإضافة إلى كون هذه المنطقة بدأت تعرف مشاكل ندرة الماء، نظرا لمحدودية طاقة سد محمد الخامس. لذلك فإن الزيادات القليلة الممكنة ستتركز في مناطق الشمال والغرب، حيث وفرة الماء نسبيا. لكنها ستكون زيادات محدودة جدا.

* بالنسبة لضيعات الدولة التي كانت تسيرها عبر شركتي laquo;صودياraquo; وlaquo;صوجتاraquo; اللتين تم تخصيصهما عن طريق الإيجار، ما هو دورها في هذا المخطط؟

ـ البرنامج يأخذ بعين الاعتبار هذه الأراضي، التي كانت في الاصل في ملكية المعمرين الفرنسيين خلال مرحلة الحماية، واسترجعتها الدولة في بداية عقد السبعينات من القرن الماضي. فجل هذه الاراضي تم غرسها من طرف المعمرين، ومنذ استرجاعها لم يتم تجديد أشجارها التي تعتبر اليوم من بين الاشجار المسنة في المغرب. ومعلوم أن الحكومة خلال تخصيص تلك الضيعات حددت شروطا في دفاتر التحملات المتعلقة بصفقاتها، ضمنها إعادة التشجير والاستثمار في مشاريع متكاملة تتضمن إنشاء محطات للتعبئة والتلفيف، من أجل مواصلة مساهمة هذه الضيعات في الدينامية الاقتصادية وتحسين أدائها.

* وما هو موقع السوق الداخلية في كل هذا؟

ـ السوق الداخلية تكتسي أهمية كبرى بالنسبة لنا ففيها يتم تصريف نحو 50 في المائة من الإنتاج. وهي أيضا أصبحت تتطلب جودة أعلى مع ارتفاع مستوى عيش المواطنين. ويهدف البرنامج التعاقدي في شقه المتعلق بالسوق الداخلية إلى تحسين مسالك وقنوات التوزيع والتسويق عبر فرض معايير الجودة المطابقة للنظم الأوروبية في كل حلقات سلسلة التسويق والتوزيع، وتقليص عدد الوسطاء والمتدخلين عبر تنظيم السوق، وهو ما سيقلص الفرق الشاسع بين ثمن بيع المنتوج من طرف الفلاح، وثمن وصوله إلى المستهلك. وبذلك سنتمكن من وضع المنتوج رهن إشارة المستهلك بثمن جيد مع ضمان البيع بسعر مجزي للفلاح.