سعود الأحمد

المشاريع الاقتصادية الحيوية كمشاريع الإسكان الضخمة، لا شك في أنها تؤثر في المستوى المعيشي للمواطن ورفاهيته. فمشروع مثل laquo;مدينة الوصلraquo; السكنية في العاصمة الرياض، الذي نُشر عنه خبر مقتضب بجريدة laquo;الرياضraquo; بتاريخ 12 اكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على أنه مدينة جديدة متكاملة. المفترض أنه يعني للمواطن السعودي.. وعلى وجه الخصوص سكان مدينة الرياض، الشيء الكثير. فبالنظر إلى ما تعانيه شريحة كبيرة من سكان مدينة الرياض، من ارتفاع تكاليف ايجارات المساكن، وغلاء قطع الأراضي السكنية، وما ينتظر له من زيادات. وحيث أن المستثمر في سوق العقار بمدينة الرياض يرى في هذا المشروع، الذي تصل تكاليفه الى 45 مليار ريال (12 مليار دولار)، لبناء أكثر من 60 ألف منزل، إضافة إلى مخازن وفنادق ومساجد ومدارس ومستشفيات ومراكز تجارية ومنشآت رياضية... مما يعني أن المشروع مؤهل لتغيير ميكانيكية سوق العقار السكني في المملكة. وحيث لا يوجد ما يبرر التكتم على تفاصيل مثل هذا المشروع... لعلي أُشخص ما تفتقر إليه بيئة الاقتصاد في هذه المرحلة، بالشفافية في التفاصيل عن المشروع. إننا ننتظر من الجهة الرسمية المعنية بالأمر والمقاول المنفذ للمشروع أن يعقدا مؤتمراً صحفياً، توجه فيه الدعوات إلى مختلف المؤسسات الإعلامية، للتحدث عن التفاصيل والترتيبات الخاصة بالمشروع. حيث أن ضخ مثل هذا المبلغ ووضعه في كفة المعروض من العقارات السكنية، لا بد أن يرفع مؤشر العرض في سوق عقارات الرياض السكنية. ومن هنا فالموضوع لا يعني الجهتين المتعاقدتين، لتفرج عنها متى وكيف شاءت! بل يعني كامل الأطراف المعنية في البيئة التي ينفذ فيها. ومن ذلك أن المستثمر الذي يرغب في اتخاذ قرار شراء عمارات ليستثمرها في التأجير أو بيعها مجزأة؛ لا بد أنه سيتأثر بمثل هذا المشروع. والمستهلك الذي يرغب في شراء عقار سكني قد يفضل الانتظار حتى يتم بناء هذا المشروع. ومن الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة: هل تم التعاقد بالفعل وتوقيع عقد البناء؟ وما هو تاريخ بدء التنفيذ؟ ومتى سيتم الانتهاء منه؟ ومتى سيتم دخوله وعرضه في سوق الرياض السكني؟ وما هي مراحل تنفيذه وتواريخها؟ وما هي الجهات المتعاقدة لتنفيذ المشروع؟ ومن سيقوم على مختلف مراحل تنفيذ المشروع، هل هي شركة laquo;ليميتلسraquo; للترويج العقاري (التي نقل الخبر عنها)، أم أن laquo;ليميتلسraquo; مجرد مدير للمشروع؟ والتمويل مشترك (كونسورتيوم) لبنوك خليجية غير إماراتية وسعودية أم أنه بتمويل بنكي عالمي؟ وهل هناك إمكانية لمعرفة تفاصيل حجم ونوعية الوحدات السكنية... هل هي فلل مستقلة أم فلل دوبلكس أم شقق أم أستديوهات أم مختلطة؟ وما هي تكاليف بناء الوحدة السكنية التقريبية؟ وهل تم بالفعل تحديد سعر بيع الوحدة السكنية للجمهور بناءً على حجمها ونوعها، منذ الآن؟ أم سيرجأ ذلك إلى ما بعد التنفيذ بمبالغ مقطوعة؟ أم سيتم تحديده كنسبة ربح مقطوعة بناءً على تكلفة الوحدة السكنية؟ أم أنه وبالنظر إلى أن مدة التنفيذ ستستغرق وقتاً طويلاً، فسوف يتم تحديد الأسعار لاحقاً وبحسب أسعار السوق آنذاك؟ وهل سيتم تنفيذ المشروع من قبل حكومة دبي للحكومة السعودية، والتمويل سيتم من قبلها؟ وهل سيتم تخصيصه لموظفي الدولة أو لذوي الدخل المحدود بأسعار التكلفة أو بأسعار رمزية أو مجاناً... هذه أسئلة معني ببعضها المقاول وبعضها الجهات الرسمية، لكن وحتى الآن لم يُفصح عن إجاباتها! ومن علامات الاستفهام: أين مستثمرو العقار واتحاد الغرف التجارية من مثل هذه الفرص؟ لأن من الطبيعي أن تكلفة تنفيذ مثل هذا المشروع ستكون أقل لو نفذته شركة سعودية (محلية)، لأن من الطبيعي أن تكون لها خبرة أطول وأفضل في السوق السعودي. كما أنها ستكون أقل تكلفة لمديريها وجميع موظفيها، بل إن الخبرات التي ستشتريها الشركة أو تستأجرها لتنفيذ المشروع ستكون متوفرة لدى أي من الشركات المحلية (لو نفذت المشروع). والسؤال الأخير: هل سيكون لهذا المشروع انعكاس سلبي، لو نفذ بمواصفات مكلفة. مما يعني أنه سيكون مدعاة لارتفاع مستوى أسعار العقارات السكنية في المملكة (وفي الرياض العاصمة بخاصة).
ملحوظة: كثيراً ما نقرأ لبعض كتاب الصحف المحلية تسميتهم الايجارات بالأجور، فيقال أجور العقارات السكنية. والحقيقة أن الرواتب والأجور هي ما يصرف للموظفين والعمال، أما مصروف الايجار فالمقصود به كرا العقار بالنسب لمن يدفعه وهو ريع العقار بالنسبة لمن يقبضه.

* محلل مالي سعودي