عبدالله المغلوث

سعادة المهندس علي بن صالح البراك
الرئيس التنفيذي للشركة السعودية الموحدة للكهرباء المحترم

تحية طيبة وبعد،
أعلم جيدا حجم انشغالكم وقلقكم في هذه الأثناء؛ لذلك سأختزل رسالتي إليكم في جملة موجزة هي: أرجوك أن تستقيل!
أتعلم لماذا أطلب منك أن تستقيل؟
ليس لأن شركتك شردت الفرح، وأطفأت الأعراس، وأخمدت المصانع، أول من أمس الأربعاء 23/7/2008 في الرياض والجبيل، والأحساء، والدمام، والقصيم، والخفجي، وحائل، بل لأنك وعدتنا على رؤوس الأشهاد أن الكهرباء لن تنقطع هذا الصيف، وأنك ستواجه هذا الموسم الحار مسلحا بـquot;خطط متكاملةquot;.
سأذكرك سيدي بتصريحك الذي أدليت به للزميل عبيد السهيمي لمصلحة جريدة quot;الشرق الأوسطquot; قبل 43 يوما فقط، والمنشور في يوم الجمعة 9 جمادى الآخرة 1429 هـ 13 يونيو 2008، العدد 10790، وقلت فيه بالحرف الواحد :quot;شركة الكهرباء وضعت خططا متكاملة لمواجهة فصل الصيف وكذلك رمضان، لتوفير الطاقة الكهربائية دون انقطاع عن المستهلكين سواء في المنازل أو المصانعquot;.
استقل يا سيدي فخططك لم تجد.
أتعلم لماذا أطلب منك أنك تستقيل؟
لأنك رغم الخطأ الكبير الذي ارتكبته وفريقك في حقنا، لم تكلف نفسك حتى لحظة كتابة هذا السطور باعتذار صريح وتعويض ولو طفيفا. كأننا لا شيء، كأننا صفر على الشمال، لا نقدم ولا نؤخر، بل أصررت أن تستفزنا بتصريح نقله على لسانك quot;جوال إحدى الصحفquot; ورميته في وجوهنا، قلت فيه quot;سنكلف فريقا للتحقيق في العطلquot;.
ألا تعلم يا عزيزي أننا كسعوديين سئمنا من هذه الجملة التي تختتمون بها بياناتكم، والتي أصبحت لا تعني لنا سوى شيء واحد:quot;لا تنبسوا ببنت شفةquot;.
أتعلم لماذا أطلب منك أن تستقيل؟
لأنني أعلم أن معنويات موظفيكم منخفضة، وأنها وصلت إلى أدنى مستوياتها. وهذا أمر مقلق ومفجع في نفس الوقت. فكيف نثق بأدائكم.
يا سيدي، شركتكم كانت حلما لأبرز الموارد البشرية. كانت تنافس أرامكو وسابك. الآن لم تعد في أجندة الشبان، والأسوأ من ذلك أن أبرز عناصر الشركة تسربوا وانتقلوا إلى مؤسسات وأجهزة تقدر طاقاتهم.، فيما أنتم لم تحركوا ساكنا. لم تحركوا سوى ألسنتكم.
أتعلم لماذا أطلب منك أن تستقيل؟
لأنك لم تدرك فداحة الانقطاع حتى اللحظة. القضية ليست مجرد ملايين ريالات خسرتها مصانع الجبيل، وخسرها بدوره الوطن. القضية أكبر من ذلك. القضية أن نصف الوطن خرج إلى الشارع!
المواطنون لا يملكون مولدات احتياطية كما تملكون. لا يملكون استراحات وخيارات بديلة كما تملكون.
كنت أتمنى لو أنك شاهدت العذاب الذي تعرض له جارنا وهو يخرج أمه العجوز وابنته المعاقة من المنزل بعد كادتا تموتان من الاختناق والحرارة. كنت أتمنى لو أن رأيت عرقه وهو يختلط بدموع أطفاله وصراخهم، وكيف أن الظلام الحقيقي خيم على وجوه الحي وهم يرون هذا المشهد الدرامي الذي أجزم أنه تكرر مئات المرات أول من أمس.
أتعلم لماذا أطلب منك أن تستقيل؟
لأن شركتك أفسدت ليلة عمر عشرات الشباب. هذه الليلة التي أنفقوا في انتظارها آلاف الساعات والريالات والانفعالات والأحلام.
كيف سيتذكر العرسان هذه الليلة القاحلة.
هل أخبرك أحد بمشاعر عريس وعروس تزوجوا أول من أمس. بعضهم أيقن أن الانقطاع quot;فأل سيئquot;!
أتعلم لماذا أطلب منك أن تستقيل؟
لأني لا أثق باستعداداتكم لمواجهة أي كارثة طبيعية، لا سمح الله.
فأنتم لم تستطيعوا إدارة كهربائنا في الظروف الطبيعية فكيف في الظروف الحرجة أبعدها الله عنا وعنكم.

أتعلم لماذا أطلب منك أن تستقيل؟
لأننا لن نثق بتصريحاتك المقبلة!

*كاتب سعودي