كامل الشيرازي من الجزائر: قال مسؤول جزائري كبير ، إنّ بلاده تراهن على رفع مستوى الاستثمارات العربية بالجزائر إلى حدود 19 مليار دولار بحلول العام 2009 ، وأضاف quot; جمال زيريقين quot; رئيس قسم الاستثمارات الخارجية بالوكالة الجزائرية لتطوير الاستثمار ، إنّ السلطات عملت ما بوسعها لترجمة مختلف المشاريع العربية المسجلة بالجزائر ، على هامش افتتاح المؤتمر الثالث لرجال الأعمال العرب quot; الجزائر ارض الفرص الجديدة quot; وكشف quot; جمال زيريقين quot; إنّه جرى منح 90 بالمائة من التراخيص ، ما سيسمح بحسبه بتجسيد مئات المشاريع الاستثمارية التي ظلت محتبسة ، وحثّ رجال أعمال عرب على تنفيذ مشاريع بقيمة 40 مليار دولار ، ظلت رهينة النوايا ، ولم يبدأ منها فعليا سوى 9.5 مليار دولار خلال العام 2007 .

وأورد المسؤول المذكور، إنّ حجم الاستثمارات العربية التي تدفقت إلى الجزائر خلال السبع سنوات المنقضية، بلغت 227 مشروعا بحدود 6.8 مليار دولار، لكنّ المشاريع المشار إليها لم تكتمل جميعها بشكل نهائي، في وقت يعتزم مجمع quot;القدرةquot; الإماراتي، بدء مشروع استثماري يخص 10 آلاف بقرة حلوب بحر السنة الجارية.

وبحضور كوكبة من رجال المال والأعمال والمستثمرين العرب من 19 دولة، وكذا مدراء الصناديق و المؤسسات الاستثمارية و هيئات التمويل العربية والدولية، حثّ رئيس الوزراء الجزائري عبد العزيز بلخادم، من جانبه، الخمسمائة مستثمر عربي الذي حضروا مؤتمر الجزائر، على بلورة خططهم، مشيدا باقتصاد بلاده (الجذاب جدا) على حد تعبيره، وواصفا مناخ الاستثمار بالجزائر، بـquot;الممتازquot;، ودافع عن امتلاك الجزائر لفرص استثمارية هامة لكونها تتوفر على هياكل قاعدية متقدمة ويد عاملة مؤهلة ومصادر طاقة قريبة وبأسعار جد معقولة، ليدعو بلخادم المستثمرين العرب إلى الشروع في التجسيد الميداني لمشاريعهم التي تكتسي أولوية والتي تم ضبطها في اطار استراتيجية الجزائر الصناعية، ورافع لصالح امكانات الجزائر الاستثمارية، ما سيسمح بتسريع وتيرة مشاريع ذات أولوية، وينتج أثرا محسوسا على النمو الاقتصادي في الجزائر، مثلما قال.

بالمقابل، أبدى رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي quot;جاسم مناعيquot;، في تصريح لـquot;إيلافquot;، مخاوف المستثمرين العرب مما أسماه quot;انغلاقquot; اقتصادي متجدد، كما أدرج توجس رجال أعمال عرب من إقدام الجزائر على زيادة إنفاقها العمومي، ما يؤشر بحسبه، على عودة القطاع الحكومي في الاقتصاد الجزائري، وما يترتب عن ذلك، مثلما قال، من انعكاسات سلبية مرتبطة بتوظيف المال العام ومضاعفة حجم التضخم.

واعتبر مناعي إنّ تراجع الجزائر عن خصخصة بنك quot;القرض الشعبي الجزائريquot; المملوك للحكومة، لا يبعث على الارتياح، وأضاف إنّ الجزائر بحاجة أكثر إلى إثبات نيتها الحسنة عبر استمرارها في إصلاح منظومتها المالية، بدل الانسياق وراء تحصيل مبلغ مالي كبير لقاء التنازل عن المصرف المذكور.

كما أعاب رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، على الجزائر النقطة المتعلقة ببقاء تكاليف الخدمات المالية مرتفعة، في صورة الوساطة المالية التي وصف كلفتها بالعالية جدا، وتصورّ إنّ تمكين القطاع الخاص من لعب دور اكبر في القطاع المالي، سينهي قسطا كبيرا من مشاكل الاستثمارات العربية في الجزائر.

في غضون ذلك، أعلن quot;عبد الحميد تمارquot; الوزير الجزائري للصناعة وترقية الاستثمارات، إنّ بلاده برمجت مائة مؤسسة عمومية للخصخصة خلال السداسي الأول من السنة الجارية، وأوضح تمار في تدخله برسم مؤتمر رجال الأعمال العرب، إنّ مسار الخصخصة في الجزائر شهد تطورا سريعا منذ سنة 2005 حيث تم فتح رأسمال 350 مؤسسة، مع الإشارة إن بيانات رسمية لمجلس مساهمات الدولة في الجزائر، تفيد إنّه جرى خصخصة 294‬ مؤسسة عمومية منذ خريف العام 2004 إلى حد الآن، وهي عملية مكّنت الحكومة من جني 1.4 مليار دولار فقط، بعد أن كانت الحكومة تتوقع تحصيل 10‬ مليارات دولار لفائدة الخزانة العامة.

ويرى خبراء الشأن الاقتصادي الجزائري، إنّ ثمة (تعثر ظاهر) ينتاب خطة الخصخصة أربع سنوات بعد طرح الحكومة الجزائرية لنحو 1200 مؤسسة على طاولة الخصخصة بشقيها الجزئي والكلي، وقد اعترفت الحكومة الجزائرية مؤخرا أنّ عملية الخصخصة في الجزائر تعرف تثاقلا وتأخرا كبيران، ورغم ذلك سمحت الخطة خلال العامين الماضيين، بالحفاظ على 24 ألف منصب شغل، وإستحداث 12 ألف منصب جديد، كما تم اعتماد حوالي 600 مليون دولار لخطط إعادة تأهيل وهيكلة المؤسسات المرشحة لفتح رقم أعمالها، بيد أنّ السلطات غير راضية عن النتيجة المحققة، وتؤكد بأن أوضاع القطاع الاقتصادي العمومي ليست مسرة، تبعا لأنّ معطى المؤسسات المخصخصة ضئيل مقارنة بـ1200 مؤسسة معروضة، في ظلّ تغني الحكومة الجزائرية، بتسريع سياقات الخصخصة من أجل تقويم وضع المؤسسات الفاشلة، وحساسية دفع مسار التنمية في البلاد والتحكم في السيولة النقدية التي تتحصل عليها الجزائر من ريع المحروقات والتركيز على الأطوار التي تحد من المخاطر على النسيج المؤسساتي هناك.