أسامة مهدي من لندن : حذرت وزارة التجارة العراقية من عدم وجود ارصدة مالية لديها للاستمرار في توزيع المواد الغذائية على المواطنين الامر الذي يهدد بوقف العمل بالبطاقة التموينية سلة العراقيين الغذائية مؤكدة ان تأخير مجلس النواب في المصادقة على الميزانية العامة للعام الحالي 2008 يجعلها تسعى لاقتراض نصف مليار دولار .
وأعلنت الوزارة سعيها لإطلاق أرصدتها المالية المخصصة للبطاقة التموينية للعام الحالي والبالغة حوالي خمسة مليارات دولار لغرض القيام بالتعاقدات التجارية مع الشركات الموردة ولتأمين حاجة المواطن من مفردات الحصة التموينية للأشهر المقبلة كما قال بيان صحفي الى quot; ايلاف quot; اليوم . وقال مصدر في الوزارة انه برغم الحملة الموجهة لوزارة التجارة واتهامها بعدم توفير مفردات البطاقة التموينية quot; لكن الذي لا يعرفه العراقيون ان الوزارة لم تستلم أي مبلغ من أرصدتها في الميزانية لحد الآن quot; .
واضاف المصدر ان تجار وموردين تذمروا من عدم صرف إستحقاقاتهم المالية جراء التأخير في وصول المبالغ من وزارة المالية إلى وزارة التجارة مما يؤخر أعمالهم وحركتهم التجارية . واكد أن الشركة العامة لتجارة المواد الغذائية تشكو من عدم وجود أرصدة لتغطية نفقات العقود خاصة وان الميزانية لازالت أمام مجلس النواب وتحتاج المصادقة عليها وقت ليس بالقصير رغم الحاجة الى أهمية توفير هذه المفردات .
واشار المصدر الى ان ثمة صعوبات كبيرة تواجه الوزارة جراء عدم وجود أرصدة حالية أهمها رفض الشركات والموردين التوقيع على العقود لحين إستلام المبالغ المالية التي تصل مئات الملايين من الدولارات . وقال ان الوزارة تسعى حاليا الى الحصول على سلفة بمبلغ 500 مليون دولار لحين إطلاق الارصدة والموافقة على الميزانية لغرض التوقيع على عقود مهمة مثل الزيت والشاي والحليب التي تنتظر إجراءاتها إطلاق الارصدة.
وقد قرر مجلس وزارة التجارة تشكيل لجنة من خمسة مدراء عامين تتولى مسؤلية ومتابعة عملية التوريد والتوزيع لمفردات البطاقة التموينية في بغداد والمحافظات .
وقال وزير التجارة عبد الفلاح حسن السوداني إن هذه اللجنة ستكون جهة مساندة لشركات الغذاء المشرفة على البطاقة التموينية وتتولى المسؤولية المناقلة ومتابعة المخازن إضافة الى متابعة السيرة الذاتية لكل موظف في أقسام الشركات لغرض التدقيق في نزاهته . واضاف بأن هذه اللجنة ستعد تقريرا إسبوعيا لمكتب الوزير والمفتش العام لغرض إطلاعه بالإجراءات المتخذة مع الموظفين وكشف بالذين تؤشر حالات سلبية على عملهم موضحا انها ستقوم ايضا بمتابعة قضايا التوريد والتعجيل في الفحص المختبري وتغيير العاملين الغير كفوئين في عملهم وبشكل مباشر
.
وقد أوعز الوزير بإعداد تقارير عن حالة مخازن المحافظات والمواد الموجودة فعلاً، إضافة إلى المواد التي ستصل البلاد عبر العقود الجديدة وتكليف مكاتب المفتش العام بإتخاذ إجراءات تدقيقية لعمل كل مخزن ودائرة.
وفي وقت سابق اليوم ترأس محمود المشهداني رئيس مجلس النواب العراقي اجتماعاً لرؤساء الكتل واللجنة المالية والاقتصادية في مجلس النواب حيث تمت مناقشة السبل الكفيلة بتسريع الجهود لإقرار الموازنة المالية .
وأكد المشهداني في الإجتماع الذي حضره نائبيه على ضرورة تحسين الخدمات الاساسية المقدمة للمواطنين والمباشرة بحملة الاعمار والبناء الجديد، مشيراً إلى أن ذلك تعتبر ضمانة اساسية لإستمرار التحسن في الوضع الامني وتحقيق الاستقرار في عموم العراق . وقال ان العراق يواجه تحديات خطيرة وكبيرة يجب ان نعمل جميعاً على مواجهته برص الصف وتوحيد الفعل والكلمة والابتعاد عن كل ما من شأنه الحاق الاذى بشعب العراق والنيل من امنه ومستقبل اجياله.
وتقرر خلال الاجتماع عقد اجتماع لرؤساء الكتل بحضور نائب رئيس الوزراء برهم صالح ووزير المالية باقر الزبيدي الاثنين المقبل لمناقشة تقرير الموازنة المالية لعام 2008.
وفي جلسته اليوم قرر مجلس النواب العراقي تأجيل موعد المصادقة على ميزانية عام 2008 البالغة 48 مليار دولار والتي كان من المقرر ان تتم يوم غد الخميس بسبب الاجراءات الامنية المتخذة بمناسبة (عاشوراء) مما تسبب في تأجيل المصادقة الى يوم الاثنين المقبل .
يذكر انه في عام 2007 شكلت البطاقة التموينية في العراق والتي توصف بأنها سلة الشعب الغذائية واحدة من اكثر القضايا التي اثارت اهتمام العراقيين وقلقهم من اجراءات تقليصها خلال العام المقبل وسط مخاوفهم من الغائها نهائيا وبشكل سيقود الى تجويعهم بعد ان ظلت مصدر تموينهم الرئيسي على مدى الاثنا عشر عاما الماضية منذ 1995 .
ومنذ ان انطلقت تصريحات رسمية مؤخرا تنذر بتخفيض نصف مواد البطاقة التموينية خلال العام الحالي فقد بات ارتفاع أسعار السلع والخدمات في العراق ظاهرة طاغية على حياة المواطن اليومية في ظل أزمات متكررة تشهدها السوق المحلية من دون توافر المعالجات لها. ويوجه المواطنون العراقيون اتهامات التلكؤ في تجهيز مواد البطاقة التموينية الى وزارة التجارة التي اقرت بذلك عازية السبب الى بطء الإجراءات الخاصة بمواصفات العقود التي تتأخر في معظم الأحيان كما يشير المسؤولين فيها .
وتسد البطاقة التموينية حاجة أكثر من 60% من العراقيين (البالغ عددهم حوالي 30 مليون نسمة) حيث تشكل موادها حاجة ضرورية للمواطنين .
لكن وزير التجارة العراقي اكد أنه مع قلة المبالغ والتخصيصات الحالية فأن الوزارة لا تستطيع الاستمرار في موضوع البطاقة التموينية. ولفت إلى وجود نقص شديد في كثير من الموادquot; التي توزع على البطاقات وعزا هذا النقص إلى حالات الفساد الإداري التي تشهدها الوزارة، اضافة الى التلكؤ والخلل الإداري والنقص في الملاكات لإدارة هذه العملية الكبيرة وعدم وجود أجهزة رقابية تكفي لمراقبة العملية بأسرها. وقال ان عملية توزيع مفردات البطاقة يفترض أن يتم بملاك يبلغ عدده 60 ألف وكيل لخمسة ملايين عائلة بينما لاتمتلك وزارته سوى 30 ألف موظف فقط يشتغلون على هذه العملية.
وشدد السوداني على ان وزارته لا تستطيع توفير هذه المفردات خلال العام الحالي إن لم يتم زيادة تخصيصات وزارته الى مبلغ يتراوح بين 5 و 6 مليارات دولار مشيرا إلى أن الميزانية المخصصة للعام 2008 هي نفسها التي خصصت في العام2007 والبالغة 3,117 مليار دولار.
وكان نظام توزيع الحصص الغذائية المعروف بنظام التوزيع العام قد بدأ عام 1995 في إطار برنامج النفط مقابل الغذاء الذي وضعته الأمم المتحدة في إعقاب الاجتياح العراقي للكويت قبل 17 عاماً. لكن هذا النظام أخذ يشهد تدهوراً واضحاً منذ الحرب الاخيرة التي قادتها الولايات المتحدة في العراق عام 2003 بسبب انعدام الأمن وسوء الإدارة وانتشار الفساد.
التعليقات