بسبب صعوبه الاتفاق على حلول سريعة :
الدول المستقبلة والمصدرة تطلق بأبوظبي شراكة لمواجهة انتهاكات حقوق العمال

تاج الدين عبد الحق من أبو ظبي: لم يحسم الاجتماع التشاوري الوزاري بين الدول المستقبلة للعمالة والدول المصدرة لها والذي عقد في ابوظبي اليوم الخلافات بين الجانبين عن المسؤولية القانونية والادبية التي يتمحلها كل جانب تجاه ما يتعرض له العمال الآسيويون من انتهاكات وما يضيع عليهم من حقوق مادية وادبية .

وقد سلط الدكتور علي بن عبد الله الكعبي وزير العمل بدولة الامارات الذي افتتح اليوم ( الثلاثاء ) اعمال الاجتماع الذي تشارك فيه 21 دولة منها 11 دولة مستقبلة و 10 دول مصدرة للعمالة الضوء على المسؤولية التي تتحملها الدول المصدرة ازاء ما يتعرض له العمال من انتهاكات فيما طالب وزراء اسيويون بالمقابل بتحسيين ظروف العمال وتحسيين رواتبهم .

وبدا الجانبان مستعدان لشراكة طويلة تهدف في النهاية الى تطوير اساليب استقدام واستخدام العمالة الاسيوية وتوفير الشروط الانسانية الملائمة . ويشارك في الاجتماعات برونسون ماكينلي مدير عام منظمة الهجرة الدولية وعدد من المسؤولين الدوليين والخبراء العرب والأجانب.

ووصف وزير العمل الدكتور علي الكعبي في كلمتة الافتتاحية إن اللقاء في ابوظبي يمثل محصلة هامة لجهود متواصلة بين وزارة العمل والمنظمة الدولية للهجرة التي استمرت مدة عامين كاملين واستهدفت تطوير أرضية ملائمة لحوار بناء ومستدام بين الدول الآسيوية المرسلة للعمالة المتعاقدة ودول استقبال هذه العمالة quot;.

وأشار الى أن الغرض الأساسي من الحوار هو البحث في استراتيجيات تقوم على الإدارة العادلة والفاعلة لحركة العمالة وقال إننا نجتمع اليوم لاطلاق شراكةفي هذا المجال والاتفاق على تعريف محدد للشركاء والاتفاق على متطلبات هذه الشراكة ومسؤوليات ومهام الشركاء..مشيرا الى أن الشراكة لا يمكن لها ان تتصف بالاستدامة إلا اذا تحقق لها شرط التوافق بين أهداف ورغبات الشركاء .

وفي تأكيد على الطابع المؤقت للعمالة الوافدة ذكر الدكتور الكعبي إنه في حالة العمالة الوافدة المؤقتة لابد من بناء الشراكة على حقيقة إن حركة هذه العمالة يجب أن ينتج عنها قيمة مضافة لكل من له مصلحة فيها سواء كان ذلك على مستوى العامل الذي يترك وطنه لتحسين الاوضاع الاقتصادية له أو لأسرته أو الدول المرسلة للعمالة التي تستفيد من التحويلات من عمالتها في دول الاستقبال او لدول الاستقبال والتي تسهم العمالة الوافدة المؤقتة في جهودها التنموية .

ورأى إن نجاح حركة العمالة الوافدة المؤقتة على المدى الطويل تعتمد بصفة أساسية على مراعاة أن تتم تلبية كل رغبات وأهداف الشركاء..لافتا الى إن الشراكة المنشودة يجب ان تتميز بالالتزام باستخدام أسلوب شامل ومتكامل في إدارة تنقل العمالة الوافدة المؤقتة وهو ما يمكن تحقيقه من خلال التعامل مع هذه الظاهرة على إنها تمثل دورة للتعاقد المؤقت .

وأوضح الكعبي إن هذه الدورة تشمل أربع مراحل محددة هي الاستقطاب والتوظيف والعمل والعودة الى الدولة المرسلة وانه في كل مرحلة من هذه المراحل هناك تحديات وفرص وشركاء مؤكدا ان القدرة على التعامل بفاعلية مع التحديات واستثمار الفرص المتاحة يتطلب منا تحديد أدوار ومسؤوليات كل واحد من الشركاء بكل وضوح .

وقال إن دورة التعاقد المؤقت تبدأ بمرحلة الاستقطاب ومايرتبط بها من عمليات اختيار تتم في الدول المرسلة موضحا إن هناك مشاكل وتحديات خطيرة في هذه المرحلة..مشيرا الى ان الدول المرسلة لهذه العمالة تتحمل المسؤولية تجاه حماية عمالتها من الممارسات الخاطئة وغير القانونية للاستقطاب وفي ذات الوقت فإن الدول المستقبلة لهذه العمالة تتحمل مسؤولية مكافحة الممارسات الخاطئة التي توثر سلبا على مجمل دورة التعاقد المؤقت وينتج عنها الكثير من المشاكل .

واكد ان وزارة العمل بدولة الإمارات العربية المتحدة تعمل بالتضامن مع دول مجموعة كولومبو لتحديث وسائل وقنوات الاستقطاب على الوجه الذي يمنع او يحد من الممارسات التي تستهدف استغلال العمالة الوافدة المؤقتة وتودي الى تصحيح قنوات الاستقطاب و التوظيف .

وأضاف ان الوزارة تعمل بالتضامن مع كل من مجموعة دول كولومبو ومنظمة الهجرة الدولية لتعزيز الجهود الرامية لتطوير برامج تحضيرية لمساعدة العمالة المتوقع حضورها للدولة لفهم حقوقها وواجباتها قبل قدومها .

وذكر إن هذه البرامج تهدف لجعلهم أكثر ادراكا لبنود عقودهم بالقدر الذي يساعدهم في اتخاذ قرارات سليمة قائمة على معلومات وحقائق..مشيرا الى ان في الآونة الأخيرة قامت دولة الامارات العربية المتحدة باستحداث نظام عقود المهام مع ما يستلزمه من تأشيرات مهام بغرض السماح للعمالة الراغبة للقدوم للعمل بالحضور والعمل لوقت قصير قبل التوقيع على عقود طويلة الأجل مع صاحب عمل محدد . وقال الدكتور علي الكعبي إنه بقدوم العامل الوافد المؤقت تنتقل مسؤوليته الى الدولة المستقبلة التي تقوم أجهزتها المختصة بتوفير الحماية في ظل قوانينها وإجراءاتها الوطنية التي تتيح لها الحصول على المنافع العائدة لها من عقود العمل وفي إطار قانون العمل السائد .

ونوه بإجراءات الحماية التي تنظمها قوانين دولة الامارات وإجراءاتها في السنتين الماضيتين لتحسين أوضاع العمالة الوافدة المؤقتة في العديد من المجالات التي شملت السكن والصحة وحماية الأجور .

وأضاف إنه في مجال السكن فإن مجمعات السكن العمالي في إمارتي دبي وأبوظبي أصبحتا نموذجا يحتذى ويتم تعميمها على باقي إمارات الدولة من ناحية ثانية فإن معايير وإجراءات الصحة المهنية والسلامة الصناعية صارت معلما بارزا من جهود الدولة على صعيد التفتيش العمالي..كما تم استحداث وسائل للحماية الصحية التي شملت التوقف الاجباري للعمل في منتصف اليوم في أشهر الصيف لعمال قطاع الانشاءات كما أصبح على أصحاب العمل قانونا إصدار حماية تأمين صحي للعمالة الوافدة المؤقتة.

وأكد أن وزارة العمل الاماراتية اتخذت اجراءات مشددة لحماية اجور العمالة الوافدة المؤقتة وذلك من خلال اجبار اصحاب العمل على إيداع الأجور بصورة مباشرة في المصارف وايضا من خلال انزال عقوبات مالية باهظة على اصحاب العمل لعدم دفع الاجور وكذلك منح العامل اذنا بتغيير صاحب العمل الكفيل اذا تأخر عن سداد رواتب العمالة لمدة شهرين كما ان قضايا الأجور يتم النظر فيها بالسرعة المطلوبة من قبل محكمة مختصة بقضايا العمل بدبي .

وقال إن العمالة الوافدة المؤقتة بدولة الامارات العربية المتحدة تتمتع بحق تحويل مدخراتها لبلدانها الاصلية وقد بلغت حصيلة هذه التحويلات في العام الماضي اكثر من 20 بليون دولار أمريكي .

واكد مدى التزام دولة الامارات تجاه مراعاة ان تكون اقامة العامل الوافد المؤقت ذات فائدة لكل الاطراف كما تلتزم تجاه التنفيذ الصارم للقوانين خاصة تجاه العمالة غير الشرعية او تجاه من يقومون بخرق القوانين السارية والمرعية .

وأضاف إننا دائما على استعداد لمناقشة شركائنا من الدول المرسلة للعمالة بشأن ما يمكننا الاسهام به تجاه اعادة توطين العمالة الوافدة بعد عودتها لأوطانها .

وقد عبر وزراء من الدول المصدرة عن وجهات نظر تتعلق بتحسيين شروط العمل في الدول المستقبلة حيت اقترح بعضهم رفع الحد الادنى للاجور بما فيها اجور خدم المنازل الى 400 دولار شهريا بالاضافة الى المنافع الاخرى كالسكن والتأمين الصحي وتأمين نهاية الخدمة . كما طالبو ا برقابة حكومية اشد على تعامل ارباب العمل المحليين مع العمال الاجانب وعدم التساهل في محاسبة منتهكي حقوقهم .

وعبر خبراء دوليون شاركوا في الاجتماع كمراقبين عن رضاهم عن مستوى النقاش وقالوا في تصريحات لايلاف ان هناك جدية في التعاطي مع هذه المشكلةمنوهين بالخصوص بالتطور الذي تشهده تشريعات دول الخليج لتحسيين ظروف عمل اليد العاملة الآسيوية .

ويقول خبراء عمل خليجيون ان الانتهاكات لحقوق العمال تبدأ في الدول المصدرة التي لاتقوم برقابة كافية على مكاتب العمل التي تتولى توريد العمال للمنطقة حيث تلجا هذه المكاتب الى تقاضي اتاوات على العمال مقابل تأمين التأشيرات لهم وهي اتاوات تصل في بعض الاحيان الى راتب عام كامل في بلد الغربة . واعترف خبراء خليجيون بوجود حالات تواطؤ بين هذه المكاتب وبين اطراف في الدول المستقبلة لكنهم قالوا ان هناك صعوبة في كشف عمليات التواطؤ المشار اليها .

وباستثناء الفلبين التي تلزم مستخدمي عمالها بتوقيع عقود رسمية مع العمال بحد ادنى للاجور لا تزال دول آسيوية اخرى تتردد في تطبيق هذه الحدود بسبب مستوى العمالة لديها والتي تمنعها من التشدد في اشتراطاتها فضلا عن وجود فائض في اعداد طالبي العمل من هذه الدول .

وتشكل عمليات التسلل غير المشروعة احد المشاكل التي يواجهها الفريقين الا ان الدول الخليجية تقول انها وضعت تشريعات جديدة تعاقب من يسهل عمليات التسلل كما تمنع ارباب العمل من تشغيل المتسللين . لكن الدول المصدرة ترى ان التشريعات وحدها قد لا تكون كافية بل انها قد تكون حجابا تتستر وراءه عمليات انتهاكات خطيرة لا يستطيع العمال الافصاح عنها خوفا من العقوبة . ويقول خبراء آسيويون ان استغلال العمال الاسيويون الذين يأتون للعمل عبر التسلل تكاد تكون ظاهرة في دول المنطقة والسبب ان هذه الدول لاتتعامل بجدية مع الذين يستخدمون هؤلاء العمال بشروط لا انسانية مستغلين حاجتهم للعمل وخوفهم من القانون .

وكان مسؤول خليجي قد قدر عدد العمالة الوافدة في الخليج بحوالي 14 مليون عامل اي ما يزيد على 80 % من حجم القوى العاملة في المنطقة . وقدر عبد الرحيم نقي امين عام اتحاد الغرف الخليجية قيمة تحويلات العمال الاجانب في المنطقة بحوالي 25 مليار دولار سنويا .