كامل الشيرازي من الجزائر : كشف رئيس الوزراء الجزائري الأسبق، أحمد بن بيتور، أنّ 53 مليار دولار من الفائض التجاري لبلاده، غير موظّفة، معتبرًا المسألة حساسة طالما أنّ الأمر يتعلق بحجم مالي مغيّب، يمثل نسبة 66 في المئة من الناتج الداخلي الخام للجزائر، في وقت قال خبراء الشأن الاقتصادي في الجزائر، إنّ مخطط دعم النمو الذي دخل عامه الثالث quot;يفتقد إلى الإنسجامquot;، على الرغم من المخصصات الضخمة التي رصدتها السلطات الجزائرية لإنجاحه، وزادت قيمتها عن 140 مليار دولار .

وقال أحمد بن بيتور الذي قاد أول حكومة في عهد الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليق، إنّ بلاده حققت فائضًا تجاريًا مهمًا خلال الست سنوات المنقضية، بلغ بحسبه 92.6 مليار دولار ، بيد أنّ معضلة الأموال غير الموظفة ، ألقت بظلالها ولم تمكّن الآليات الاقتصادية المتاحة من استعمال هذا الرافد المالي الهام ، مشيرًا إلى أنّ الفائض المسجّل أعان فقط على مضاعفة تراكم احتياطي النقد الأجنبي الذي قد يبلغ بحسبه مستوى 110 مليار دولار بحلول العام 2010، واستغرب المسؤول المذكور كيف لبلاده أن تنادي باستقطاب استثمارات أجنبية وضمان مرونة أكبر لحركة الأموال، بينما ما تملكه مكدّس بلا طائل .

وفي منتدى إعلامي تناول الوضع الاقتصادي في الجزائر وسياسات الإصلاح، أبدى بن بيتور، تشاؤمًا بحصيلة بلاده على الصعيد الاقتصادي، متذرعًا بضعف وعاء الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي لم تتعدّ 2.8 مليار دولار خلال سنتين، كما قلّل من أثر ما تحققه الشركة النفطية الحكومية quot;سوناطراكquot;، معتبرًا تحقيقها أرباحًا فاقت 59 مليار دولار خلال العام الماضي، ليس ذا بال إذا ما قورن بما جنته شركات بترولية أجنبية من عائدات جاوزت العشر مليارات دولار جرّاء اشتغالها في الجزائر، كما لم يستسغ بن بيتور وهو خبير اقتصادي معروف، تراجع الحصة المخصصة للفرد الجزائري من الناتج المحلي الإجمالي، مبرزًا إنّها صارت 31.6 بالمائة، بعدما كانت تفوق 54 في المئة قبل عشر سنوات.

هذا الطرح أيّده الخبير الاقتصادي الجزائري البارز quot;عبد الحق لعميريquot;، حيث لاحظ إنّ المستوى المعيشي في الجزائر انخفض بنسبة 10 في المئة منذ سنة 1998، ما جعل الرواتب لا تغطي سوى 30 في المئة من القدرة الشرائية، كما أثار لجوء الحكومة إلى رفع الأجور، لكنها تعمد بالتزامن إلى رفع أسعار المواد الاستهلاكية، مقابل الانخفاض المستمر للإنتاجية بنسبة 1.5 في المئة سنويًا، ما يعكس بحسبه quot;هشاشة اقتصاديةquot; بسبب غياب إستراتيجية واضحة، واستمرار الحكومة في الاعتماد المفرط على الجباية البترولية، ونادى العميري بضرورة خلق هيئة تضم نخبة كوادر الجزائر، لوضع استراتيجية تنموية فعالة، وبناء اقتصاد قوي لا يتأثر بتقلبات السوق النفطية، ولن يكون ذلك بمنظوره إلاّ بإحياء الأموال (النائمة)، وتوظيفها في خطة تكفل رسكلة الموارد البشرية والاستثمار في مؤسسات صغيرة ومتوسطة قادرة على تطوير الاقتصاد وخلق مناصب شغل.

من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي quot;مبارك مالك سرايquot;، إنّ الاستثمارات العمومية في الجزائر لا تقضي على البطالة ولا تساهم في رفع نسبة النمو، لأنّ هناك 280 ألف بطال جديد كل سنة، لا يتحصل منهم سوى 58 ألف على منصب شغل، كونها مقصورة على رهان النهوض بالبنية التحتية للإقتصاد المحلي، وقدّر سراي إنّ مخطط دعم النمو الذي افتتح العام 2005، ويختتم العام المقبل، افتقد إلى الانسجام، ولم يهتم بالاستثمار في القطاعات المنتجة للثروة مثل الزراعة والصناعات التقليدية والمنزلية، خصوصًا مع العراقيل البيروقراطية وجمود المنظومة المصرفية، مثلما قال، مشددًا على أنّ الجزائر مدعوة إلى النسج على منوال ألمانيا واليابان وماليزيا، واستخلاص الدروس من تجارب الدول الثلاثة وطرائق خلقها للثروات، وعلى الخط ذاته، اعتبر الخبير المالي quot;محمد بنينيquot;، من جانبه، أنّ الجزائر ملزمة بتحقيق نجاعتها الاقتصادية قبل استكمال مسار انضمامها إلى المنظمة العالمية للتجارة، وتوقع نتائج كارثية، إن لم يتم تفعيل الأشياء على هذا النحو المشروط