في ندوة نظمتها غرفة الشرقية
اقتصاديون : غياب المعلومة يصعب من تحديد أثر الأزمة المالية على الاقتصاد المحلي

مشعل الحميدي من الخبر
قال رئيس غرفة الشرقية عبدالرحمن الراشد إن الأزمة المالية العالمية ستلقي بظلالها على جميع أنحاء العالم إلا أن التأثير سوف يختلف من منطقة لأخرى ومن دولة لأخرى. مشيرا إلى أن تقارير البنك الدولي تذكر أن الاقتصاد العالمي دخل في تباطؤ كبير نتيجة هذه الأزمة، كما خفض البنك من توقعاته للنمو الاقتصادي، إلا أن صندوق النقد الدولي ذكر أن تأثير أزمة الائتمان العالمية الراهنة على اقتصاديات دول الشرق الأوسط محدود نسبيا، مذكراً بأن منطقة الشرق الأوسط تواجه ضغوطا تضخمية مع تراجع طفيف لمعدل النمو جاء ذلك على هامش ندوة التي أقامتها غرفة الشرقية تحت عنوان quot;الأزمة المالية العالمية وانعكاسها على الاقتصاد السعوديquot; .

وأشار الراشد إلى تأكيد مؤسسة النقد العربي السعودي بأن وضع الاستثمارات السعودية الخارجية جيد وسليم وأن الاستثمارات السعودية متحفظة ولا تدخل في استثمارات عالية المخاطر. كما أن السيولة بالأسواق متوافرة وليس بها أي نقص. كما اتخذت المؤسسة كذلك إجراءات عدة لطمأنة أسواق المال حيث خفضت سعر الريبو وأيضا خفضت الاحتياطي الإلزامي للبنوك.

وذكر الراشد أن المشاريع التنموية التي تمتد إلى كافة أنحاء مناطق المملكة حيث دشن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز خلال الأسبوع الحالي مشاريع بمئات المليارات من الريالات إضافة إلى الدعوات الدولية التي طالبت بإدخال أعضاء جدد لمجموعة الثماني الكبرى يأتي على رأسها المملكة تؤكد متانة الاقتصاد السعودي محذرا ً من أنه إذا حدث انهيار شامل للنظام المالي العالمي فلن نكون بعيدين عنه إلى أن تحذيرات رئيس البنك الدولي لا تدفع بطريق التفاؤل، الأمر الذي يحتم علينا أن نتدارس هذه الأزمة وأين نحن منها؟! وكيف يمكن لنا أن نتعامل مع هذه الأزمة؟!

وبين الراشد أن المملكة مرت بأزمات سابقة واستطاعت ـ بحمد الله ـ أن تجتازها وليست أزمة أسواق جنوب شرق آسيا عنا ببعيد وأيضا أزمة الخليج وكذلك أزمة انخفاض النفط إلى أدنى مستوياته حتى وصل إلى سبعة دولارات للبرميل، ومع ذلك واصلت المملكة خططها التنموية واجتازت كل هذه الأزمات وغيرها. مؤكدا أن رأس المال يحتاج إلى تطمينات حتى يستطيع الاستثمار ويتحرك بحرية، وبلدنا ولله الحمد مقبلة على مشاريع كبيرة لابد من تنفيذها لذلك فإن فهم ما يجري حولنا عالميا هو السبيل الوحيد ليستمر النمو الاقتصادي لبلادنا.

وكانت ندوة quot;الأزمة المالية العالمية وانعكاسها على الاقتصاد السعوديquot; التي شارك فيها كل من أستاذي الاقتصاد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور سليمان السكران والدكتور عبدالله الحربي والمحللين الاقتصاديين المستشارين بشركة أرباح المالية محمد العمران وآمار ميهتا حيث تحدث مدير شركة أرباح المالية سعد بن عايض حصوصة والذي أدار الندوة فقال أن الأزمة المالية العالمية انطلقت شرارتها الأولى من أزمة الرهن العقاري وبدت ككرة الثلج تكبر كلما تدحرجت حيث أصابت معظم دول العالم. بعد ذلك تحدث المحلل المالي المستشار بشركة أرباح المالية آمار ميهتا فأوضح أن التوسع في القروض والارتفاع الكبير في أسعار العقارات وتوقف المقترضين عن السداد وقيام المؤسسات المالية بشراء السندات المالية عدة مرات وتداول الرهون العقارية دون رقابة كل ذلك أدى إلى هذه الأزمة التي عصفت بالجميع.

وأكد أن ضعف الرقابة المالية واندفاع الكثيرين نحو المخاطرة تسبب في خروج الأزمة عن دائرة السيطرة مما أدى إلى انهيار مؤسسات مالية وتأميم أخرى وعدم الثقة بالنظام المالي وإحجام الكل عن إقراض البنوك أو الأفراد مما دفع البنوك المركزية في مجموعة السبع إلى التدخل وبدأت خطط الإنقاذ في أمريكا وأوروبا واليابان ومجموعة العشرين وأجمع الكل على ضرورة استعمال جميع الأدوات المتاحة لتأمين الاستقرار للنظام العالمي.

و تحدث الدكتور عبدالله الحربي فشدد على أن أسباب الأزمة اقتصادية وسلوكية مشيرا إلى ازدهار شركات التقنية ثم الأزمة التي حدثت لها فاتجه المستثمرون إلى الأسهم، وحينما تعرضت الأسهم لهزات اتجه إلى العقار والذي بدأت منه المشكلة. حيث استثمر فيه الكثيرون وتم استخدام المشتقات المالية وبإفراط كبير، أما المشكلة السلوكية فهي أن أمريكا اتخذت خط الإنفاق غير العقلاني، فبدلا من استخدام الفائض في التنمية واستحداث وظائف وجه الفائض في مسائل سياسية.

وأبدى الحربي عدم تفاؤله بخطط الإنقاذ لأنه تم معالجتها على أنها مشكلة ائتمان فقط مما يعني أن التركيز على أعراض المشكلة وليس أسبابها وهذا لا يحلها. مبينا أن آثار الأزمة ستطول المملكة نظرا لاقتصادها المنفتح وليست هناك قيود على حركة رؤوس الأموال فيها إضافة على ارتباط عملتها بالدولار واعتمادها على النفط والمسعر بالدولار، مما يؤكد أن أية أزمة ائتمان أو مشكلة اقتصادية لابد أن تطول المملكة. وأوضح أن خطط الإنقاذ كلها ركزت على تمويل الجهاز المصرفي وتركت الشركات الصغيرة وهي الأهم.

وتحدث الدكتور سليمان السكران فذكر أنه لمعرفة الخلل ومدى انعكاسه علينا لابد أن نعرف الأزمة هل هي أزمة ديون خارجية أو أزمة سعر صرف أو أزمة مصرفية. وعموما فإن الاقتصاد الأمريكي يختلف عن بقية الاقتصاديات والأزمة مصرفية وهي عدم قدرة المصارف على تمويل المقترضين. حيث حدث عدم وجود تطابق بين أصول وخصوم البنك. وتساءل لماذا تتعرض المصارف لمثل هذه الهزات؟! وقال إنه كلما زاد العائد زادت المخاطرة ويجب أن يكون هناك توازن بين العائد والمخاطرة من جراء تفعيل المنشأة. وأشار إلى أن المصارف تستثمر في المجالات عالية المخاطرة خاصة أن المتنفذين فيها يحصلون على عمولات مما دفع هذه المصارف إلى الاستثمار وبشكل كبير في الاستثمارات الخطرة.

وأوضح أننا لا يمكن أن نقول بعدم تأثر المملكة من هذه الأزمة ومشكلتنا هنا في المملكة غياب المعلومة الصحيحة وعدم الشفافية فنحن لا نعرف عن استثمارات بنوكنا في الخارج ولا استثمارات مؤسساتنا الحكومية .

واستبعد أن تتمخض الأزمة المالية العالمية عن ولادة نظام مالي جديد إلا أننا يمكن القول بأنه سيتم تهذيب النظام الحالي ومراجعة قوانينه وإعادة صياغة له وسيستمر النظام في الاعتماد على القروض والتمويل والبنوك الاستثمارية وتفعيل القطاع الخاص ولن يكون هناك اشتراكية أو تأميم سواء في الدول المتقدمة أو الناشئة.

وتحدث المحلل المالي محمد العمران فبين أنه ينظر إلى المشكلة من زاويتين الأولى التغيرات الاقتصادية فمنذ 3 شهور ارتفع سعر الدولار الأمر الذي انعكس على أسعار النفط والذهب وغيرها. والثاني انهيار كبرى المؤسسات المالية واهتزاز ثقة المستثمرين بهذا النظام. لذلك لابد أن ننظر للقطاع المصرفي في المملكة بحكم استثماراته في مجال الإقراض وفي السندات ذات الدخل الثابت والمتغير وهل السندات من حكومات أو غير ذلك. وهذا غير واضح.

كما يجب أن ننظر إلى أرصدة مصارفنا لدى أمريكا وما يمكن أن يطمئن المصارف المراسلة. موضحا أن سياسات البنوك متحفظة. أضافة إلى أن مؤسسة النقد لها مواقف مشرفة مع أزمات البنوك المحلية مشيرا إلى أن المؤسسة لدها احتياطي يقدر 1.6 تريليون ريال وهو ما يضمن ودائع ودائع كافة العملاء ولا يمثل ذلك سوى 50% فقط من هذا الاحتياطي.

واعترف العمران بأن هناك أخطاء لكنها محدودة موضحا أن تأثيرا الأزمة العالمية ستكون رغم محدوديتها في استثمار بعض الشركات في أسهم شركات عالمية أو حصص في شركات عالمية موضحا أن المخاطر محدودة. كما أن درجة الانفتاح فيما يتعلق بالسماح للأجانب بالتملك داخل المملكة محدود أيضا مما يعني أنه لا ثقل لهم.

وبين العمران أن خطة الإنقاذ الأمريكية اعتمدت 700 مليار دولار لشراء الأصول المتعثرة بالسعر السوقي مما يؤكد أن لدى البنوك خسائر محققة ولكن يتم إطفاؤها على مدى سنوات طويلة، وهذه الأموال التي سيتم ضخها ستعمل على استمرار هذه المؤسسات في الاستمرار في عملها لكنها لا تضمن لها تحقيق أرباح، لذلك فإن الاقتصاد الأمريكي سيدخل ركودا يستمر بين 5 إلى 8 سنوات. وأكد أن أمام المملكة فرصة كبيرة للنمو خلال الفترة القادمة بحكم أنها تعتمد على تصدير النفط.

ورداً على سؤال عن المصارف الإسلامية قال العمران إن البنوك الإسلامية في المملكة أقل البنوك إيداعا في بنوك المراسلة وبالتالي فهي بعيدة لكننا لا نعلم عن استثماراتها في العقارات أو السوق الأمريكية.

وردا على سؤال عن أيهما الأفضل للاستثمار داخل المملكة أم الأسواق الخارجية قال الدكتور السكران أن الاستثمار في الأسواق الناشئة أفضل ومنا المملكة مشيرا إلى أن الأزمات هي التي تصنع الثروات والفرص كبيرة وعلينا الاستفادة منها. وحول فك ارتباط الريال بالدولار ، وقال السكران إنني لا أشجع على ذلك فالمطالبة كانت لتخفيض التضخم والآن وبعد هذه الأزمة انخفض التضخم فلماذا فك الارتباط موضحا أن من أهم شروط العملة الخليجة الموحدة هو وجود عملة ترتبط بها جميع العملات من أجل تقييمها .