ايلاف من المنامة: ذكر تقرير اقتصادي صادر عن بيت التمويل الخليجي أن دول مجلس التعاون تواجه تداعيات الأزمة المالية العالمية على ثلاث جبهات.

فقد بين التقرير أن عوامل انخفاض أسعار النفط الخام ، وتقلص تدفق رؤوس الأموال الخارجية ، وتراجع الطلب على مواد البناء والصناعة، سوف تؤدي إلى تراجع النمو السريع الذي شهدته المنطقة في السنوات الأخيرة. مع ذلك، سيساهم استمرار الإنفاق الحكومي في التقليل نسبيا من أثر الأزمة العالمية علي النمو الاقتصادي.

وذكر التقرير الصادر بعنوان quot;اقتصاديات دول مجلس التعاون وإستراتيجية الربع الرابع للعام 2008quot; ، أن وتيرة النمو الايجابية لاقتصاديات المنطقة ستستمر مادامت أسعار نفط برنت الخام أعلى من مستوى 60 دولار أمريكي للبرميل .

وبصورة عامة ، مازال القطاع المصرفي في دول مجلس التعاون يتمتع بالمتانة، ففي أكثر بلدان المنطقة ، تعتبر نسبة تعرض المصارف للأصول ذات المخاطر العالية منخفضة.

وفي تعليق له بشأن التقرير، صرح الدكتور علاء اليوسف - كبير الاقتصاديين لبيت التمويل الخليجي - بالقول : quot; إننا متفائلون بشكل معقول، فقد تخطت اقتصاديات دول مجلس التعاون أصعب تحديات العاصفة المالية العالمية بدون أي تداعيات خطيرة على هيكل نظامها المالي quot;

من جهة أخرى ، ذكر التقرير أن دول مجلس التعاون تنظم آليات العمل ردا على التحديات الراهنة وأن آفاق الاقتصاد الخليجي تبدو متفائلة. فبعد أعوام من الارتفاع المطرد في أسعار النفط التي عززت تزايد الإنفاق الحكومي وحققت طفرة اقتصادية في عدة قطاعات ، أضحت اقتصاديات دول مجلس التعاون تتمتع بموقف مالي قوي في وجه الأزمات المالية و الاقتصادية. وقد حصنتها الفوائض المالية الضخمة المسجلة في كل من القطاع العام والخاص لتكون في أحسن استعداد لتخطي تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية .

وأضاف الدكتور علاء اليوسف :quot;نتوقع أن يعتدل النشاط الاقتصادي خلال العامين القادمين ويسجل نسب نمو تقدر بـ 4 - 5 % ، كما نتوقع أن تتراجع معدلات التضخم quot; . وأشار إلى أنه : quot; إذا استبعدنا انخفاض طويل المدى في أسعار النفط ، فلن تتعرض دول مجلس التعاون إلى أي صدمات في نظامها الاقتصادي بفضل متانة أسسها الاقتصادية والمصرفية . مع ذلك ، يبقي الانخفاض في أسعار العقارات، خاصة في الإمارات العربية المتحدة، موضع قلق quot; .

و طبقا للتقرير، فان دول الخليج سوف تكون ضمن المجموعة الرابعة و الأخيرة من الدول التي ستتأثر بالأزمة المالية العالمية، بعد تأثر، أولاً الولايات المتحدة الأمريكية، و ثانياً باقي مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى و ثالثاً الدول الناشئة ذات الاستهلاك المرتفع من السلع و على رأسها النفط الخام.

bull; من جهته ، أوضح السيد هاني جنينة، الاقتصادي الأول لبيت التمويل الخليجي، أن الأزمة الاقتصادية العالمية امتدت إلى دول مجلس التعاون من خلال ثلاث قنوات رئيسية تشمل: أولاً - انخفاض أسعار النفط الخام ، فهي تشكل تحديا رئيسيا لتوقعات النمو في دول مجلس التعاون في الأجل البعيد، بغض النظر عن التحديات التي تطرحها تقلبات الأسواق الحالية. ولكن مادامت أسعار نفط برنت الخام فوق معدل 60 دولار أمريكي للبرميل، ستواصل اقتصاديات دول مجلس التعاون تحقيق فوائض مالية. وفي ظل الأسعار الحالية، ستتراجع عوائد النفط بنسب لا تقل عن 40% في العام 2009 بالمقارنة مع العام 2008، مما سيؤدي إلى تراجع الفوائض في الحسابات المالية والحسابات الجارية.

bull; ثانياً - نزوح رؤوس الأموال الخارجية، فكان لها الأثر الكبير في تراجع السيولة لدي البنوك وبالتالي ارتفاع نسب الفائدة بين البنوك في أنحاء دول مجلس التعاون. وظهرت هذه الصورة بوضوح في الإمارات العربية المتحدة، حيث تضاعفت نسب الالتزامات الخارجية إلى إجمالي الالتزامات أربع مرات من 6.5% إلى 25% في الفترة بين مطلع العام 2007 وحتى مارس 2008. و علي سبيل المثال، فالبيانات تشير إلي خروج نحو 7 مليار دولار أمريكي، نحو 3% من الناتج المحلي الاجمالي، في الفترة من يناير وحتى منتصف أكتوبر من العام 2008 من سوق دبي المالي.

bull; ثالثاً - تراجع الطلب العالمي على مواد البناء والصناعة التي تتطلب كم كبير من الطاقة، فهي من أكبر القطاعات في دول مجلس التعاون بعد قطاع النفط. هذا وتسبب التراجع في الطلب على هذه المواد إلى جانب انخفاض تكاليف الشحن بضغوط كبيرة على المنتجين في دول مجلس التعاون تمثلت باشتداد حدة التنافس في الأسعار. وتسري هذه الضغوط لخفض الأسعار في ظل تزايد فائض الطاقات الإنتاجية من هذه المنتجات في دول مجلس التعاون.

وفي هذا السياق ، أوضح السيد جنينة بالقول: quot;بالرغم من السيناريو الأساسي الذي يسوده قدر من الحذر حيث أشرنا به إلى تباطؤ وتيرة النمو في العام 2009، ستبقى اقتصاديات دول مجلس التعاون تتميز بالمتانة، بسبب حجم المدخرات المتراكمة خلال سنوات اليسرquot; . وأضاف: quot;بصورة عامة ، تتميز مصارف دول مجلس التعاون الخليجي بسلامتها ، فبعد مرور عام على الأزمة الاقتصادية العالمية ، تشير نتائج الربع الثالث للعام 2008 في أكبر مصارف المنطقة إلى أنها ما زالت تتمتع بربحية عالية quot;.

هذا وتعتبر نسبة تعرض المصارف إلى الأصول الخارجية عالية المخاطر منخفضة في أكثر دول مجلس التعاون، وذلك لانخفاض نسبة الأصول الخارجية إلى إجمالي الأصول، حيث تقدر هذه النسبة بين 10-20%. وأضاف السيد جنينة موضحاً : quot;من الجدير بالذكر أن الجزء الأكبر من أصول البنوك الخارجية، التي تقدر بحوالي 200 مليار دولار أمريكي، هي أوراق مالية عالية الجودةquot; .

إلى ذلك، تقدر الأصول الخارجية في المصارف المركزية وصناديق الثروات السيادية في المنطقة بما يقارب 2 تريليون دولار أمريكي، مما يؤهلها للتدخل المؤثر في حال الحاجة لدعم النظام المصرفي .