محمد العوفي من الرياض
توالت القضايا المرفوعة ضد شركات التبغ في العالم بعدما رفعت السعودية ممثلة في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في 2001 أول قضية ضد شركات التبغ خارج الولايات المتحدة مطالبة شركات التبغ بمبلغ 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار) تمثل المصروفات المباشرة التي تكبدها المستشفى على مدى الـ 25 سنة الماضية لعلاج حالات السرطان وأمراض القلب الناتجة من التدخين.
وتشمل قائمة الجهات المطالبة بدفع هذه التعويضات شركة فيليب موريس، والشركة الشرقية للدخان ووكيلها شركة عبداللطيف سعود البابطين وإخوانه للتجارة والمقاولات، وشركة بي أيه تي المحدودة (الشركة البريطانية الأميركية للتبغ) ووكيلها شركة محمد عبيد بن زقر وشركاه، وشركة روثمان أوف بول مول (اوفرسيز) المحدودة ووكيلها شركة محمد عبدالوهاب ناغي وأولاده، وشركة اميركان توباكو كومباني، وشركة امبيريال توباكو انترناشنال ليمتد، وشركة سويشر انترناشينال جي امي بي اتس وشركاه ووكيلها مجتمعة شركة التجارة العمومية، وشركة جيه تي انترناشيونال المحدودة، وشركة تاروما انك وشركة التبغ والكبريت الوطنية وشركة لاكسون للتبغ ووكيلها مجتمعة شركة زيد القريشي وإخوانه، وتضم هذه القائمة كافة الأسماء الرئيسة المستوردة لمنتجات التبغ والمعتمدة لدى وزارة التجارة.
وترتكز الدعوى التي قدمها مستشفى الملك فيصل التخصصي على 9 محاور منها أن شركات التبغ ضللت المستهلكين والحكومات بمعلومات غير صحيحة عن تأثير التدخين على صحة الإنسان وتعمدت نشر معلومات تنفي أي صلة بين التدخين والأمراض المرتبطة به، وأيضا لأنها تعمدت تصنيع التبغ بتركيبات تؤدي إلى الإدمان عليه بل إلى سرعة الوقوع في ذلك الإدمان، وان شركات التبغ توافرت لديها معلومات مؤكدة من خلال البحوث والدراسات التي كانت تجريها في معاملها ومراكزها البحثية تثبت أضرار التدخين وصلته ببعض الأمراض، وقد عمدت الشركات إلى إخفاء تلك المعلومات وحجبها عن المجتمعات والحكومات في مؤامرة متعمدة للتضليل وإخفاء الحقيقة، إضافة إلى أنها تلاعبت ببعض المعلومات المتعلقة بنسب النيكوتين في منتجاتها، خاصة ما هو موجه منها للتسويق في مناطق العالم الثالث، وأيضا لأنها استهدفت في حملاتها الإعلانية الأطفال والقاصرين لإيقاعهم في الإدمان على التدخين، واستعملت التضليل والتزوير في حملاتها الإعلانية ما أوقع كثيرا من المدخنين في حبائلها، كما استخدمت عن سوء قصد أساليب متطورة للتأثير على العقل الباطن لضحايا إعلاناتها المختلفة وأسرهم رغما عن إراداتهم في عادات التدخين، ولان شركات التبغ اعترفت صراحة وضمنا بمسؤوليتها عن جرائمها الكبيرة من خلال وثائق رسمية منها تدينها إدانة كاملة، كما أقدمت على تسويات خارج المحاكم مع أطراف عديدة لتفادي صدور أحكام كان من المؤكد صدورها ضدها، إلا انه منذ ذلك الحين والغموض يحيط بما آلت إليه الدعوى التي قدمها المستشفى، ولم يتسن لإيلاف الاتصال بالمحامي المكلف بالترافع عن المستشفى التخصصي.
وفي سياق متصل ،ذكرت وزارة الصحة السعودية في ديسمبر الماضي أنها ستطالب شركات عالمية للتبغ بتعويضات تبلغ 19 مليار دولار من خلال دعوى قضائية هي الأولى من نوعها في المنطقة وتوضح مدى حرص المملكة على مكافحة التدخين بعد أن قبلت المحكمة الدعوى التي قدمتها الوزارة 13 مارس (آذار) الماضي،وحددت لها جلسة أولى في 11 سبتمبر (أيلول) الماضي لم تتبين نتائجها حتى الآن.
وتحتل السعودية المرتبة 23 في استهلاك التبغ فيما ارتفع عدد المصابين بسرطان الرئة إلى 2350 حالة سرطان منهم 374 امرأة، ويستهلك السعوديون نحو 15 مليار سيجارة سنويا.
ويذكر أن السعودية استوردت في عام 1972 حوالى 4.5 ملايين كيلوغرامات من التبغ ، ويعادل الكيلوغرام 1250 سيجارة. وازدادت الكمية المستوردة تباعا حتى وصلت 42.5 مليون كيلوغرام عام 1984 بنسبة زيادة سنوية أكثر من 80 %. وانخفض الاستهلاك قليلا عام 1991 بسبب حرب الخليج الثانية وغزو الكويت . ولكن الاستهلاك ارتفع مرة أخرى، ففي عام 1994 كانت المملكة تستورد 45 مليون كيلوغرام من التبغ تبلغ قيمتها السوقية أكثر من ألفي مليون دولار
.ونجحت الحملات في الولايات المتحدة في العقد الأخير من القرن العشرين في كسب مجموعة من القضايا ضد شركات التبغ، وفرضت عليها مجموعة من التعويضات بآلاف الملايين. ومن أبرزها: اضطرت شركات التبغ إلى تسويات مع الحكومات المحلية للولايات المتحدة بدفع تعويض بمبلغ 386 ألف مليون دولار يتم دفعه على أقساط على مدى عشرين سنة تبدأ من سنة 1999. وأشار: بلغت القضايا ضد شركات التبغ في الولايات المتحدة أكثر من 800 قضية.
ولا تقبل الولايات المتحدة أي قضية ضد شركات التبغ من دول أجنبية . وقد رفضت الولايات المتحدة مئات بل آلاف القضايا من مختلف دور العالم ، بما فيها دعوى مقدمة عن مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض الذي طالب بآلاف الملايين من الدولارات التي أنفقها المستشفى لمعالجة مرضى التدخين خلال السنوات العشرين الماضية.
وسبق أن كسب مضيفو الطيران في فلوريدا قضية ضد شركات التبغ ، وحصلوا على تعويض بمبلغ 350 مليون دولار ، كما كسبت شركة بلوكروس شيلو 469 مليونا كتعويضات لموظفيها من أضرار التدخين.