كامل الشيرازي من الجزائر : قالت بيانات رسمية جزائرية حديثة حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منها، إنّ حجم ثروة المورّدين من الإعفاءات الجمركية في الجزائر بلغ 12 مليار دولار، ويتعلق الأمر بعمليات استيراد قام بها متعاملون محليون وخصت مركبات سياحية وأجهزة مختلفة وكذا أغراض استهلاكية أخرى، واستفادوا إثرها من إعفاءات جمركية بموجب امتيازات جرى تمكينهم منها على مدار الفترة الماضية، وهو وضع لا ينظر إليه كثير من المراقبين بعين الرضا.


ويدعو خبراء هناك لإلغاء الإعفاءات الجمركية بالكامل في الجزائر، سيما بعدما تأكد تداول السلع المعفاة، بشكل واسع في الأسواق المحلية وبشكل خاص في الأسواق الموازية، ويرى المختص quot;عبد الحق العميريquot; أنّه كان من الأجدى توظيف 12 مليار دولار في برامج استثمارية ضخمة، بدل تقديمها على طبق للموردين الذين استغل كثير منهم أزمات المواد الاستهلاكية، ليسهموا على طريقتهم في المضاربة، مثلما حصل في مادة البطاطا حيث أقدمت الحكومة الجزائرية على إعفاء مستوردي البطاطا من الرسم على القيمة المضافة، وكافة الرسوم الجمركية لأشهر عديدة، كما تتحدث مراجع محلية عن ممارسات مغلوطة لبعض الموردين المتحايلين، تبعًا لكون جزء مهم من السلع المستوردة بإعفاءات جمركية، جرى العثور عليه وهو يُباع مجددًا في الأسواق المحلية، علما أنّه يُفترض توجيه السلع المعنية إلى مشاريع استثمارية مُعلنة.


ولقطع الطريق على هذه الممارسات، ووضع حد لظاهرة الإعفاء الجمركي، أقرت الحكومة الجزائرية سلسلة تدابير للتصدي لهذا الوضع غير الصحي، من خلال التدقيق في مدى مطابقة تصريحات المورّدين، ولن يتسنّ الحصول على أي امتيازات، حيث ستتعاطى دوائر القرار بمعايير أكثر صرامة مع طلبات الحصول على مزايا جبائية أو جمركية، كما لن تكون كل السلع قابلة للاستفادة من امتيازات، تمامًا مثل تنفيذ الاستفادة الذي لن يتّم إلا بعد صدور السجلات التجارية تبعًا لتعامل قطاع من الموردين بأسماء وهمية أو بسجلات تجارية مزورة.


وأعلنت المديرية العامة للجمارك أنها ستشرع ابتداء من العام القادم في تعميم نظام المراقبة البعدية على السلع المستوردة، من خلال مراقبة السلع خارج الموانئ وإبرام عقود مع مختلف شركات الاستيراد، وهو ما سيسمح بتقليص فترة مكوث السلع في الموانئ وفي الأماكن التي تخضع لسلطة الجمارك، بحيث سيلجأ أعوان الجمارك إلى مراقبة السلع المستوردة في المواقع وأماكن التخزين بدل مراقبتها عبر الحدود، وستخص عملية المراقبة اليدوية أو بجهاز السكانير على الحدود السلع المشبوهة فقط، وكذا الواردات القادمة من بعض المناطق المحددة، وهي كلها تدابير سيقرها القانون الجديد للجمارك الذي سيصبح عمليًا بنهاية العام الحالي.

وأوضح quot;قدور بطاهرquot; مدير التشريع والتنظيم على مستوى الجمارك الجزائرية، أنّ مصالح الأخيرة ستقوم بإبرام اتفاقيات مع مختلف الموردين لتمكينهم من الاستفادة من نظام الرواق الأخضر، ما سيمكن الشركات من تسوية إجراءات الجمركة عبر النظام الالكتروني، وذلك تجاوبًا مع اتفاقية الشراكة الجزائرية الأوروبية، والتي تضمنت رفع القيود الجمركية على السلع المستوردة من الدول الأوروبية.

وتسعى الجزائر إلى تكييف تشريعاتها بما يتناسب مع المرحلة القادمة، على نحو يكفل تدارك عديد النقائص التي ظهرت في الميدان خاصة بعد إزالة بعض التعريفات الجمركية، وسيمكن قانون الجمارك الجديد، من إدخال تدابير مرنة، في ما يخص الرقابة، وكذا منح بعض الامتيازات للمجموعات التجارية الأجنبية التي تقيم مشاريع في الجزائر بغرض التصدير، بحيث سيسمح لهذه المجموعات باستيراد مواد أولية معفية من الرسوم، ويخص الإجراء أيضًا عموم التجهيزات التي يُعاد تركيبها في الجزائر بغية تصديرها للخارج، بحيث سيتم إعفاء كل المدخلات من الحقوق الجمركية المفروضة على السلع المستوردة من الخارج، كما سيكون بإمكان الشركات المتعاقدة مع الجمارك الاستفادة من عمليات الجمركة عن بعد، وإخراج السلع من الموانئ مباشرة عبر الرواق الأخضر، على أن يتم إخضاعها للرقابة في مرحلة لاحقة داخل المصانع أو على مستوى أماكن التخزين، علمًا أنّ عمليات الرقابة ستخص فقط السلع (المشبوهة) سيما تلك القادمة من دول تصنفها الجزائر ضمن لائحة الدول المعروفة بتقليد المنتجات.