أحمد بن عبدالعزيز السماري
لقد تشرفت بأن أكون أحد الكوادر التي عملت في مجال الألبان لمدة ست سنوات لدى احدى شركات الألبان الكبرى وقد كان لهذه التجربة التأثير الكبير في مستوى معرفتي وتطوير مهاراتي الشخصية وكسب الخبرة العالية. وقد تركت العمل في نهاية عقد الثمانينات الميلادية.
ولكن ما يهم القارئ هو عندما بدأت العمل كان سعر الحليب خمسة ريالات وانخفض هذا السعر إلى أربعة ريالات أي انخفاض بنسبة 20% عن السعر الأساس quot;خمسة ريالات/ اللترquot; ثم حدث في نهاية التسعينات الميلادية خفض إضافي للسعر وأصبح ثلاثة ريالات للتر أي بنسبة 40% أقل من سعر الأساس.

ولعل ما يثير سخرية القدر هو تدخل وزارة الزراعة في ذاك الوقت لمنع بعض الشركات التي بادرت بخفض السعر عن تغيره وعقدت الاجتماعات الجماعية مع شركات الألبان على اختلاف مستويات انتاجهم لاقناعهم بالعدول عن خفض السعر وإبقائه عند مستوى أربعة ريالات للتر، ومع ذلك أصرت تلك الشركات على فرض قواعد السوق التي تعتمد على العرض والطلب ومبدأ المنافسة وتوازن تكاليف الانتاج وتحقيق الأرباح مع السعر الأمثل بهدف توسيع قاعدة البيع عن طريق خفض السعر وهو ما يمكن تشبيهه بأسعار الاتصالات الخلوية التي تحدث هذه الأيام بين شركات الاتصالات المحلية.

وبنفس قواعد السوق وحساب تكاليف الانتاج اضطر منتجو الألبان المحليون إلى رفع سعرهم هذه الأيام إلى أربعة ريالات للتر أي لا يزال أقل ب 20% عن سعر الأساس. ونجد ان وزارة التجارة والصناعة تتدخل وبطريقة عكسية عن تدخل وزارة الزراعة في وقت سابق ولكن قد يقال ان تدخل quot;التجارةquot; هو لحماية المستهلك وتطبيق نظام المنافسة العادلة وليس للاعتراض على رفع السعر كمبدأ ولذلك أقول رفقاً بشركات الألبان الوطنية التي سعت في كل الأوقات إلى العمل بجد ومهنية لنقل أفضل أنواع التقنية إلى بلدنا واستحدثت أفضل أساليب التسويق والتوزيع لمنتجات لديها العديد من المحددات الصعبة مثل قصر مدة الصلاحية واحتياجها إلى درجة حرارة محددة والتخزين والعرض للمستهلك وتحملها لنسب رجيع في بعض المواسم الباردة تصل إلى 30%.

ختاماً أذكر من ينشر ويحرض على شركات الألبان فإن هذه الشركات خاطرت في بداية استثماراتها بأموال كبيرة واستجلبوا التقنية والخبرة من كل انحاء العالم حتى يتم توفر هذه المنتجات الهامة جداً في تغذية وصحة الإنسان مواطناً كان أو مقيماً وانه عندما توافرت الظروف الاقتصادية لخفض أسعارها بادرت تلك الشركات بدون تحريض من أحد ورفضت حتى التدخل الرسمي لمنعها من خفضه. علماً ان أسعارها اليوم أقل منها قبل خمسة وعشرين عاماً وأكرر رفقاً بالألبان؟!.

@ رئيس اللجنة الوطنية الزراعية